عبدالرحيم واكد يقدم في 'نبضات زمن' محطات من تجربته الفنية

التشكيلي الأردني يحمل زوار معرضه الشخصي العاشر على التأمل في منجَز استمر عبر عقود.

عمان - تحت عنوان "نبضات زمن"، يقدم التشكيلي الأردني عبدالرحيم واكد في معرضه الشخصي العاشر محطات من تجربته الفنية التي تظهر أبرز التحولات والتقنيات، سواء لجهة الموضوع أو التكوين، أو المواد المستخدمة في تنفيذ أعماله.

ويعبّر عنوان المعرض المقام بغاليري وصل التابع للمتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة برعاية وزيرة الثقافة هيفاء النجار، عن تجاور الأعمال التي أنجزها الفنان سابقًا مع تلك التي أنجزها أخيرًا، فكأنما هو "ترحال يحمل المشاهد على التأمل في منجَز استمر عبر عقود".

وقدم الفنان في المعرض الذي يشتمل على خمس وثلاثين لوحة، أعمالًا تستمد موضوعاتها من الطبيعة، وغلبت عليها الألوان المبهجة من الأخضر والأزرق والترابي، وصوّر في بعضها فصل الشتاء، ومواسم قطف الزيتون، وجماليات القرية في فصل الربيع. وتجلى البعد الرمزي في هذه الأعمال التي تحيل إلى المحبة والعطاء، بينما جاء عدد من الأعمال بلغة تجريدية، تُبرز القدرة في توزيع الكتل اللونية وتجاور الأشكال.

وإلى جانب ذلك، يحاول واكد في معرضه الذي يستمر إلى غاية السادس من فبراير/شباط الجاري إبراز القضية الفلسطينية التي هي "بوصلة العالم العربي"، فمنح عدد من اللوحات أسماء توضح هذا الاهتمام، فكانت لوحة "حق العودة" التي صوّر فيها المجاميع البشرية التي تتطلع للحرية والاستقلال، ولوحة "النزوح القسري" التي تمثل مقاومة الناس وتمسّكهم بأرضهم، ولوحة "مخيم رفح" التي طغى عليها اللون الأحمر، في إشارة رمزية لما يُرتكب من جرائم بحق الشعب الفلسطيني.

ويؤكد الفنان على اهتمامه بالبعد الزمني في أعماله، موضحًا أن الزمن له أثر كبير في اختياره الألوان، فضلًا عن أنه وسيلته للتعبير الرمزي عن الرسالة التي يريد بثّها داخل مفاصل العمل.

والمتتبّعُ لتجربة الفنان يلحظ تبنّيه المدرسةَ الواقعية التي نفّذ من خلالها لوحات تركز على جمال الريف والبادية، كما تناول بشكل واسع إيقاع الحياة اليومية لسكان المخيمات، مبرزًا جوانب من التراث الفلسطيني والبيئة الحاضنة له.

ويظهر الدّمج بين التعبيرية والتجريدية والتكعيبية جليّ في تجربة واكد المنفذة وفق تقنيات الأكريليك على القماش، والطباعة والطَّرق بالنحاس وغيرها، وهو في ذلك يعي أهمية توزيع الأشكال التي تقارب الهندسية على أسطح لوحاته، مع مراعاة أن تتناسق هذه التشكيلات مع الألوان المتجاورة في صيغة جمالية تُبرز قوة الظل والضوء، ومعاني الرموز التي تتضمنها والإشارات التي تحيل إليها، والتي تنطوي عمومًا على رسالة إنسانية.

لذا نجد تكرارًا لثيمة الحمامة التي تحمل رسالة السلام، واعتناء برسم القباب والأبواب والشبابيك ذات الأقواس، وإظهار الزي الفلسطيني الذي ترتديه الشخصيات، وحضور الورد والأشجار التي ترمز إلى المحبة والجمال.. إنها لوحات حاشدة بالتفاصيل الحيوية، والرموز السردية، والكثافة اللونيّة التي تتوزّع على كامل السطح، لتثير وجدان المشاهد وترسم له دربًا من الأمل والتفاؤل بغدٍ حر.

ويرى عبدالرحيم واكد - وفق ما نشرته وكالة الأنباء العمانية - أن الفن في جوهره "ذاتي فردي"، يعبّر به الفنان عما يعتمل في عقله من أفكار وهواجس، بعضها قد يرتبط بالواقع الذي يعيشه، لكن بعضها الآخر قد يأتي ليحمل قيمًا جمالية وحسب، تتجلى عبر استخدامه الألوان المتناسقة والخطوط المدروسة، مع مساحات تكوينية مريحة للبصر.

ويضيف "إذا استطاع الفنان التشكيلي أن يصيغ موضوعاته في قالب فني جميل، فقد حقق هدفين في آن واحد يرتبطان بالأرض والإنسان، ويستطيع أن يدلي بريشته في القضايا المطروحة للنقاش، ويطرح وجهة نظره لحلها ويسهم في إيجاد جيل واعٍ مثقف فنيًّا وفكريًّا".

وعبدالرحيم واكد فنان تشكيلي فلسطيني ولد في مدينة غزة في العام 1945 وتخرج من مدارسها حتى المرحلة الثانوية. درس مادة الفن في معهد الفنون الجميلة التابعة لوزارة الثقافة الأردنية لمدة 16 عاماً. حصل على درجة بكالوريوس الدراسات الفنية في الفنون الجميلة من جامعة القاهرة عام 1969. عمل في سلك التعليم وتدريس الفنون الجميلة، والإخراج الصحفي، وهو عضو مؤسس لاتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين بالقاهرة عام 1966، وعضو اتحاد التشكيليين الأردنيين، وعضو النادي الأدبي بمدينة الطائف السعودية خلال الأعوام 1973-1991. عمل العديد من الديكورات المسرحية، والجداريات، كما صمّم الكثير من أغلفة الكتب.

رسم عبدالرحيم شكلاً توضيحياً للعمارات والقصور قبل إنشائها. عمل أيضاً في الصحافة وتحضير الديكورات في مسارح الطفل في الأردن.

يستخدم واكد العديد من المواد المتنوعة في تنفيذ أعماله بين الرسم الزيتي أو الأكريليك على القماش، إضافة إلى بعض المواد الأخرى مثل الطرق على النحاس والطباعة.