عجوزان يعقدان قرانهما بدار مسنين دمشقية

العرس أعاد الأمل للمسنين بأن ما قد ينتظرهم ليس الموت فحسب، وإنما قد يعثرون على الحب أيضا.

دمشق - مرت على السوري ميشيل معَصب خمس سنوات في دار جمعية القديس جريجوريوس الأرثوذكسية لرعاية المسنين بدمشق حين انتقلت مقيمة جديدة للدار وسكنت الغرفة المجاورة لغرفته.

لم يدر بخلد معَصب (72 عاما) وهو أرمل يعيش ولداه خارج سوريا أن ذلك سيقوده إلى قصة حب جديدة في هذا العمر تتوج بزواج يكسر صور المجتمع السوري النمطية عن كبار السن.

ونيللي أتاناسوفا (80 عاما) هي العجوز التي انتقلت لدار المسنين حديثا بجوار غرفة ميشيل، وهي أيضا أم لابنين يعيشان خارج سوريا.

وانتقلت نيللي وهي بلغارية لدار المسنين في ديسمبر/كانون الأول بعد وفاة زوجها السوري، وسرعان ما تحولت علاقتها بميشيل التي بدأت صداقة عادية إلى حالة عشق.

ويصور ميشيل العلاقة في البطاقة التي كتبها على باقة ورد وضعت بالكنيسة التي تزوجا فيها بقوله "الحياة حلوة والحب فاكهتها.. إلى حبيبتي رفيقة المحطة الأخيرة في حياتي".

نيللي أتاناسوفا
ليس للفرح عمر

وعن بداية علاقتهما قال العريس السبعيني إن كأس من الشاي كان وراء اندلاع الشرارة الأولى لعلاقتهما، موضحا أنه قام بإعداد الشاي وحمله للسيدة نيللي عندما مرضت واضطرت لملازمة غرفتها، وقد كانت ممتنة جدا لهذه الحركة ومن هناك كانت نقطة البداية في علاقتهما.

أما السيدة الثمانينية، فإنها تصف معَصب الذي أخذها في أكثر من مناسبة للتنزه في أنحاء دمشق القديمة بنصفها الثاني، قائلة إنها أغرمت به بسرعة إلى درجة صارت تعول عليه في جميل تحركاتها حتى أنها كلما أردت شيئا تناديه وإن اقتضى الأمر خروجها أعلمت إدارة الدارة بحاجتها للسيد ميشيل "ميشو" كي يرافقها.

وأضافت "أخذني إلى القيمرية" وهو من الأحياء الدمشقية العريقة التي تكثر فيها المطاعم والمقاهي السياحية، و"هناك أطعمني أكلات طيبة".

وأكدت "شعرت أني بحاجة لهذا الشخص.. بحاجة لظهر أستند عليه، لا أستطيع التحرك بمفردي، فأنا أمقت الشعور بالوحدة أجده صعبا وثقيلا، لاسيما أنني أفتقد للرفقة والتحدث إلى أشخاص آخرين، بحيث صرت أخاف كثيرا على حياتي وصحتي".

وقرر ميشيل ونيللي عدم إضاعة المزيد من الوقت والتوجه فورا للزواج.

زواج
كسر للصور النمطية حول كبار السن في المجتمع

وكسر العاشقان المسنان كل صور المجتمع السوري النمطية عن كبار السن وأقاما حفل زفاف كبير دعيا إليه أصدقائهما من دار المسنين للاحتفال.

وقال العريس ميشيل "معا صرنا نشكل قوة مجتمعية طبعا ليس للقتال"، موضحا "سواء المرأة أو الرجل عندما يكون الشخص بمفرده يلازمه إحساس بالضعف والوهن، لكن معا يشعران بقوتهما ونفوذهما الاجتماعي".

ولفتت مديرة دار المسنين وداد طنوس إلى أن هذا الزواج منحهم شعورا بأن "الدار تحولت إلى دار فرح.. مكان للحب.. دار حياة ولدت من جديد".

وأشار إيلي مدرّي مسؤول نشاطات دار المسنين إلى أن "الدار دائما ما يخرج منها أموات بحكم تقدم المقيمين فيها في السن"، قائلا "هذه أول مرة نشهد إقامة عرس بالمكان وانتشارا للفرح" بدل مشاعر الحزن التي عادة ما تخيم على الأجواء بسبب فقد أحد المقيمين.

وتابع "العرس أعاد الأمل للمسنين، بأن ما قد ينتظرهم ليس الموت فحسب، وإنما قد يعثرون على الحب ويعيشون قصصا جميلة تتوج بالزواج".