عزلة سوريا أقرب من أي وقت مضى من نهايتها

الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تدعو قطر أكثر الدول ترددا في قبول عودة دمشق للحضن العربي، لحضور اجتماع تشاوري يشارك فيه أيضا الأردن ومصر لبحث إمكانية عودة سوريا لجامعة الدول العربية.
اجتماع لوزراء الخارجية العرب لبحث عودة سوريا الى الجامعة العربية
قطر لن تخالف الاجماع العربي في شأن وضع سوريا

الدوحة - أعلنت الدوحة الثلاثاء أنها تلقت دعوة من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي لحضور اجتماع الجمعة المقبل في جدّة بالسعودية لتبادل وجهات النظر حول إمكانية عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري خلال إيجاز صحافي في مقرّ الوزارة بالدوحة، إن الهدف الأساسي من "هذا الاجتماع التشاوري" الذي تشارك فيه دول الخليج إضافة إلى الأردن ومصر والعراق، هو "التباحث حول الوضع في سوريا"، مشيرا إلى أن "هناك تطورات كثيرة في ما يتعلق بالوضع في سوريا وفي وجهات النظر العربية تجاه عودتها إلى جامعة الدول العربية".

وأوضح أن السعودية ستستضيف اجتماعا لوزراء الخارجية العرب يوم الجمعة لمناقشة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، مضيفا أن حدوث "إجماع عربي" إضافة إلى "تغيير ميداني" سيغيرا موقف قطر.

وقال الأنصاري، إن وزراء خارجية العراق والأردن ومصر ودول مجلس التعاون الخليجي سيجتمعون في مدينة جدة. ويضم مجلس التعاون الخليجي السعودية والإمارات والبحرين وسلطنة عُمان وقطر والكويت.

وقالت مصادر لرويترز إن السعودية تعتزم دعوة الرئيس السوري بشار الأسد لحضور قمة جامعة الدول العربية المقرر أن تستضيفها الرياض في 19 مايو/أيار.

وسيمثل حضور الأسد أهم تطور في إعادته إلى الصف العربي منذ عام 2011 عندما تم تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية. وستكون عودة سوريا إلى الجامعة العربية التي تضم 22 دولة رمزية إلى حد كبير، لكنها تعكس تغييرا في النهج الإقليمي تجاه الصراع السوري.

وفي الشهرين الماضيين، زار الرئيس السوري بشار الأسد سلطنة عمان والإمارات، في أول زيارة لبلدين عربيين منذ اندلاع النزاع السوري عام 2011، في ظلّ مساع إقليمية لعودة سوريا إلى الحضن العربي.

وتجري السعودية وسوريا مباحثات تتعلّق باستئناف الخدمات القنصلية بعد قطيعة مستمرة منذ سنوات نتيجة إغلاق الرياض سفارتها في دمشق على خلفية موقفها المناهض للنظام، حسب ما أفاد مسؤول في وزارة الخارجية السعودية مؤخرا.

وإثر اندلاع النزاع، قطعت دول عربية عدة خصوصا الخليجية منها علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفاراتها في دمشق، كما علقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا.

وأفاد دبلوماسي عربي في الخليج بأن الاجتماع سيتناول "القضايا الإقليمية الرئيسية، وسيكون التركيز على الشأن السوري"، مشيرا إلى أن "القمة العربية ومشاركة سوريا فيها ستكون مطروحة بالتأكيد".

ولفت إلى أنّ الاجتماع حول سوريا كان مقررا عقده أساسا خلال الأسابيع القليلة الماضية في الأردن لكن تم تأجيله.

وأكد الأنصاري مشاركة رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في الاجتماع. ولم تؤكد الأمانة العامة لمجلس التعاون بعد تنظيمها الاجتماع.

من جانبه قال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، إن مسألة مشاركة بغداد في الاجتماع قيد الدرس حاليا، بينما أوضح الأنصاري أنه وُجّهت دعوة إلى العراق والأردن ومصر لأنها "دول معنية في هذا الشأن".

ولفت إلى أن الموقف القطري لم يتغيّر، موضحا أن أي تغيير في الموقف من سوريا "مرتبط أساسا بالإجماع العربي وبتغير ميداني يحقق تطلعات الشعب السوري".

وقد تشكل القمة العربية التي تقرر عقدها في 19 مايو/ايار في الرياض أفضل فرصة لإعادة سوريا إلى محيطها وحضنها العربي.

وكانت دولة الإمارات أول دولة خليجية من المقاطعين تستأنف العلاقات الدبلوماسية مع دمشق في العام 2018، لكن هناك دول أخرى مثل سلطنة عمان حافظت على علاقات دبلوماسية وثيقة مع النظام السوري خلال سنوات الحرب الأهلية.

وفتحت أبوظبي قبل سنوات الباب لاستئناف العلاقات العربية السورية وتعزز هذا المسار مؤخرا مع توصل السعودية وإيران الخصمين الإقليميين إلى تسوية أعادت العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد سبع سنوات من القطيعة. وساعد الاتفاق في تحريك أكثر من ملف يتقدمها الملف السوري.

والأسبوع الماضي قالت ثلاثة مصادر مطلعة إن السعودية تعتزم دعوة بشار الأسد لحضور القمة العربية وهي خطوة من شأنها إنهاء عزلة سوريا الإقليمية رسميا.

ومن المتوقع أيضا أن يتوجه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق في الأسابيع المقبلة لتسليم الأسد دعوة رسمية لحضور القمة.

ولن تكون هذه الخطوة مفاجئة في خضم زخم دبلوماسي عربي لاستئناف العلاقات السورية العربية وعودة دمشق لمحيطها العربي بعد أكثر من 10 سنوات من القطيعة والعداء بسبب تعامل النظام السوري مع مظاهرات سلمية سرعان ما تحولت إلى ثورة تطالب برحيل النظام.

وحاليا فإن قطر هي أكثر الدول الخليجية ترددا في استئناف العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، لكن من المتوقع أن تتخذ الدوحة موقفا أكثر مرونة إزاء قبول فكرة عودة دمشق للحضن العربي.

ويُعتقد أن أكثر ما يقلق الدوحة هو بقاء المعارضة السورية التي لطالما دعمتها بالمال والسلاح، وحيدة في مواجهة القوات النظامية وحلفائها طهران وموسكو.

وتذهب بعض التفسيرات إلى أن قطر تتخوف من أن تكشف المعارضة السورية ومعظمها جماعات إسلامية متطرفة، كيف كانت تحصل على دعم سخي من الدوحة.

واتهمت دمشق مرارا الدوحة بالإرهاب وبدعم الإرهاب، لكن مع اتجاه مسار الأزمة للتسوية وسط قبول عربي بعودة سوريا إلى الجامعة العربية قد يتعامل النظام السوري ببراغماتية مع قطر لجهة تخفيف التوترات وتهدئة جبهات المواجهة.