"عودة الجنود الرومان" على مسرح الجم التونسية

مهرجان 'الأيام الرمانية' يعيد محاكاة مشاهد من الحياة الرومانية القديمة للمدينة، كما أنه يشكل فرصة لتنظيم ورشات ومعارض للصناعات التقليدية.

الجم (تونس) - في فعالية أعادت الجمهور التونسي إلى قرون مضت، ظهر الجند الروماني في شوارع مدينة الجم (بولاية المهدية شرق) ضمن الدورة السابعة للأيام الرومانية التي انتهت فعالياتها في الثامن والعشرين من أبريل/نيسان الجاري.

وجاب الجنود المشاركون في المهرجان بثيابهم الرومانية التاريخية شوارع المدينة التي كانت تعرف سابقا باسم "تيسدروس"، كما كانوا يفعلون في القرن الثالث الميلادي وقبله، حتى وصولوا إلى المسرح الرماني حيث تعقد المعارك على الطراز القديم.

وعمت الجلبة المسرح الروماني بالمدينة بهتافات الجماهير المشجعة قتال المصارعين المميت.

وانطلق مهرجان الأيام الرومانية الذي تنظمه جمعية "نحن نحب الجم" (مستقلة) السبت، بحضور وزير السياحة التونسي محمد المعز بلحسين.

وداخل حلبة المسرح الروماني بالجم شاهد الجمهور المعارك القديمة، حيث ارتدى المجالدون المتصارعون خوذاتهم التي تحجب وجوهم، وتسلحوا بسيوفهم ودروعهم الثقيلة من أجل معركة لا بد أن تنتهي بموت أحدهم.

ويعرف "المجالد" في التقاليد الرومانية القديمة بأنه المصارع الشرس الذي يخوض لعبة الموت مع أشرس الحيوانات المفترسة وأقوى المقاتلين لإمتاع الجمهور، وهو مقاتل محترف ليس لديه ما يخسره، فيقاتل داخل الحلبة قتال حتى الموت.

وكان معظم المُجالدين في ذلك الوقت من العبيد وأسرى الحرب الأشداء والأقوياء، الذين يتم تدريبهم داخل مدارس أشبه بسجون، على يد محترفين من الجيش الروماني.

وفي معرض حديث عن هذه الفعالية، قال رضا حفيظ مدير المهرجان إن "الجم تعيش على وقع الحضارة الرومانية، واليوم تشهد المدينة عرضا رومانيا ومشاهد كانت تقع بالفعل على مسرحها التاريخي، مثل عرض المجالدين الرومان".

وأضاف "كما عرضنا خلال فعاليات المهرجان تاريخ بعض الرياضات الأولمبية من خلال مشاهد تحاكي تلك الألعاب"، لافتا إلى أن فعاليات يوم الأحد شهدت "تجول فيلق (وحدة عسكرية) روماني المدينة، متجها للمسرح وسط الموسيقى العسكرية ومشيته المنسقة".

وتابع "شهدنا خلال ذلك اليوم محاكاة لمسيرة دخول حاكم المدينة، وفعاليات الرقص والموسيقى وتوزيع الخبز والنقود على الجمهور، فضلا عن عروض المصارعين الرومان".

وأوضح أن الهدف من هذه النشاطات "تقديم للجمهور المتواجد في الجم حاليا، ما كان يعرض خلال القرن الثالث ميلادي في المدينة".

وبدا حاكم المدينة المشارك في الفعالية الرمانية القديمة رجلا أشقر بملابس رومانية بيضاء تصحبه زوجته، ويمتطيان عربة رومانية يجرها حصان تنتهي بهما في المسرح التاريخي لتحية الجمهور.

ونوه حفيظ إلى أن القائمين على المهرجان "عملوا كثيرا على الديكور والملابس، واستخدموا في تنفيذها النحاس والجلود لتظهر مثل تلك المستخدمة في القرون الماضية"، مضيفا "صُنعت الخوذات من النحاس الحقيقي، فيما كانت الملابس من الجلود، حيث أننا لم نعمد محاكاة الأزياء الرومانية باستخدام مواد بلاستيكية".

وتحدث حفيظ عن تأثير المهرجان في نفوس التونسيين ورغبة العديدين في اكتشاف الحياة الرومانية القديمة للمدينة، قائلا "مع الدورات السابقة للمهرجان شهدنا تسويق إعلامي كبير، وأصبح محل اهتمام التونسيين والأجانب".

وأشار إلى أنه تمت إقامة عرض المجالدين في اليوم الثاني من أيام المهرجان "حتى يتمكن جميع الزوّار من التمتع به، لاسيما وأن المسرح لا يتسع سوى لنحو 1500 متفرج".

ولم يكن المهرجان مقتصرا على إعادة محاكاة مشاهد من الحياة الرومانية القديمة للمدينة، بل كان فرصة لتنظيم ورشات ومعارض لصناعات تقليدية قديمة.

وأردف حفيظ "تضمن المهرجان أيضا تنظيم ورشات لتعليم صنع الفسيفساء وتقنياتها، وصناعة مصابيح الطين، وصناعة أطواق الورود، إلى جانب الخوذة الرومانية وسك العملة والخزف".

واعتبر أن الدورة الحالية من مهرجان "الأيام الرمانية" كانت "فرصة للحرفيين لعرض منتجاتهم التقليدية، وترويجها لفائدة رواد المهرجان"، متابعا "تمكن رواد المهرجان من شراء ذكرى تعيدهم إلى أمجاد الماضي، كما تدرب الأطفال على الحرف القديمة يدويا".

وتشتهر الجم بمسرحها الروماني أو قصر الجم، ويعود إنشاؤه إلى العهد الروماني، حيث بناه الأثرياء من سكان مدينة تيسدروس (الجم حاليا)، عام 238 ميلاديا في عهد الإمبراطور غورديان الأول (159م– 238م).

ويعد قصر الجم الروماني ثالث أكبر مسرح روماني في العالم بعد مسرح كولوسيوم روما المصنف من عجائب الدنيا السبع، ومسرح كولوسيوم كابو الذي يقع أيضا في مدينة الجم التونسية الساحلية.

ويطلق لفظ كولوسيوم على المدرجات العملاقة في الحضارة الرومانية التي تقدم فيها عروض قتال المصارعين والمسابقات الجماهيرية وصيد الحيوانات والمعارك بين السجناء والحيوانات، وإعدام السجناء والمعارك البحرية الصورية وإعادة تمثيل المعارك الشهيرة والأعمال الدرامية.