عصابات تسرق أعضاء العراقيين بعد قوتهم

مستفيدين من عوامل اجتماعية واقتصادية على رأسها توسع رقعة الفقر والانخرام الأمني، مجرمون يبيعون اعضاء بشرية على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي واخرون ينفذون جرائم اعتداء وقتل للسطو عليها.

بغداد - سلط تقرير نشره مجلس القضاء الأعلى العراقي الثلاثاء الماضي الضوء على تصاعد التجارة بالأعضاء في البلاد مستفيدة من عوامل اجتماعية واقتصادية على رأسها توسع رقعة الفقر والانخرام الأمني الذي تشهده البلاد.

ونشرت صحيفة القضاء التابعة لمجلس القضاء الأعلى اعترافات عصابة تقودها امراة نفذت 250 عملية متاجرة بالأعضاء البشرية.

وبحسب تقرير للصحيفة فأن "العصابة تشكلت عام 2017 من خمسة أشخاص تقودهم امرأة من خلال انشاء مواقع على صفحات التواصل الاجتماعي لغرض المتاجرة ببيع الأعضاء البشرية ومن خلال هذه الصفحات يتم الترويج واستدراج الأشخاص الذين يرومون التبرع بأعضائهم مقابل مبالغ مالية كبيرة".
وأشارت الصحيفة الى أنه "بكمين محكم وبإشراف مباشر من قبل القاضي المختص باشرت القوات الأمنية والقسم المعني بهذه الجريمة بنصب كمين في منطقة زيونة، والقي القبض على خمسة متهمين اعترفوا جميعهم بالمتاجرة بالأعضاء البشرية والتي كانت أغلبها هي لبيع الكلى".
ونقلت الصحيفة عن "العقل المدبر لهذه العصابة وهي من مواليد 1972 بأنها تعمل في تجارة الأعضاء البشرية مع شقيقها وبالتعاون مع أولاد شقيقتها من خلال إنشاء (كروب) لبيع الأعضاء البشرية على فيسبوك تحت عنوان 'كروب متبرعي الكلى في العراق' وكان دورها التنسيق بين بائع الكلى والمريض مقابل مبالغ مالية يتم الاتفاق عليها بعد العملية تتراوح بين مليون إلى خمسمائة ألف دينار"، مبينة أن "مبالغ بيع الكلى يتراوح بين اثني عشر مليون دينار الى واحد وعشرين مليون دينار".
وأضافت أنها "كانت تنشط على موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، وتواصلت مع شخص يعمل دلالاً لشراء الكلى برفقة أعضاء المجموعة الموزعين بين محافظات الشمال والذين كان دورهم هو التنسيق بين بائع الكلى والمشتري".

وتابعت أن "اثنين من أفراد العصابة كانوا يأخذون المريض ويتكفلون بإيجاد البائع بالتعاون مع باقي المجموعة ويجرون عملية نقل الكلى في المستشفيات داخل المحافظات المشار إليها، إضافة إلى إحدى دول الجوار مقابل مبالغ مالية يقومون بإعطائي جزءاً منها فيما يذهب جزء منه الى البائع ويأخذ حصته هو بعد الاتفاق على التفاصيل المالية بين الاطراف".

وأشارت إلى أن " 250 عملية لبيع الاعضاء البشرية أجريت بالتنسيق معها ومع مجموعتها"، مبينة أن "العملية الاخيرة لبيع الكلى لاحدى النساء لم تنجح حيث تم الاتفاق معها على مبلغ  ستة عشر مليون دينار".
ولفتت الى أن "القوات الأمنية ألقت القبض عليهم بالجرم المشهود اثناء قيامنا بالمتاجرة بالاعضاء البشرية بعد خروج العصابة من أحد المستشفيات التي كانت تستخدمها لاجراء التحاليل في بغداد"، مشيرة الى أن "مقر العصابة كان في منطقة زيونة وهو المكان المحدد لهذا اللقاء بين الاطراف".

250 عملية لبيع الاعضاء البشرية أجريت بالتنسيق معها ومع مجموعتها

وكان مرصد عراقي مختص بمتابعة نشاط شبكات الاتجار بالبشر ورعاية ضحاياها عن توثيق وجود 27 شبكة في البلاد خلال النصف الاول من عام 2019 وقال المرصد في تقرير انه رصد خلال فترة اقل من ستة اشهر في العام 2019 وجود 27 شبكة اتجار بالبشر و6 انتهاكات تتعلق بالإتجار أيضا في بغداد ومحافظات عراقية أخرى.
ودعا المرصد إلى تفعيل دور اللجنة المركزية العليا لمكافحة الاتجار بالبشر واللجان الفرعية في المحافظات وإيقاع أشد العقوبات بحق كل المتورطين في هذه الجرائم.
وفي وقت سابق دعت لجنة حقوق الإنسان النيابية الى تعديل قانون الاتجار بالبشر الذي شرعه مجلس النواب عام 2012 لمعالجة الخلل في تطبيقه.
واشارت الى إن جريمة الاتجار بالبشر تمس كرامة الإنسان، مؤكدا التزام العراق باتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة والتي صادق عليها العراق بالقانون رقم 20 لعام 2007.
يشار الى ان قانون الاتجار بالبشر العراقي الذي شرع في عام 2012 يُجرم فعل الاتجار بالبشر انساجاما مع القوانين الدولية في هذا المجال.

وتشير تقارير الى ان بيع الأعضاء البشرية اصبح تجارة رائجة في العراق بعد تفشي الأمراض والأوبئة، خصوصاً الفشل الكلوي، علماً أن 90 في المئة من عمليات بيع الأعضاء البشرية هي لعمليات بيع الكلى.

ووفق مصادر أمنية تنشر عصابات بيع الأعضاء البشرية  إفرادها قرب المستشفيات بهدف تشكيل حلقات متصلة تتعاون مع سماسرة من أطباء وموظفين داخل المستشفيات.

وأحمد؛ شاب عراقي يبلغ من العمر 25 عاما، يقول مستعرضا تفاصيل رحلته الأليمة مع الظاهرة: "تعرضت لي مجموعة شباب وأنا عائد إلى المنزل ليلاً، واضطررت للتشاجر معهم، لكن أحدهم أخرج أحدهم سكيناً وطعنني في منطقة البطن ثم هربوا".

وأضاف "أسعفني شابان كانا بالقرب من الحادثة حيث نقلاني إلى منزل وكنت لم أفقد الوعي بعد وتم إدخالي إلى غرفة عمليات موجودة داخل المنزل وجرى تخديري على الفور، وحين استيقظت وجدت نفسي على الرصيف بالقرب من مكان المشاجرة وفي جسدي خيوط جراحية واكتشفت فيما بعد أنهم سرقوا إحدى كليتي من جسدي".

ويعزو مراقبون اتساع الظاهرة في العراق إلى تزايد حدة الفقر والبطالة، وضعف الأمن، وقوة المليشيات التي تقوم بدعم الشبكات الإجرامية والانتفاع منها ماديا.

كما أدى أيضا غياب القانون وضعف دور الأجهزة الأمنية في العراق لانتشار الجريمة المنظمة وسيطرة العصابات، ما جعل بغداد في قائمة أسوء المدن للعيش في العالم.