غنِّ يا أدهم

شاع خبر اعتزال الفنان أدهم النابلسي، ولم أكن أعرفه، فبحثت عن اسمه واذا هو شاب فتي مليح الوجه وساحر الصوت، فلماذا اعتزلت يا أدهم؟

غن يا أدهم، فمن لا يطرب لا يرق قلبه ومن لا يحس بجمال الصوت واللحن والكلمة صنم والأم تغني لطفلها لينام والقوم يغنون في الأعراس فينشرون الحب والفرح والساهد يستمع الى الموسيقى لتهدأ نفسه فينام والمريض يتعافى حين ينتظم نبضه على صوت ناي هادئ قادم من جبال التبت.

غن يا أدهم ودع عنك صب الرصاص المذاب في الأذن، فالطرب يحرك في النفس ما لا يحركه الخطباء والاساتذة ورجال السياسة والاقتصاد الذين يكررون أنفسهم بينما الموسيقى تقول لك كل يوم شيئا جديدا.

غن يا أدهم ودع عنك قاطع يد سارق البيضة وأهل السبي وملك اليمين وطاعة ولي الأمر ولو جلد ظهرك والجزية وقتال الناس حتى يشهدوا، فالغناء يعلم الناس الذوق والحس الرهيف واستنكار الظلم والهمجية.

غن يا أدهم، فالناس أضناهم الهم ولم يحسوا بالجمال لا في الحواس ولا في العقل، وكل ما يسمعونه هو الشكوى من ضيق الحال والعيش الضنك. أسمعهم صوتك فربما يشعرون أنهم أحياء ولهم قلوب ومشاعر فيحلمون بالفرح والسرور وحقهم في التمتع بالحياة فهم بشر ولا يجوز أن يموت بعضهم لكي يترف آخرون.

غن يا أدهم، فالعمر قصير وأصبح قزما في بلاد العرب، هل تبخل عليهم بصوت صادح عذب ينعش الروح الذابلة؟ الغناء الجميل وجه آخر للفرح ألم يقل جبران عبارة "فالغناء عطر الخلود" وصدح صوت فيروز بها فمنحها الخلود.

غن يا أدهم، وابتعد عن جماعة النقل والعقل، فهم يدخلونك في متاهات لن تخرج منها، ويجلدونك حتى تقتنع وإذا لم تقتنع فانتظر منهم مفاجآت وإشاعات.

غن يا أدهم وابتعد عمن يقولون أن الأرض مسطحة وأن العلماء كاذبون وأن غالبيتهم يهود يريدون طمس العقل للسيطرة على البشر.

غن يا أدهم، فإن كنت تخشى الله، فأسعد عباده بصوتك ونزاهتك ورفعة أخلاقك ونظافة يدك ومواقفك المسؤولة. فما فائدة اللحى والعمائم والجلابيب اذا كانت تنشر الظلام والخنوع وتقيد الروح وتصادر الأحلام ثم تنتهي في كهوف أفغانستان؟

غن يا أدهم ولا تقترب منهم لأنهم سيقنعونك أن أنجيلا ميركل ناقصة عقل ودين.

غن يا أدهم، ولا تحرم الناس من صوتك الشجي.