صفقة انتخابية بين حزب الله التركي وأردوغان؟!

تأسس حزب الله التركي في الثمانينيات، لكنه صنع لنفسه اسمًا في التسعينيات عندما جند الكثيرين ومعظمهم من الأكراد

 تم إطلاق سراح أعضاء من حزب الله التركي بهدوء وعلى مراحل كجزء من صفقة سرية أبرمتها الجماعة مع حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان.

حزب الله التركي، وهو جماعة إرهابية تدعمها إيران وتسعى إلى إقامة نظام ملالي على النمط الإيراني في تركيا، أمّن إطلاق سراح الأعضاء الذين كانوا يقضون عقوبة السجن بما في ذلك أحكام بالسجن المؤبد على سلسلة من جرائم القتل في التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين في تركيا.

صفقة

يؤكد موقع (نورديك مونيتور) أن إطلاق سراح مقاتلي حزب الله كان جزءًا من صفقة أبرمتها الجماعة مع الحكومة مقابل التأييد السياسي لحزب العدالة والتنمية الحاكم بقيادة الرئيس أردوغان.

وكان من بين المفرج عنهم 19 من أعضاء حزب الله يقضون أحكاماً مشددة بالسجن مدى الحياة لقتل 91 شخصاً في موجة قتل نفذتها الجماعة الإرهابية. وكانت المحكمة الجنائية العليا في ديار بكر قد أدانتهم في عام 2007 وحُكم عليهم بالسجن المؤبد لارتكاب جرائم قتل كجزء من محاولة المجموعة لقلب النظام الدستوري في تركيا واستبداله بدولة إسلامية على الطراز الإيراني. وقد أيدت محكمة الاستئناف العليا (يارجيتاي) الإدانات في عام 2010.

وقبل الانتخابات المحلية في ربيع عام 2019 ساعدت حكومة أردوغان في تأمين الإفراج عن جميع أعضاء حزب الله المدانين البالغ عددهم 19 مقابل دعم الجبهة السياسية لحزب الله، حزب القضية الحرة (Hüda-Par).، رغم اعتراف بعض مقاتلي حزب الله المدانين بارتكاب جرائم القتل، وكشفوا عن مواقع المقابر، بل وتعهدوا بمواصلة فعل الشيء نفسه في سبيل الله إذا تم إطلاق سراحهم أثناء المحاكمة. وجاء إطلاق سراحهم بعد قرارات عفو سابقة منحتها حكومة أردوغان لأعضاء حزب الله الآخرين ابتداءً من عام 2013.

حزب الله التركي

تأسس حزب الله التركي في الثمانينيات، لكنه صنع لنفسه اسمًا في التسعينيات عندما جند الكثيرين ومعظمهم من الأكراد في جنوب شرق تركيا وكان مدعومًا من قبل بعض عناصر المخابرات التركية والمؤسسات العسكرية والشرطة ضد حزب العمال الكردستاني، وأبرز الحزب منذ البداية وحشية في ارتكاب جرائمهم، فاختطفوا مسلمين معتدلين وأعدموهم بعد تعذيبهم في غرف بُنيت تحت بيوت آمنة. وكان قد اتُهم وقتها بقتل حوالي 150 شخصًا وإصابة المئات.

ومع ذلك، فقد واجه حملة قمع ضخمة في أوائل عام 2001 وقتل زعيمه (حسين فيلي أوغلو) في اشتباك مع الشرطة خلال مداهمة منزل آمن في إسطنبول في 17 يناير 2000. ثم تبنى حزب الله تكتيكات مختلفة للنجاة من حملة القمع التي واجهته، وفي ذات الوقت كان يعيد تنظيم نفسه بهدوء عبر مؤسسات وجمعيات وكيانات أخرى خلال أول ولايتين لحكومة أردوغان، وفي ديسمبر 2012 أسس حزب القضية الحرة كجناح سياسي يحظى بدعم من حكومة أردوغان التي أعطت الضوء الأخضر لدخول الحزب في السياسة.

أثمرت جهود الضغط التي يبذلها حزب الله لتأمين خروج أعضائه من السجن في أعقاب تحقيقات الفساد التي أزعجت الحزب الحاكم في ديسمبر 2013 وأدانت رئيس الوزراء آنذاك أردوغان ودائرته الداخلية. فأبرمت الصفقة مع أردوغان مقابل دعم سياسي قبل الانتخابات المحلية في آذار/ مارس 2013. وأُطلق سراح بعض أعضاء حزب الله بعد الانتخابات.

أصبح التحالف أكثر أهمية بالنسبة لأردوغان عندما فقد حزب العدالة والتنمية أغلبيته في البرلمان التركي في انتخابات يونيو 2015 لأول مرة في حكمه الذي دام 13 عامًا. ولمساعدة حزب أردوغان، لم يقدم حزب الله مرشحين مستقلين في الانتخابات وبدلاً من ذلك دعم مرشحي حزب العدالة والتنمية في المناطق الكردية. فتم إطلاق سراح المزيد من مقاتلي حزب الله من السجن، بينما تم منح بعض أعضاء حزب الله مناصب رئيسة في الوكالات الحكومية، خاصة لملء الفراغ في البيروقراطية بعد حملة تطهير واسعة النطاق لأعضاء حركة غولن المنتقدة للحكومة.

تم إطلاق سراح أعضاء حزب الله الباقين بين كانون الثاني (يناير) وأبريل (نيسان) 2019. ولم تتم تغطية إطلاق سراحهم حتى في وسائل الإعلام التركية، التي تسيطر عليها حكومة أردوغان إلى حد كبير. أولئك الذين تم الإفراج عنهم – (محمد فيزي أوزيل، رفعت دمير، شيخموس كيناي، محمد فارول، محمد غريب أوزر، يوسف بيغيتش، محمد بشير أكار، عبد الكريم كايا، محمد طاهر أك، محمود دمير، يونس أفجي).

يذكر أن محمد صالح كولج، زعيم حزب الله سيئ السمعة أُدين بقتل 91 شخصًا، كان أيضًا من بين الذين أطلق سراحهم من السجن بمساعدة الحكومة. ووفقًا لحكم محكمة الاستئناف العليا، كان كولج مسؤولاً عن 157 هجومًا مسلحًا منفصلاً أسفر عن مقتل 81 شخصًا وإصابة 66 بجروح.

الآن حزب الله، بجناحه السياسي وجمعياته ومؤسساته ووسائل إعلامه وجماعاته الخيرية وشبكات أخرى، يتوسع بسرعة في تركيا، وخاصة بين الأكراد، وكذلك في عدد من الدول الأوروبية.