عطاف يستكشف في جولة افريقية سبل كبح شظايا أزمة النيجر

وسائل إعلام جزائرية تتوقع أن تكون العملية العسكرية المحتملة لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى السلطة الأكبر منذ حرب رواندا.
الجزائر تتجاهل تزايد النفوذ الروسي في منطقة الساحل والصحراء.

الجزائر - يشرع وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف اليوم الأربعاء في جولة أفريقية تحمله إلى كل من نيجيريا والبنين وغانا بهدف إجراء مشاورات مع نظرائه في هذه البلدان التي تنتمي إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إكواس"، فيما تأتي هذه الزيارات في خضم تمسكّ الجزائر برفضها لأي تدخل في النيجر، مدّعية أنها رفضت إعطاء الضوء لاستخدام مجالها الجوي في العملية العسكرية المحتملة وهو ما نفته فرنسا، ما يعكس حجم التوتر المتصاعد بين البلدين. 

وستتمحور هذه المشاورات حول "الأزمة في النيجر وسبل التكفل بها عبر الإسهام في بلورة حل سياسي يجنب هذا البلد والمنطقة بأسرها تداعيات التصعيد المحتمل للأوضاع"، وفق الخارجية الجزائرية.


 

وتعتبر الجزائر أن أي تدخل عسكري في النيجر يهدد أمنها القومي وتؤكد أنها تفضل اتباع السبل الدبلوماسية لاستعادة النظام في البلاد.

وتحدثت صحيفة الخبر الجزائرية في تقرير نشرته الثلاثاء عن انطلاق "العد العكسي للعملية العسكرية المقرر تنفيذها في النيجر لإعادة الرئيس السابق محمد بازوم وإسقاط الانقلاب العسكري".

وأشارت إلى "القوات العسكرية النيجيرية بدأت في التمركز بمناطق شمالي البلاد على بعد أقل من 230 كلم عن نيامي عاصمة النيجر"، متوقعة أن تكون العملية التي يجري الاستعداد لها لإنهاء الانقلاب في النيجر الأكبر منذ حرب رواندا في بداية التسعينات.

وتابعت أن معلوماتها تشير إلى أنه "يتم حشد قوات عسكرية في مواقع على الحدود بين النيجر ونيجيريا بمناطق بولاية سكتو على مقربة من الحدود مع النيجر"، مشيرة إلى أن الجيش النيجيري "سيكون العمود الفقري للعملية العسكرية المتوقعة".

وعزت المشاركة الهامة المتوقعة لنيجريا في التدخل العسكري المحتمل إلى مخاوف أبوجا من موجات لجوء من النيجر.

وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قد أعرب عن مخاوف بلاده من أي رد فعل عسكري، قائلا إن "التدخل العسكري قد يشعل منطقة الساحل بأكملها وإن الجزائر لن تستخدم القوة مع جيرانها".

ونفى الجيش الفرنسي الثلاثاء أن يكون قد طلب من الجزائر استخدام مجالها الجوي لتنفيذ عملية عسكرية في النيجر بعدما قالت الإذاعة الجزائرية الرسمية إن السلطات رفضت طلبا فرنسيا في هذا الشأن.

ويعكس النفي الفرنسي لهذه المزاعم الجزائرية مجددا حجم التوتر المتصاعد بين باريس والجزائر على خلفية ملفات عديدة، فيما دخلت العلاقات بين البلدين نفق أزمة جديدة بعد انتقاد وجهته وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في يونيو/حزيران الماضي لمقطع في النشيد الوطني الجزائري "قسما" يتوعد فرنسا على حقبة الاستعمار.

ورد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف عليها بتهكم قائلا "ربما كان يمكنها أن تنتقد أيضا موسيقى النشيد الوطني، ربما الموسيقى لا تناسبها أيضا.. بعض الأحزاب أو السياسيين الفرنسيين يرون أن اسم الجزائر أصبح سهل الاستخدام في الأغراض السياسية".
وكان مبرمجا أن يؤدي تبون زيارة إلى باريس في مايو/أيار الماضي لكنها أُجلت إلى نهاية يونيو/حزيران الماضي ولم تتم إلى الآن، بينما أدى الرئيس الجزائري زيارة إلى روسيا، في خطوة أثارت انزعاجا غربيا من فتح الطريق للتمدد الروسي في مناطق نفوذ ومصالح حيوية للغرب في مقدمته الولايات المتحدة.

وتتخفى الجزائر وراء صورة الدولة الرافضة للتدخلات العسكرية والمناصرة لحق الشعوب في تقرير مصيرها بعيدا عن التدخلات الأجنبية، فيما تصمت على انتهابات قوات "فاغنر" في مالي وتتجاهل تزايد النفوذ الروسي في منطقة الساحل والصحراء.

وأصبح الوجود العسكري الفرنسي في غرب أفريقيا هشا على نحو متزايد وسط موجة من الانقلابات في منطقة الساحل منذ عام 2020. وطُردت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو وتزايدت المشاعر العدائية تجاه فرنسا في شوارع نيامي منذ انقلاب 26 يوليو/تموز.

وبعد الإطاحة بالرئيس محمد بازوم المنتخب في العام 2021 أعلنت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في 10 أغسطس/آب عزمها على نشر قوة "لإعادة النظام الدستوري في النيجر" من دون أن تعرف تفاصيل عملية كهذه وموعدها خصوصا.

وتؤكد "إكواس" تفضيلها للحل الدبلوماسي لكنها تلوّح باستمرار باحتمال اللجوء إلى القوة رغم انقسام في صفوف أعضائها بهذا الخصوص.

وعلق الاتحاد الأفريقي عضوية النيجر، لكنه أبدى تحفظا على تدخل عسكري محتمل من جانب دول غرب أفريقيا لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى الحكم داعيا إلى حل دبلوماسي.

وطلب مجلس السلم والأمن "من مفوضية الاتحاد الأفريقي دراسة الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية لنشر قوة احتياط في النيجر وإبلاغ المجلس بالنتائج"، مبديا في الوقت ذاته بوضوح تفضيله السبل الدبلوماسية.