
غروندبرغ لا يستبعد التوصل لاتفاق سلام دائم في اليمن
صنعاء - لم يستبعد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ عقد اتفاق سلام دائم في اليمن على وقع التحركات الإقليمية والدولية الأخيرة قائلا أن المحادثات السعودية العمانية في صنعاء "تجعل اليمن أقرب ما يكون نحو تقدم حقيقي تجاه سلام دائم" منذ بدء الحرب.
وقال في تصريح لوكالة أسوشييتد برس في وقت متأخر أمس الأحد "هذه لحظة يجب اغتنامها والبناء عليها، وفرصة حقيقية لبدء عملية سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة لإنهاء الصراع بشكل مستدام" وهو ما يشير إلى تصاعد الأمل بشان إيجاد حلول نهائية وشاملة للازمة اليمنية ووقف التصعيد الميداني الأخير.
من جانبه قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، الإثنين، إن "الأجواء مهيئة أكثر من أي وقت مضى لتحقيق السلام" في بلاده التي تشهد حربا منذ نحو 9 سنوات.
وذكر في بيان، أن "تحقيق تقدم في مسار الحل السلمي للأزمة، يعد انتصارا للشرعية الدستورية والتحالف بقيادة الأشقاء في المملكة (العربية السعودية)، كونه يكرس نهجنا في الوصول الى السلام".
وأوضح أن ذلك يأتي "خصوصا في ظل التطورات الإيجابية الأخيرة في المنطقة، وأهمها الاتفاق السعودي الإيراني، حيث باتت الأجواء مهيئة أكثر من أي وقت مضى لتحقيق السلام".
وعقد وفدان من السعودية وسلطنة عمان أمس الأحد مباحثات مع قيادات بجماعة الحوثي في صنعاء، تناولت سبل إحلال السلام في اليمن.
وذكرت وكالة الأنباء (سبأ) الناطقة باسم الحوثيين أن "مهدي محمد المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى للجماعة استقبل في صنعاء الوفدين العماني والسعودي، بحضور رئيس فريق المفاوضات (الحوثي) محمد عبد السلام وقيادات أخرى".
وتتصاعد مساعٍ إقليمية ودولية لتجديد هدنة استمرت 6 أشهر وانتهت في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وتتبادل الحكومة الشرعية والحوثيون اتهامات بشأن المسؤولية عن فشل تمديدها.
والجمعة، كشف مسؤول حكومي يمني رفيع عن التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة مع الحوثيين من ستة أشهر إلى سنة، وتوسيعها لتشمل إجراءات إنسانية واقتصادية، يعقبها حوار سياسي مباشر لحل شامل ينهي الحرب.
وتشمل بنود الاتفاق توسيع إعادة الرحلات إلى مطار صنعاء الدولي، واستئناف تصدير النفط من الموانئ، وفتح الطرقات في محافظة تعز (جنوب غرب)، وإطلاق سراح الأسرى (الكل مقابل الكل)، ونقل البضائع مباشرة إلى ميناء عدن (جنوب).
وقال أن الظروف الحالية باتت مواتية للانخراط في محادثات سلام والتوصل إلى حل سياسي يُخرج البلد من دوامة الحرب والاقتتال إلى واقع جديد يرفض الحرب وينبذ الاقتتال"،.
وأضاف المصدر أن "الجهود التي بُذلت من المجتمعين الإقليمي والدولي والرغبة الكبيرة في إحلال السلام، خاصة من جانب الحكومة الشرعية التي قدمت تنازلات، والمعاناة الإنسانية للشعب اليمني، كل تلك العوامل تمهد الطريق لإنهاء الحرب".
لكنه استدرك "التجارب مع جماعة الحوثيين، التي دأبت على النكوث بعهودها واتفاقياتها، تمثل عائقا حقيقا أمام فرص السلام التي بدأت تلوح بشكل جدّي خلال الأسابيع القليلة الماضية".
وتتصاعد توقعات وآمال بإحلال السلام في اليمن منذ أن وقَّعت السعودية وإيران، بوساطة صينية في 10 مارس/ آذار الماضي، اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية خلال شهرين، ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات، منذ أن اقتحم محتجون سفارة المملكة بطهران، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر مع مدانين آخرين، بينهم سُنة، بتهم منها الإرهاب.
وقت حرج

وبمناسبة مرور عام على المشاورات اليمنية– اليمنية لمعالجة الصراع، قال مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبر بيان الثلاثاء، إن "الظروف الحالية مواتية للانخراط في محادثات السلام للتوصل إلى حل سياسي في اليمن، وفقا للمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الشامل وقرار مجلس الأمن (رقم 2216 لعام) 2016".
ودعا المجلس إلى "وحدة الصف وإعلاء مصلحة اليمن العليا، لينعم بالسلام والأمن والاستقرار".
وفي 2 أبريل/نيسان الماضي غروندبرغ من أن البلد "يواجه وقتا حرجا"، داعيا إلى "إنهاء النزاع بشكل دائم".
ووفقا للمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي فإن اليمن "يمر بمنعطف شديد الأهمية يضع البلاد على أعتاب مرحلة جديدة ربما تشهد نهاية للانخراط العسكري للتحالف بقيادة السعودية".
وفي 26 مارس/آذار 2015، بدأ التحالف عملياته في اليمن، بدعوة من الرئيس اليمني آنذاك عبد ربه منصور هادي لاستعادة الشرعية ودعم الحكومة في مواجهة انقلاب الحوثيين.
واعتبر التميمي أن "مؤشرات التسوية لا تفيد مطلقا بأنها ترتكز على المرجعيات الضامنة لعودة الدولة اليمنية وانتفاء المهددات الطاغية على المشهد اليمني وتمثلها الجماعات المسلحة المنفردة بالتحكم في الساحة مطلقةً العنان لأكثر المشاريع الهدامة للمشروع الوطني، وهي مهددات ذات طبيعة طائفية ونزعات انفصالية".
وهناك "أدلة عديدة على أن مجلس القيادة الرئاسي (اليمني) يوفر المشروعية (لحل الأزمة اليمنية) لتكون أخر مهمة له بصفته رأس الشرعية التي يتعلق بها الشعب اليمني كونها الخيار المتاح لإبقاء الدولة ضمن الحدود الآمنة"، بحسب التميمي.
أما أحمد ناجي، كبير المحللين لشؤون اليمن في مجموعة الأزمات الدولية ببروكسل، فقال إن "التحركات التي نشهدها اليوم هي نتيجة للتقدم الذي أحرزته المحادثات بين السعوديين والحوثيين خلال الفترة الماضية، والتي سرَّعتها بلا شك عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران".
وأضاف أنه من حيث المبدأ فإن "أي خطوات سياسية للتعامل مع الحرب في اليمن هي خطوات في الاتجاه الصحيح، خصوصا وأن المقاربات العسكرية أثبتت فشلها بعد 8 سنوات من الصراع".
لكنه استدرك قائلا "من المهم إدراك أن تعقيدات الحرب تحتاج إلى معالجات حقيقية لجذور الصراع والتخلي عن الإقصاء والاستحواذ من قبل أطراف الحرب حتى تتجنب فشل الحرب والسلام معا".
فيما قال الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية علي الذهب إن "ستة أشهر (كهدنة في حال إعلانها رسميا) تبدو فترة غير كافية لإنجاز الكثير من المهام، وستنصدم بالكثير من العثرات والتحديات في حال تطبيقها على الأرض".
وأردف "من الواضح أنه ليس لدى الطرفين نوايا حقيقة لإحلال السلام، خصوصا جماعة الحوثي، فعقيدتها الأيديولوجية والسياسية تختلف كثيرا عن مجمل الصراعات السياسية التي حصلت في اليمن طوال تاريخها الضارب في القدم".
ومعتبرا أن جماعة الحوثي ترى أن "السلطة ملك لها وحدها ولا يحق لأحد أن ينازعها"، أضاف الذهب أن "الجماعة كلما وقّعت (على اتفاق) أو اتفقت (على شي) سرعان ما تنكث بعهودها وواقعها مفعم بالشواهد".
وختم بأن "الحديث حاليا عن تسوية شاملة ومستدامة للأزمة اليمنية يبدو سابقا لأوانه بالنظر إلى جملة المعوقات والصعوبات التي ستواجه تنفيذ الهدنة".
بدوره أعلن السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر اليوم الاثنين أنّ الزيارة التي قام بها إلى العاصمة اليمنية صنعاء للقاء مسؤولين حوثيين، هدفها "تثبيت الهدنة" وبحث سبل الدفع باتّجاه "حلّ سياسي شامل ومستدام" بعد سنوات من الحرب.
وقال السفير في تغريدة على تويتر "أزور صنعاء وبحضور وفد من سلطنة عمان الشقيقة بهدف تثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار ودعم عملية تبادل الأسرى وبحث سبل الحوار بين المكوّنات اليمنية للوصول إلى حلّ سياسي شامل ومستدام في اليمن".