فرصة لا تضيعوها

لن يخسر العرب بتأييد روسيا فهم يدفعون الثمن دائما ولم يسبق لهم أن وقفوا موقفا شجاعا.
روسيا تعرضت لمظالم غربية كثيرة وهذه مجرد حلقة في سلسلة المظالم
فرصة ذهبية لتحويل مسار العرب الذي جعلهم ضحايا ويحتاجون الى نصير

امتلأ تويتر بعبارات التأييد الشعبي لروسيا من جانب الشعوب العربية. والانسان العادي يعتمد على معايير الحق والعدل دون حسابات لردود الأفعال. أما الحكومات العربية فقد التزمت الصمت خوفا من ردود الأفعال على الرغم من الفرصة سانحة لكسب روسيا والتحالف معها، فهي لم تلحق ضررا بالشعوب العربية كالذي فعله الغرب بهم من غزو واحتلال وتدمير وابتزاز وتأييد مطلق لإسرائيل وجلب إيران الى المنطقة العربية والتساهل معها. وإذا انتصر التحالف الغربي على روسيا، لن يفعلوا أكثر مما فعلوه، فالحياد سوف يسجل على العرب ولن يخدمهم مستقبلا، بل سوف يعاديهم الشرق والغرب معا. فهذه فرصتهم التي يمكن من خلالها تغيير الواقع الذي يكبلهم ويحاصرهم.

لقد تعرضت روسيا لمظالم غربية كثيرة وهذه مجرد حلقة في سلسلة المظالم. فالغرب يريد محاصرتها بالقواعد العسكرية المعادية في مخالفة للاتفاقات السابقة التي تقضي بعدم توسع الناتو باتجاه روسيا، ولو أذنت لهم، فسوف تكون الخطوة التالية احتلال روسيا، أي أن تأييد روسيا هو تأييد للحق وتحقيق مكاسب عملية.

روسيا لن تهزم هذه المرة كما هزمت في أفغانستان وقد استعدت لمواجهة التكالب الغربي عليها بالسلاح النووي أي أنها إذا شعرت أنها في موقف ضعف سوف يدفع العالم كله الثمن، ولن تسمح للإمبريالية الغربية بالتوسع على حسابها ولن تنتظر الغرب حتى يخطط وينفذ ويجلب المقاتلين من الشرق والغرب، والذين يمكن أن يكونوا جهاديين إسلاميين، بل سوف تسبقهم وتسد الطريق عليهم، فماذا ينتظر العرب ولماذا لا يعلنون التأييد لها؟

بالطبع، سوف يقولون أن كل مصالحهم واستثماراتهم موجودة في الدول الغربية، وسوف يتعرضون لأعمال انتقامية تخسرهم المليارات، ولكن الابتزاز الأميركي للعرب خسرهم ترليونات وسوف يخسرون أكثر اذا اتخذوا موقف الحياد، ولم يخطئ مراسل سي بي اس الأميركية الذي قال أن أوكرانيا ليست العراق وأفغانستان، في إشارة عنصرية الى أن العرب جبناء، وفي الواقع أنهم حين يمتنعون عن تأييد روسيا، فهم جبناء، لأن الحق مع روسيا وقد استفزت الى أبعد حد، ولم تطالب سوى بالالتزام باتفاق مينسك 2015 الذي يقضي بعدم توسع الناتو باتجاه روسيا، أي أن التحالف الغربي هو الذي انتهك الاتفاق ومن حق روسيا أن تدافع عن نفسها.

لا يريد العرب أن تنفرد إيران بالتحالف مع روسيا. وإذا انقشع غبار المعركة وانتصرت روسيا أو توقف القتال دون هزيمة أحد، فسوف تكسب إيران التأييد الروسي ويدفع العرب ثمن حيادهم من الشرق والغرب معا اللذين سيقتنعان أنهم جبناء ولا بأس بإبادتهم، فالحياد لن يجلب لهم نفعا أو يدرأ عنهم ضرا.

لن يخسر العرب بتأييد روسيا فهم يدفعون الثمن دائما ولم يسبق لهم أن وقفوا موقفا شجاعا، فهم دائما إما خائفون ويدفعون الجزية أو يقاومون العدوان، وهذه فرصة ذهبية لتحويل هذا المسار الذي أوقعهم في مآزق كثيرة جدا، وجعلهم طوال التاريخ ضحايا ويحتاجون الى نصير.