غوغل يفشل في تعريف الحب

بينما يستمر البحث عن تعريف للحب في العالم المهتم بصون الكرامات، يبدو أن عالمنا العربي مشغول في صناعة الكراهية وتعريفها بطريقة الولاء للدين والمذهب والطائفة والقومية والقبيلة.
عالمنا العربي مشغول في صناعة الكراهية

لوجرب أحدنا الحصول على تعريف للحب عبر هذا الكم الهائل من المعلومات على غوغل، هل سيفش غله؟

هناك الملايين من الأسئلة عن الحب تطلق في وجه غوغل يوميا، ويتقبلها كمعلم صبور لا يفقد رباطة جأشه ويقترح إجابات بعضها مثير والبعض الآخر ساذج، لأن الحب نسبي ومتنوع وغير واضح دائما. لذلك لديه تعريفات لا تعدّ ولا تحصى اعتمادا على من يجيب عن سؤال بشأن تعريف الحب.

السر الحقيقي في الحب يكمن في تلاؤم هذه التعريفات معا. لكن عالمة الأنثروبولوجيا آنا ماشين، وضعت تعريفا مربكا عندما اعتبرت الحب نوعا من “الرشوة البيولوجية” فالحب الرومانسي والأبوي بالنسبة إليها هو في الأساس مكافأة كيميائية عصبية للتعاون، وهو أمر مختلف عن الدافع الجنسي.

تشرح ماشين ذلك بالقول “عندما يواجه شخص ما من الوهلة الأولى عاطفة داخلية تجاه آخر، فإن الجزء المركزي في الدماغ المسؤول عن العاطفة يطلق الدوبامين وهو مادة كيميائية مكافئة مما يجعله يشعر بالبهجة والدفء ومزيد من الدوافع لتشكيل علاقة مع شخص ما”.

بينما يرى عالم الاجتماع جيس كاربينو أن تجاربنا في الحب تتأثر من خلال عوامل تتجاوز العاطفة العفوية بطريقة معقدة “فالناس يتعمدون في العثور على الحب”. لكن الشفرة الوراثية أو خوارزمية الحب ما زالت عصية على علم الوراثة، كما تثبت عالمة الأنثروبولوجيا هيلين فيشر في كتابها “خارطة الحب”، لأنه يتبلور مع الوقت إزاء الشريك المثالي.

لكن المشكلة ليست بالضرورة عندما يقع الناس في الحب، بل في فشل العلاقات. وحتى علم اللاهوت لديه تعريفات مقنعة عن الحب، فعند فيرنر جانروند، عالم اللاهوت الكاثوليكي في جامعة أكسفورد “الحب يدعونا إلى طريقة أعمق للرؤية” فجميع أشكال الحب موحدة ومحددة من خلال تحدي ما هو عكس الذات. وينطوي الحب في النظرة اللاهوتية على الانخراط مع الآخرين في أربع طرق على الأقل.

هناك إنسان في علاقة متبادلة، ثم هناك علاقتنا بالكون أو الطبيعة، ثم مسألة الله أو الواقع النهائي، فضلا عن علاقتنا بأنفسنا، وهي الأكثر إشكالية حسب جانروند: كيف يمكنني أن أحب نفسي؟ فهو لا يرى أن الكراهية واللامبالاة عكس الحب، ويعتقد أن الناس يخطئون في ذلك فالكراهية هي حب مشوّه، لكنها لا تزال مهتمة ومهووسة بالآخر. أما اللامبالاة فتعني أننا لا نرى الآخر.

بينما يستمر البحث عن تعريف للحب في العالم المهتم بصون الكرامات، يبدو أن عالمنا العربي مشغول في صناعة الكراهية وتعريفها بطريقة الولاء للدين والمذهب والطائفة والقومية والقبيلة!