عمّان تحضر في 'وجوه مدينتي' للفنان هاني حوراني
يضم معرض "وجوه مدينتي" بنسخته الثالثة للفنان الأردني هاني حوراني صورا فوتوغرافية ولوحات تجمع بين الفوتوغرافيا وتقنيات أخرى كالتلوين والكولاج والطباعة.
وتحضر عمّان في كل تفاصيل المعرض الذي دشّن به الفنانُ الأستوديو الخاص بأعماله، معبّرةً عن اشتغال الفنان على إبراز جمالياتها المعمارية وعاكسةً ذلك التراكب الذي حقّقته للمدينة طبيعة تضاريسها الجبلية، إذ تنتشر البيوت فوق الجبال كما لو أنها أشجار مزروعة من أسفل الجبل إلى قمته، تفصل بين مجاميعها شوارع متعرجة وأدراج طويلة.
وكان هاني حوراني قال في تدوينة سابقة على صفحته بموقع فيسبوك "عمان ليست مجرد مدينة للعيش إنما هي بالنسبة إليّ مكان للتأمل والتمتع بجمالياتها وهي مزيج مدهش من هبه الطبيعة وفعل الإنسان".
والمعرض المتواصل إلى غاية منتصف شهر يناير/كانون الثاني المقبل، يوفّر للزوار فرصة الاطلاع على مسار الرحلة الفنية التي يخوضها حوراني منذ عقود، مقدما في كل مرة تقنية جديدة ورؤية بصرية مختلفة تجاه المدينة التي تشهد امتدادا وتشعبا وتحولات مستمرة في بنيتها المعمارية، ومؤكدا على ارتباطه بالمكان قديما وحاضرا، وتشبُّعه بتفاصيله الجمالية.
وفي اللوحات المنفذة وفق أنماط فوتوغرافية تشكيلية توثيقية، تَبرز ألوان المدينة متدرجة من البنّي والأحمر والبرتقالي مع موازنة بين الظل والضوء والكتلة والفراغ، وتُظهر الخطوط الأنماط المعمارية التي تبدو غاية في الترتيب كوحدة بصرية متكاملة بقدر انطوائها على عشوائية في التنظيم.
ويروم حوراني من هذه القراءة البصرية التركيز على حياة الإنسان وتقاطع ملامحه مع ملامح المدينة وانعكاس وجهه في مراياها.
ويضم الأستوديو الخاص بالفنان قاعة تُعرض فيها مختارات من أعماله، إلى جانب مساحة لإطلاع الزائر على عدد من المشاهد الحضرية التي تعدّ نقطة مركزية في منجزه التشكيلي والفوتوغرافي، وبخاصة تجاربه التي حاول فيها إظهار أثر مرور الزمن على المواد المتقادمة، مانحا مادة كالصدأ جمالياتٍ تدعو للتأمل في مجريات الوجود ومعاني الحياة العميقة، حيث العلب المعدنية يصطفّ بعضها إلى جانب بعض وقد تآكلت أطرافها، وجدران البيوت قد كلحَ لونُ طلائها وتقشَّر، والشوارع تشققت بفعل الزمن.
وقد اعتنى حوراني خلال عمله بملمس الأسطح وإبرازه بصورة واضحة في اللوحات، إلى جانب إبرازه أيضا التفاصيل المهمَلة أو تلك التي يعتقد المرء أنها بشعة المنظر بصورة جمالية.
وينتمي هاني حوراني المولود عام 1945 إلى جيل الستينات التشكيلي في الأردن، شغلته الكثير من الاهتمامات خلال مسيرته، حيث مارس الرسم والتصوير الفوتوغرافي، كما كان مؤسسا لندوات تشكيلية مثل "ندوة الرسم والنحت" عام 1962، وتفرغ في فترة من حياته للنشاط الاجتماعي والثقافي، وقدم منجزات في مجال الكتابة النقدية، وأقام زهاء عشرين معرضا فنيا، بالإضافة إلى مشاركاته في العديد من المعارض الجماعية والبيناليات الدولية.
أقام حوراني خلال السنوات 1964 و1967 و1968 ثلاثة معارض شخصية، قبل أن يتفرغ للعمل السياسي والإعلامي تحت تأثير هزيمة حرب يونيو/حزيران 1967، وخلال السبعينات تلقى دورات في التصوير الفوتوغرافي في بيروت وموسكو، كما نشر دراسات ومقالات فنية عديدة حول رسوم الأطفال الفلسطينيين والسينما الفلسطينية.
وفي العام 1993، وبعد عودته إلى الأردن، نظم معرضه الشخصي الرابع الذي ضم أعمالاً مائية على الورق عن وادي الوالة في جنوب العاصمة. وخلال تسعينات القرن الماضي أقام سلسلة من المعارض الفوتوغرافية في الأردن وسوريا ومصر وقطر والسويد والولايات المتحدة، وقد تركزت معارضه هذه على جماليات المدن العربية القديمة، مثل القدس، القاهرة، دمشق، حلب، السلط ، مراكش، وتونس.
يوجد في رصيد الفنان أكثر من 20 معرضا شخصيا في الرسم والتصوير الفوتوغرافي، بالإضافة إلى مشاركاته في معارض جماعية داخل الأردن وخارجه، أبرزها مشاركته في بينالي القاهرة الدولي للفنون التشكيلية.