الجزائريات ممنوعات من زيارة المقابر بـ'تهمة السحر'

دعوات جزائرية تتعالى لمنع النساء من دخول المقابر للحد من ظاهرة انتشار الطلاسم والتعاويذ.

الجزائر - يشن عدد من الجزائريين حملة واسعة على زيارة النساء للمقابر بسبب العثور مؤخرا على مجموعة كبيرة من الطلاسم الغريبة بين الموتى، مطالبين السلطات باتخاذ إجراءات صارمة ضد الذين يقفون وراء انتشار السحر والشعوذة في الجزائر وتجريم هذه الظاهرة.

وتأتي الدعوات الجزائرية لمنع النساء من زيارة المقابر، إثر حملة تطوعية للتنظيف بين القبور انطلقت مطلع مايو/أيار الجاري في عدة محافظات، أسفرت عن العثور على عدد كبير من الطلاسم والتعاويذ الغريبة، ما أثار صدمة في صفوف المتطوعين بالحملة واستيائهم من مثل هذه الممارسات والطقوس، وفقا لتقارير إعلامية جزائرية.

وأثارت حملة التنظيف جدلا واسعا تعالت خلاله أصوات مطالبة بمنع النساء من زيارة القبور، وهناك من دعا إلى تثبيت أجهزة كاميرا لمراقبة هذه الأماكن، للحد من انتشار السحر والشعوذة.

وأعرب عدد من رواد المواقع الاجتماعية والصفحات الافتراضية عن استيائهم من مثل هذه الانتهاكات التي تطال حرمة الموتى، بين من يرى أن النساء وراء هذه الممارسات ولا بد من ردعهم عبر منعهم من دخول هذه الأماكن وبين من ينتقد مثل هذه المطالبات باعتبارها تنتهك حقوق المرأة.

ووسط ردود الفعل المتباينة أرجع بعض رواد المواقع الاجتماعية انتشار ظاهرة السحر والشعوذة إلى نقص في الإيمان، حيث كتب معلق على فيسبوك "أثبتت عمليات تنظيف المقابر عبر التراب الوطني أننا نعيش أفظع فترة فراغ إيماني وبعد عن الله والعجب أن الرضع لم يسلموا من السحر"، وشاطره معلق آخر الرأي إذ قال ردا على منشوره "هذه نتيجة تغيب دور المساجد من تقليص دروس الدينية وحصرها فقط في خطب الجمعة التي تكون مجهزة مسبقا من الوزارة إذا غاب الوازع الديني فأنتظر الفساد في المجتمع لقوله تعالى 'ظهر الْفساد في الْبرِّ وَالْبحرِ بمَا كَسَبت أَيدِي النَّاس لِيذِيقَهم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهم يَرجِعون'".

وطالب حساب باسم "محمد قاضي السلفي" على فيسبوك "الدولة الجزائرية بمنع النساء من زيارة المقابر ووضع كاميرات مراقبة.. كميات كبيرة من السحر لا توصف وجدت داخل القبور".

وشددت مغردة عبر حسابها بموقع إكس على ضرورة أن تمنع الدولة الجزائرية النساء من زيارة المقابر ووضع كاميرات مراقبة، قائلة "كميات كبيرة من السحر لا توصف وجدت داخل القبور".

وتوجهت صفحة على فيسبوك في منشور بالشكر "لكل من يقوم بتنظيف المقابر وإزالة هذه الأعمال الخبيثة.. نرجو من الجميع الاستمرار في هذا العمل النبيل، والتبليغ عن كل من يُمارس هذه الأفعال المؤذية".

وأضافت في منشور آخر "ما وجدوه اليوم في المقابر من طلاسم وسحر لا يصدق الكل في صدمة من جرائم السحرة والمشعوذين حتى الأطفال الرضع لم يسلموا منهم حسبيا الله ونعمة الوكيل".

وترى معلقة أخرى أن مظاهر الشعوذة والسحر تزايدت في المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة، وأصبحت المقابر ملاذا للكثير من السحرة والمشعوذين الذين يستغلون ضعف النفوس لتحقيق مآرب خبيثة، قائلة "من المؤسف أن نرى المقابر التي يفترض أن تكون مكانًا للخشوع والدعاء للميت، تُستغل في أعمال السحر الأسود، من دفن طلاسم إلى رش مواد نجسة وغيرها.

وتعتبر هذه المعلقة أن "من أكثر ما يغذي هذه الظاهرة هو زيارة النساء المتكررة للمقابر دون ضوابط، فإضافة إلى أنه محرم شرعا لما فيه من فتنة وانكشاف للعواطف، فإن بعض النساء -عن جهل أو سذاجة- قد يقعن فريسة للمشعوذين، أو قد يساهمن عن غير قصد في نقل أعمال سحرية".

وتدعو أولياء الأمور والسلطات الدينية والمحلية أن يعملوا على منع النساء من زيارة المقابر إلا في حدود الشرع وبضوابط، وذلك من أجل الحفاظ على حرمة الموتى، وصون ديننا ومجتمعنا"، مضيفة "يجب مراقبة المقابر من طرف السلطات ومجالس الأحياء لمنع دفن أعمال السحر أو تعليق الطلاسم على القبور، كما نطالب بتكثيف الحملات التوعوية في المساجد والمدارس حول السحر وخطورته... فلنتعاون جميعا على محاربة هذه الآفة وحماية أعراضنا وديارنا من شر السحر والشعوذة".

ورغم أن جل الدعوات جاءت مع منع النساء من زيارة المقابر في إشارة إلى أنهن غالبا وراء انتشار ظاهرة السحر والشعوذة، إلا أن هناك من يجد أن هذه الحملة تستهدف شغل الجزائريين وتضليلهم خدمة لأجندات أخرى.

ومن جهتها، لم تعلق الجهات الرسمية في الجزائر حتى الآن على هذا الجدل الذي يشهد نسقا تصاعديا، لاسيما مع الانتشار الواسع لعدد من الصور والفيديوهات التي تظهر الطلاسم والتعويذات المكتشفة في المقابر.

ولا تعتبر الجزائر الدولة الوحيدة التي سلط فيها الضوء على هذه الظاهرة، حيث سبق لرواد مواقع التواصل الاجتماعي في عدة دول عربية بينها تونس وليبيا أن أطلقوا حملات مماثلة تدعو إلى تنظيف المقابر من أعمال السحر والشعوذة، أسفرت عن العثور على أعمال سحر وتعاويذ كتبت على صور مواطنين، ما دعا إلى تعالي أصوات أيضا مطالبة بمنع النساء من زيارة المقابر.