فرار 5 سجناء من أخطر الإرهابيين من سجن يحيي الجدل حول الاختراقات

من بين الهاربين الخمسة سجين يقضي عقوبة بـ24 عاما بعد إدانته في قضية إرهابية، كما يوجد على قائمة المتهمين في اغتيال السياسي محمد البراهمي.
وزيرة العدل تقيل مدير سجن المرناقية
خبير أمني يرجّح عملية تواطؤ سهّلت هروب المساجين
حزب التيار الشعبي يصف عملية الهروب بـ "فضيحة" و"جريمة" في حق البلاد وأمنها القومي

تونس - أعلنت وزارة الداخلية التونسية عن فرار 5 سجناء مصنفين خطيرين من سجن المرناقية كانوا يقضون عقوبات في قضايا إرهاب فجر اليوم الثلاثاء، في عملية فرار أثارت جدلا وتساؤلات واتهامات من بعض السياسيين بوجود أطراف داخلية وخارجية متواطئة واختراق في الأجهزة الأمنية، فيما بادرت وزيرة العدل التونسية ليلى جفال بفتح تحقيق وإقالة مدير السجن.

وتأتي عملية فرار خمسة من السجناء المصنفين خطيرين والذين يخضعون لرقابة مشددة ويقيمون في نفس الزنزانة في ظرف وصفه سياسيون بأنه "استثنائي" ويستدعي الحيطة والحذر من مؤامرات خارجية لاحداث فوضى في البلاد. 

ومن بين العناصر الإرهابية التي هربت من سجن المرناقية أحمد المالكي المكنى بـ''الصومالي'' الذي يقضي عقوبة بالسجن لـ24 عاما بعد إدانته في أحداث روّاد التي وقعت في فيفري/شباط 2014 عندما اشتبكت مجموعة إرهابية متحصّنة داخل منزل مع قوات الأمن وأسفرت العملية عن مقتل 7 إرهابيين.

كما خضع "الصومالي" للتحقيق بشبهة تورطه في اغتيال السياسي محمد البراهمي في العام 2013 واعتقلته قوة أمنية في فبراير/شباط 2014 في عملية وصفتها وزارة الداخلية حينها بـ"النوعية" تم خلالها القبض على أربعة عناصر إرهابية وحجز كمية من الأسلحة من بينها سلاح رشّاش عيار بالإضافة إلى عدد من الوثائق والهواتف الجوّالة والشرائح.

أما رائد التواتي أحد الفارين الآخرين فهو متهم بذبح شرطي عام 2014 في جبال الشعانبي قرب الحدود الجزائرية وأصدرت محكمة تونسية هذا العام حكما يقضي بإعدامه بعد إلقاء القبض عليه في 2019 وتقول مصادر أمنية إنه متورط أيضا في "أعنف الهجمات الإرهابية" التي هزت البلاد في العقد الماضي.

ودعت الداخلية المواطنين إلى الإبلاغ عن الإرهابيين الفارين من السجن فورا في حال مشاهدتهم وباشرت وحدة أمنية مختصة في مكافحة الإرهاب تحقيقا للكشف عن ملابسات هروبهم، وسط شبهات عن تواطؤ سهّل فرارهم خاصة وأنهم يخضعون لمراقبة مشددة بينما يعتبر السجن من أكثر السجون التونسية تحصينا.

وأصدرت وزيرة العدل ليلى جفال اليوم الثلاثاء 31 أكتوبر/تشرين الأول قرارا يقضي بإعفاء مدير السجن المدني بالمرناقية من مهامه، وفق ما أكده الناطق الرسمي باسم الهيئة العامة للسجون والإصلاح لراديو "موزاييك" المحلي الخاص، بينما أجرى ممثل النيابة العمومية بالقطب القضائي لمحافحة الإرهاب وقاضي التحقيق بالقطب وممثل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بمنوبة المعاينات الأولية بسجن المرناقية كما استمعوا إلى جملة من الشهادات.

وقالت وزارة الداخلية التونسية اليوم الثلاثاء إن الوزير قرر إقالة المدير العام للمصالح المختصة والمدير المركزي للاستعلامات العامة عقب فرار خمسة سجناء متهمين باغتيال اثنين من السياسيين البارزين وقتل رجال شرطة قبل سنوات، من سجن المرناقية.

وأفادت الداخلية في منشور على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك بأنه "تم إشعارها من قبل إدارة السجن المدني بالمرناقية بفرار خمسة عناصر خطيرة محل أحكام سجنية تتعلق بقضايا إرهابية من السجن المذكور فجر اليوم الثلاثاء 31 أكتوبر/تشرين الأول"

وتابعت أنه "تم تحسيس جميع الوحدات الأمنية بضرورة تكثيف البحث والتقصي والتفتيش السريع والأكيد قصد القبض عليهم في أقرب الآجال"، داعية كافة المواطنين عند مشاهدتهم أو الحصول على أي معلومات تخصهم التوجه إلى أقرب وحدة أمنية للإبلاغ عنهم أو الاتصال بالأرقام الهاتفية الموضوعة للغرض.

كما أمرت ليلى جفال وزيرة العدل بفتح بحث إداري لتحديد المسؤوليات بشأن تمكن المساجين الخمسة من الفرار في حادث نادر من نوعه بالنسبة إلى البلاد.

ودعت المحامية ليلى الحداد عضو هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي إلى ضرورة تحميل المسؤوليات في حادثة هرب المساجين الخمسة، مشيرة إلى أنهم يعتبرون من أخطر العناصر الإرهابية، متسائلة إن كانت توجد اختراقات أتاحت فرار هؤلاء.

وقال الخبير الأمني علي الزّرمديني في تصريح لموقع "تونس الرقمية" إن "سجن المرناقية من أكبر السّجون التونسية وله أهمّية إستراتيجيّة وأمنية بما أنه يضم أخطر المجرمين والإرهابيين"، مضيفا أنه "محصن تحصينا كبيرا".

واستبعد أن تكون عملية فرار المساجين الخمسة "دون تواطؤ أطراف من داخل السجن وخارجه"، قائلا إنه "مهما كانت حيلة المجرمين فمن غير الممكن أن تتم العملية بهذا الحجم وبهذه الكيفية وفي وقت متزامن".

وأوضح أن "الإرهابيين المصنّفين على درجة كبيرة من الخطورة يتم فصلهم عن بعضهم كما تتم مراقبة الزنازين التي يقبعون فيها في إطار إجراءات أمنية"، مشيرا إلى "وجود تقصير أمني واضح"، مستدركا أن "أعوان السّجون في تونس متدرّبون بشكل جيد وبإمكانهم اتخاذ كلّ الاحتياطات لإحباط مثل هذه العمليات". 

وحذر من "الخطر الذّي قد ينتج عن فرار هؤلاء المساجين" باعتبارهم من أخطر الإرهابيين، داعيا إلى "ضرورة إعادتهم إلى مكانهم الطبيعي".

وحمّل حزبا التيار الشعبي والوطنيين الديمقراطيين الموحّد "شق زياد الأخضر" وزارتي الداخليّة والعدل ومصالح السجون "مسؤولية فرار خمسة عناصر إرهابية من سجن المرناقية من بينهم مورّطون في قضيتي اغتيال محمد البراهمي وشكري بلعيد".

وقال "التيّار الشعبي" في بيان إن "عملية فرار خمسة عناصر إرهابية من سجن المرناقية تحوم حولها عديد الشبهات وتعد فضيحة وجريمة في حق البلاد وأمنها القومي وشهدائها"، مشيرا إلى أنه من "بين الفارين العنصر الرئيسي المشارك في عملية اغتيال البراهمي وهو أحمد المالكي المكنى بـ"الصومالي" وعامر البلعزي المشارك في اغتيال البراهمي وبلعيد".
واعتبر حادثة الهرب "حلقة جديدة من حلقات المؤامرة الكبرى التي حيكت لاغتيالهما وما تلى ذلك لسنوات طويلة من محاولات طمس الحقيقة والإفلات من العقاب"، داعيا إلى توفير حماية أمنية مشددة لعائلتي البراهمي وبلعيد.

واعتبر حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحدّ (شق منجي الرحوي) أن هذه "العملية الخطيرة تؤكّد أنّ تونس لا تزال تعيش تحت تهديدات الخلايا الإرهابية ومخلفات عشرية الخراب التي تستهدف الدولة والمجتمع"، مشيرا إلى أن "الأمر "قد لا يكون متعلقا بمجرد هروب بل بعملية تهريب كبيرة، تكشف مدى اختراق المجموعات الإرهابية لبعض أجهزة الدولة وتورط وتواطؤ البعض الآخر معها".