شراكة في الطاقة المتجددة تعطي دفعة للتعاون بين المغرب وهولندا

رئيس الحكومة المغربية يثمن الموقف الإيجابي للحكومة الهولندية تجاه الوحدة الترابية للمملكة ويؤكد أن بلاده ستساعد المقاولات الهولندية على ولوج أسواق أفريقيا.

الرباط – بحث رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روته في الرباط الأربعاء، سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في عدة المجالات، وتوّجت المباحثات بتوقيع اتفاقية شراكة ومذكرة تفاهم في مجال الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر.

ويأتي توقيع هذه الاتفاقية ومذكرة التفاهم خلال زيارة غير محددة المدة بدأها روته صباح الأربعاء إلى المغرب، رفقة وفد من المسؤولين ورجال الأعمال، وفق بيان لرئاسة الحكومة المغربية.

وفي اللقاء بالعاصمة الرباط، أكد الجانبان على "ضرورة تفعيل محاور جديدة للتعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك التي من شأنها خلق إطار استراتيجي للتعاون الاقتصادي، وتعزيز الاستثمارات والنهوض بالمبادلات التجارية بين البلدين"، وفق البيان.

وأشار البيان إلى أن أخنوش استعرض في اللقاء "الفرص والتحفيزات التي يوفرها الاستثمار في بلاده، بالإضافة للاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر التي سيتم اعتمادها مستقبلا".

وأوضح أن الطرفين "وقعا اتفاقية شراكة ومذكرة تفاهم لتطوير التعاون في مجال الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر".

ولفت البيان الحكومي إلى أن التوقيع جاء على هامش ترؤس الجانبين أشغال الجلسة الختامية للطاولة المستديرة حول الهيدروجين الأخضر.

وتناولت الطاولة المستديرة "آفاق الهيدروجين الأخضر والإمكانيات الاقتصادية والمستدامة التي يتيحها لتكريس المكانة المرموقة قاريا ودوليا للمملكة المغربية في مجال تنمية الطاقات المتجددة والتقنيات الصديقة للبيئة"، وفق البيان.

وفي نوفمبر 2022، قال الديوان الملكي المغربي في بيان، إن الرباط تعتزم بحلول عام 2030 إنتاج 52 بالمئة من الكهرباء باستخدام الطاقات المتجددة.

وتنص مذكرة التفاهم الموقعة بين المغرب وهولندا على تخصيص، على مدى السنوات الثلاث المقبلة، غلاف مالي يزيد عن 300 مليون يورو، جزء منه على شاكلة منح، من أجل تطوير وتمويل المشاريع ذات الأولوية بالمغرب، ولا سيما في قطاعات الطاقات المتجددة، والماء، والصناعات المستدامة، والصحة، والزراعة.

وستسهم مذكرة التفاهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين المغرب وهولندا، وتوطيد الشراكة الاقتصادية والمالية بين البلدين، بخاصة، في مجال تطوير مشاريع البنيات التحتية.

وتعد "أنفيست انترناشيونال" وكالة على ملك الدولة الهولندية، متخصصة في تمويل وتطوير مشاريع البنيات التحتية العمومية في الدول الصاعدة والبلدان النامية. وتمنح هذه الوكالة تمويلات على شكل قروض ومنح، بالإضافة إلى تقديم الخبرة في مجال تطوير المشاريع.

وأفادت صحيفة "هسبريس"، مساء الأربعاء، بأن التوقيع بين البلدين جرى في مدينة سلا المغربية، بحضور رئيس الحكومة المغربية ونظيره الهولندي.

ونقلت عن ألكسندر دوغاي فورتمان، مكلف بالمشاريع في المغرب وغينيا والسنغال في الصندوق الاستثماري المُوقع على الاتفاقية، أن "35 بالمئة من المبلغ المخصص لهذا الصندوق عبارة عن منحة، والباقي على شكل قروض، ويمول الصندوق مشاريع تتعلق بالماء والطاقات المتجددة".

وشدد على أن هولندا تولي اهتماما كبيرا بالاستثمار في الهيدروجين الأخضر، وأنه سيبحث مع الحكومة المغربية هذا الملف، موضحا أن "هناك سعيا إلى الاشتغال مع صندوق محمد السادس للاستثمار لتحديد المشاريع الاستثمارية".

وأشار المسؤول الهولندي إلى أن تخصيص هذا الصندوق الجديد للاستثمار في المغرب يتماشى مع أهداف النموذج التنموي الجديد، بالإضافة إلى دعم الجهود الخاصة بملف ندرة المياه والذي يأتي عبر بناء محطات لمعالجة المياه ومحطات الضخ.

وتعتبر هولندا المستثمر الأجنبي الخامس في المغرب، حيث تنشط حوالي 70 شركة هولندية في المملكة في مجالات عديدة.

وخلال حفل التوقيع على الاتفاقية، قال عزيز أخنوش إن العلاقات بين المغرب وهولندا تعود إلى قرون، فقد جرى توقيع أول معاهدة صداقة وتجارة بين البلدين سنة 1610، مبرزا أن العلاقات تعززت على مر السنين ونجحت في رفع كل التحديات والرهانات.

وأشار أخنوش، ضمن اللقاء الذي حضره عدد من الوزراء المغاربة وممثلي القطاع الخاص، إلى أن هولندا هي بلد إقامة لجالية مغربية مهمة نجحت في الاندماج في المجتمع، كما أثنى على دعم هولندا لمقترح الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب لحل نزاع الصحراء.

وتبلغ المبادلات التجارية بين المغرب وهولندا حوالي 1.7 مليارات يورو (18.5 مليار درهم) برسم العام الماضي، وفق الإحصائيات التي قدمها أخنوش، داعيا إلى تشجيع الاستثمارات ورفع مستوى التبادل التجاري بالنظر للإمكانيات الكبيرة المتاحة.

وأكد أخنوش أن "هولندا يمكن أن تلعب دورا في تقوية الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي"، وشدد على أهمية الاستمرار في الحوار حول مجالات الأمن والعدل والهجرة.

ولفت إلى أنه في إطار التعاون الثلاثي، يمكن للمغرب أن يكون جسرا مع الدول الأفريقية، وأن يساعد المقاولات المغربية والهولندية ‏الراغبة في الاستثمار في القارة، اعتبارا للمكانة ‏المتميزة للمملكة في القارة بفضل السياسة الملكية السامية في هذا الخصوص". ‏

وتهدف مذكرة التفاهم الثانية التي وقعها رئيس الوزراء الهولندي ووزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، السيدة ليلى بنعلي، إلى تعزيز التعاون في مجال الطاقات المتجددة وأنواع الوقود الجديدة.

وسيتيح هذا الاتفاق إمكانية الدعم المشترك للمبادرات والتحالفات الدولية الحالية والمستقبلية المرتبطة بالطاقات المتجددة وأنواع الوقود الجديدة، وتسهيل ربط العرض والطلب في مجال الاستثمار والتجارة بين منتجي أنواع الوقود الجديدة والمتجددة والمشترين. وفق كالة الأنباء المغربية "ماب".

وأكدت الوكالة أن المذكرة تهدف أيضا إلى تعزيز مصادر الطاقات النظيفة الجديدة، خصوصا طاقة الرياح البحرية، والاستخدامات الجديدة لمصادر الطاقة المتجددة، مثل تحلية مياه البحر ودعم الأبحاث، وتطوير القدرات والابتكار والتبادل الجامعي.

وأشادت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية بهذه الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في المجال الطاقي، والتي تعززت من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم تتعلق بالانتقال الطاقي، والطاقات الجديدة والنجاعة الطاقية.

واعتبرت بنعلي، في تصريح للصحافة، أن الاجتماع شكل فرصة لإعادة التأكيد على أهمية تبادل الخبرات بين المغرب وهولندا، وكذا تبادل الاستثمارات من أجل التنمية الاقتصادية، مشيرة إلى البنى التحتية المغربية والهولندية في هذا المجال.

وشددت الوزيرة على أهمية الاندماج الإقليمي والدولي في أسواق الطاقة، بما في ذلك أسواق الطاقة المستقبلية، منوهة بالزيارة المثمرة للوفد الهولندي رفيع المستوى من القطاعين العام والخاص.

ودعت بنعلي، إلى انخراط كافة المتدخلين من أجل تعزيز التعاون في مجال الانتقال الطاقي.