عشرات القتلى بهجوم على قاعدة عسكرية في مالي
باماكو – أعلنت جماعة متمردة مرتبطة بتنظيم القاعدة تنشط في منطقة الساحل في غرب أفريقيا مسؤوليتها عن هجوم على قاعدة عسكرية في مالي الأحد قال مصدران إنه أسفر عن مقتل أكثر من 30 جنديا، حيث تصعد التنظيمات المتطرفة هجماتها في المنطقة خلال الأسابيع الأخيرة، خصوصاً على القواعد العسكرية لإعادة تشكيل المشهد الأمني لصالحها.
وأفادت تقارير بمقتل أكثر من 400 جندي على أيدي المتمردين منذ بداية شهر مايو/أيار في قواعد عسكرية وبلدات في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهي منطقة غير مستقرة وعرضة للانقلابات.
وأشار تقرير لمركز أفريقيا للدراسات الإستراتيجية إلى أن الفراغ الأمني الذي خلّفته الانقلابات العسكرية المتتالية في مالي ثم بوركينا فاسو والنيجر، وفّر بيئة خصبة لتمدّد الجماعات الجهادية المرتبطة بالقاعدة وداعش، في موجة هي الأعنف منذ بدء التمرد المسلح في الساحل قبل أكثر من عقد.
وقالت (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) في بيان الأحد إنها استولت على قاعدة في بولكيسي وسط مالي قرب الحدود مع بوركينا فاسو. بينما صرح الجيش المالي في بيان إنه أُجبر على الانسحاب. وأضاف "قاتل العديد من الرجال، بعضهم حتى الرمق الأخير، دفاعا عن أمة مالي"، دون ذكر أعداد القتلى أو المصابين.
وتُعد منطقة الساحل الأوسط من أخطر المناطق في العالم، خاصة ما يُسمى بالمنطقة الحدودية الثلاثية التي تشمل كلا من مالي، وبوركينا فاسو والنيجر. وقد شهدت هذه المنطقة تصاعدا في أعمال العنف خلال الفترة الأخيرة، واشتدت الاشتباكات بين جماعات مسلحة غير حكومية وقوات الأمن الوطني والميليشيات المحلية، ما تسبب في نزوح جماعي لسكان المنطقة.
وأعلنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين مسؤوليتها عن مجموعة من الهجمات في الآونة الأخيرة في المنطقة.
وتأتي هذه الهجمات رغم محاولات دول الساحل تكثيف التعاون لوضع حدا لها، حيث أطلقت دول تحالف الساحل مناورات عسكرية في بلدة تيل بالنيجر؛ بهدف تعزيز التعاون لمواجهة التهديدات الإرهابية، وتعزيز قدرات القوات المسلحة في منطقة الساحل.
وذكرت الإذاعة الوطنية الرسمية في النيجر، أن المناورات تستمر لمدة أسبوعَيْن بمشاركة قوات من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، بالإضافة إلى تشاد وتوغو.
وصرّح نائب رئيس أركان الجيش النيجري، عبد القادر أميرو، بأن هذه المناورات "ترمز إلى الالتزام المشترك بتعزيز قدرات القوات المسلحة"، مؤكداً أنها تهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وتشكيل جبهة موحدة ضد التهديدات العابرة للحدود، لا سيما الإرهاب.
في غضون ذلك، عاد مئات السكان إلى بلدتهم في شمال شرقي نيجيريا، بعدما فرّوا من منازلهم في وقت سابق من هذا الشهر؛ إثر هجوم لتنظيم داعش على قاعدة عسكرية. وفي 12 مايو/أيار، هاجم مقاتلون من تنظيم "داعش - ولاية غرب أفريقيا" قاعدة عسكرية في بلدة مارتي بولاية بورنو، ما أسفر عن مقتل أربعة جنود والاستيلاء على أسلحة قبل إحراق المنشأة.
وفرّ الجنود الناجون والسكان المحليون إلى قاعدة أخرى في بلدة ديكوا، على بُعد 38 كيلومتراً. وقال غوني بابا غانا (48 عاماً)، وهو أحد السكان، لدى عودته إلى مارتي "لقد فرّ الجنود الذين كان من المفترض أن يحمونا، وتركونا خلفهم".
وأسفرت سلسلة من الهجمات في أبريل/نيسان عن 100 قتيل على الأقل، في حين استهدف جهاديون ما لا يقل عن 10 قواعد في الشهرَيْن الماضيين، وفق إحصاء لـ"وكالة الصحافة الفرنسية".
وقال حاكم ولاية بورنو بابا غانا، أومارا زولوم "بدأنا نشهد تكرار ما حدث في عامَي 2013 و2014، عندما هجّر المتمردون سكان الكثير من القرى".
ووسعت جماعتان إرهابيتان سلفيتان سيطرتهما في المنطقة، على غرار "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" وتنظيم "الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى" التابعتين لتنظيم داعش واستغلت الجماعتان الفراغ الأمني في هذه المنطقة التي تعتبر مركزا للتطرف العنيف في العالم.
وعلى الجانب الآخر من النيجر، على الحدود بينها وبين تشاد ونيجيريا والكاميرون، تواجه منطقة بحيرة تشاد أزمة أمنية متجذرة بسبب مجموعتين متنافستين خلّفهما انشقاق جماعة بوكو حرام، وهما "تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا" و"الجماعة السنية للدعوة والجهاد".
ومع استمرار الانشغال المحلي بالصراعات السياسية الداخلية، وتراجع الحضور الدولي بعد تقليص العمليات العسكرية الغربية في المنطقة، يبدو أن الجماعات المتشددة في غرب أفريقيا أمام فرصة تاريخية لإعادة تشكيل المشهد الأمني لصالحها، ما لم تبادر الدول الساحلية إلى إغلاق الفجوة الأمنية في أقرب وقت.