غوغل تفتح باب الذكاء الاصطناعي المحمول على مصراعيه بإطلاق مبكر لـ'نوتبوك إل إم'

التطبيق يتيح تحليل المحتوى وتوليد ملخصات صوتية تفاعلية، في خطوة نوعية تحول تجربة تنظيم المعرفة إلى أداة محمولة وذكية تدعم أكثر من 50 لغة وتوفر ميزات متقدمة للمستخدمين أثناء التنقل.

واشنطن - أطلقت شركة غوغل الإثنين تطبيقها المنتظر "نوتبوك إل إم"  على متجري "غوغل بلاي" و"آب ستور"، وذلك قبل يوم واحد من الموعد الرسمي للإطلاق وانطلاق مؤتمرها السنوي للمطورين "غوغل آي/أو 2025". ويمثل هذا الإطلاق نقلة نوعية في مسار الخدمة التي كانت متاحة حصريًا عبر متصفحات الويب منذ عام 2023، إذ أصبح بإمكان مستخدمي الهواتف الذكية الآن الاستفادة من قدرات هذه الأداة المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتنظيم المعلومات المعقدة وفهمها والتفاعل معها بطرق مبتكرة.

بدأت خدمة "نوتبوك إل إم" (NotebookLM) كأداة عبر متصفح الويب، صُممت لمساعدة المستخدمين على تحليل وفهم محتوى مصادرهم الخاصة. ومنذ انطلاقها، حققت الخدمة شعبية متزايدة، حيث أشارت غوغل إلى أن "ملايين الأشخاص" يستخدمون المنصة بانتظام. ووفقًا لمدير المنتج في "غوغل لابز"، بياو وانغ، كان من أكثر الطلبات المتكررة من المستخدمين توفير نسخة مخصصة للهواتف المحمولة، لاسيما بغرض الاستماع إلى الملخصات الصوتية أثناء التنقل أو طرح الأسئلة حول المصادر من أي مكان وفي أي وقت.

ورغم أن الإطلاق الرسمي للتطبيق كان مقرّرًا ليوم 20 أيار/مايو 2025 تزامنًا مع افتتاح مؤتمر "غوغل آي/أو"، إلا أن الشركة قررت طرحه قبل ذلك بيوم واحد. ووفقًا لعدة مصادر، تهدف هذه الخطوة إلى التمهيد لإعلانات إضافية تخص التطبيق خلال الكلمة الافتتاحية للمؤتمر.

من أبرز مزايا التطبيق الجديد خاصية "الملخصات الصوتية"، التي تحوّل المستندات والمصادر إلى محادثات صوتية بأسلوب بودكاست بين مضيفين افتراضيين يناقشان المحتوى بشكل تفاعلي.

وتتيح النسخة المحمولة من التطبيق تشغيل هذه الملخصات في الخلفية أثناء استخدام تطبيقات أخرى أو عند إغلاق شاشة الهاتف، كما يمكن تحميلها للاستماع إليها لاحقًا دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت، وهو ما يمثل ميزة مهمة خلال السفر أو في المناطق ضعيفة الاتصال. ويمكن للمستخدم التفاعل مع المضيفين الافتراضيين من خلال النقر على زر "انضمام" لطرح الأسئلة أو توجيه المحادثة في اتجاهات جديدة.

ومن الجدير بالذكر أن غوغل وسّعت مؤخرًا دعم ميزة "الملخصات الصوتية" لتشمل أكثر من خمسين لغة، ما يمنح المستخدمين مرونة أكبر للاستماع إلى المحتوى بلغتهم المفضلة.

يعزز التطبيق أيضًا إمكانية مشاركة المحتوى من تطبيقات أخرى مباشرة إلى "نوتبوك إل إم". فعند تصفح موقع إلكتروني، أو عرض ملف بصيغة بي دي إف، أو حتى عند مشاهدة فيديو على "يوتيوب"، يمكن للمستخدم استخدام خاصية المشاركة لإضافة هذا المحتوى كمصدر داخل التطبيق، مما يسهّل تجميع البيانات من مصادر متعددة أثناء التنقل.

ويوفّر التطبيق إمكانية طرح الأسئلة المتعلقة بالمصادر المضافة، مع إجابات مدعومة باقتباسات من النصوص الأصلية، وهو ما يساهم في تعزيز الفهم وربط الأفكار بطريقة أعمق وأكثر دقة.

من حيث التصميم وتجربة الاستخدام، يبدأ التطبيق بصفحة رئيسية تعرض دفاتر الملاحظات كبطاقات ملونة، تتضمن كل منها اسم الدفتر، ورمزًا تعبيريًا، وعدد المصادر المضافة، وتاريخ الإنشاء، بالإضافة إلى زر كبير لتشغيل خاصية "الملخصات الصوتية".

وعند فتح أي دفتر ملاحظات، يظهر شريط تنقّل سفلي يضم ثلاثة أقسام رئيسية. القسم الأول "المصادر" يتيح عرض وإدارة المصادر المضافة، بينما القسم الثاني "المحادثة" يسمح بطرح الأسئلة والتفاعل مع المحتوى. أما القسم الثالث "الاستديو"، فيُستخدم لإنشاء وتشغيل الملخصات الصوتية.

يدعم التطبيق الوضعين الفاتح والليلي، ويتكيّف تلقائيًا مع إعدادات النظام في الجهاز المستخدم دون الحاجة إلى ضبط يدوي. كما أنه متوافق مع كل من الهواتف والأجهزة اللوحية، ما يوفر تجربة موحّدة على مختلف الشاشات.

يتوفر التطبيق للتنزيل المجاني على هواتف "أندرويد" التي تعمل بالإصدار 10 فما فوق عبر متجر "غوغل بلاي"، وعلى أجهزة "آيفون" التي تعمل بنظام "آي أو إس 17" أو الأحدث عبر "آب ستور"، وكذلك على أجهزة "آيباد" عبر نفس المتجر ونفس الإصدار.

ورغم أن التطبيق المحمول يوفر معظم الوظائف الأساسية، إلا أنه يفتقر لبعض الميزات المتوفرة في نسخة الويب. فأنواع المصادر المدعومة حاليًا تقتصر على ملفات بي دي إف، والمواقع الإلكترونية، ومقاطع "يوتيوب"، والنصوص المنسوخة. كما لا يمكن تخصيص أو استبعاد مصادر معينة يعتمد عليها الذكاء الاصطناعي للإجابة، إضافة إلى غياب إعدادات المحادثة وتحليلاتها، وعدم إمكانية إنشاء أو عرض الخرائط الذهنية، أو الأسئلة الشائعة، أو الجداول الزمنية.

ومن المنتظر أن تكشف غوغل عن تفاصيل إضافية بشأن التطبيق وخطط تطويره خلال مؤتمر "آي/أو 2025". وقد صرّحت الشركة بأنها تخطط لإضافة المزيد من التحسينات والميزات خلال الأشهر القادمة.

كما تعمل حاليًا على نسخة مخصصة للشركات والجامعات والمؤسسات تحت اسم "نوتبوك إل إم بيزنس"، لتقديم تجربة مصممة خصيصًا للأغراض التجارية والتعليمية.

وفي ما يخص الخصوصية، تؤكد غوغل أن البيانات الشخصية التي يُحمّلها المستخدم إلى التطبيق لا تُستخدم لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وهو ما يضمن حماية المعلومات الخاصة، ما لم يختر المستخدم مشاركتها مع أطراف أخرى. وتجدر الإشارة إلى أن الردود الصوتية والمحادثات التي يولدها التطبيق يتم إنشاؤها بالكامل بالذكاء الاصطناعي، وقد تتضمن أحيانًا أخطاء أو عيوبًا صوتية.

في المجمل، يمثّل إطلاق "نوتبوك إل إم" على الهواتف خطوة رئيسية ضمن استراتيجية غوغل لتوسيع انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي، وتقديم حلول ملموسة للمستخدمين العاديين تساعدهم في التعامل مع المعلومات المعقدة بشكل أكثر فاعلية وسلاسة.

ومن المتوقع أن تزداد أهمية هذا التطبيق لدى الطلبة والباحثين والمهنيين الذين يحتاجون إلى أدوات مرنة وذكية لإدارة المعرفة وتحليل المحتوى اليومي.