فرنسا تستكشف استعداد الجزائر لتحسين العلاقات بعد أشهر من الفتور

وزيرة الخارجية الفرنسية الجديدة تجري أول اتصال بنظيرها الجزائري بينما يأتي هذا الاتصال ضمن مساعي الحكومة الفرنسية الجديدة لإخراج العلاقات بين البلدين من دائرة البرود.
المباحثات الفرنسية شملت التوتر بين الجزائر واسبانيا والنزاع في الصحراء المغربية
فرنسا بحاجة للجزائر لدعمها في ملف مالي بعد انسحاب قوة برخان
وزير الخارجية الجزائري يتحدث عن أهمية الحوار وشراكة متوازنة مع فرنسا

باريس - أجرت كاثرين كولونا وزيرة الخارجية الفرنسية الجديدة الاثنين اتصالا بنظيرها الجزائري ورمطان العمامرة، في أول تواصل بينهما منذ تسلمها منصبها، بينما يأتي هذا الاتصال ضمن مساعي الحكومة الفرنسية الجديدة لإعادة تنشيط العلاقات بين البلدين بعد أشهر من الفتور.

وشهدت العلاقات الفرنسية الجزائرية تقلبات وتوترات على خلفية أكثر من ملف يتصدرها ملف الذاكرة وتصريحات منسوبة للرئيس الفرنسي امانويل ماكرون هاجم فيها النظام الجزائري ونفى وجود أمة جزائرية وتحدث عن نظام عسكري يعيش من ريع الذاكرة الاستعمارية.

كما تأخذ الجزائر على فرنسا توفير ملاذ آمن لمنظمة 'ماك' الانفصالية التي تطالب بانفصال منطقة القبائل ومنظمة رشاد الإسلامية وعدد من الشخصيات المعارضة الذين تتهمهم السلطة الجزائرية بالإرهاب.

وسبق كذلك أن أثارت باريس غضب الجزائر من خلال قرار ترحيل عشرات الجزائريين ممن تتهمهم فرنسا بالتطرف وهو أمر رفضته السلطات الجزائرية وامتنعت عن استقبالهم.

وقبل وبعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز فيها ماكرون بولاية رئاسية جديدة بغالبية ضعيفة، دشن البلدان جهودا للخروج من فترة العلاقات الباردة المستمرة منذ أشهر طويلة.

وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قد وجه لنظيره الفرنسي برقية تهنئة بفوزه بولاية رئاسية جديدة معبرا عن أمل الجزائر في تعزيز العلاقات الثنائية.

وأشار بيان صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية اليوم الثلاثاء إلى أن كاثرين كولونا ورمطان العمامرة "أكدا نيّتهما مواصلة الدينامية الإيجابية في العلاقات الثنائية بين فرنسا والجزائر".

وغرّد العمامرة الثلاثاء على تويتر قائلا "تبادل مثمر مع زميلتي كاثرين كولونا حول آفاق شراكة متوازنة ومفيدة للطرفين وحوار معزّز لخدمة الاستقرار والازدهار على المستوى الإقليمي والدولي".

وتسعى فرنسا والجزائر لإعطاء دفع جديد لعلاقاتهما بعد أزمة دبلوماسية خطيرة.

واستدعت الجزائر سفيرها لدى باريس في أكتوبر/تشرين الأول 2021 ردا على تصريحات صادرة عن ماكرون قال فيها إن الجزائر بعد استقلالها في العام 1962 الذي وضع حدا لـ132 عاما من الاستعمار الفرنسي، بُنيت على "ريع الذاكرة"، الذي عززه "النظام السياسي-العسكري". وقد عاد السفير الجزائري إلى فرنسا في السادس من يناير/كانون الثاني الماضي

وبالإضافة إلى الإدارة الحساسة دائما للماضي الاستعماري، فإنّ الملفات الثنائية لا تعدّ ولا تحصى.

وأضافت وزارة الخارجية الفرنسية أنّ الوزيرين "تطرقا إلى آخر التطورات في العلاقات الجزائرية-الإسبانية"، مشيرة إلى "التمسك بالعلاقات الجيدة بين شركائنا الأوروبيين وجيراننا على الشاطئ الجنوبي للمتوسط".

وعلّقت الجزائر الأربعاء الماضي العمل بـ"معاهدة صداقة وحسن جوار وتعاون" مع إسبانيا، بعد تعديل في موقف مدريد من قضية الصحراء المغربية جعل موقفها أقرب إلى موقف المغرب، مثيرة بذلك استياء كبيرا في الجزائر الداعم الرئيسي لجبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء، بينما يتمسك المغرب بسيادته على كامل أراضيه بأقاليمها الجنوبية مقترحا حكما ذاتيا كسبيل لحل النزاع الدائر منذ عقود بينه وبين جبهة البوليساريو الانفصالية.

وتلقى المقترح المغربي الذي ينص على حكم ذاتي تحت سيادة المملكة المغربية دعما دوليا كبيرا بوصفه الأكثر واقعية والقابل للتطبيق وهو أمر أثار حفيظة الجزائر وعزز عزلتها وعزلة البوليساريو في ما يتعلق بالتعاطي مع النزاع في الصحراء المغربية.

وشملت مباحثات الوزيرين كذلك الأزمات في مالي وليبيا، بينما تبدو فرنسا في حاجة ماسة للدعم الجزائري بعد نكسات انتهت بقرار سحب قوة برخان من مالي بطلب من المجلس العسكري الذي يتهم باريس بارتكاب انتهاكات واسعة.

وتسعى القوة الفرنسية المناهضة للجهاديين "برخان" المنتشرة في منطقة الساحل، إلى إغلاق قواعدها العسكرية الأكثر تقدما في شمال مالي، وسط توترات شديدة بين باريس وباماكو.

وأمس الاثنين أعلنت هيئة أركان الجيوش الفرنسية أن قواتها نفذت المرحلة الأخيرة قبل الانسحاب النهائي الذي يفترض أن يكتمل في نهاية الصيف الحالي. وانسحبت القوات من قاعدة ميناكا العسكرية في شمال شرق مالي لتسليمها للقوات المسلحة المالية.

وتقدم الجزائر نفسها كلاعب رئيسي في عودة الاستقرار الإقليمي، على أساس ما يسمى باتفاقيات الجزائر الموقعة عام 2015 بين الحكومة والمتمردين السابقين غير الجهاديين، والتي لم تطبّق أبدا.

واختبرت فرنسا في العام الماضي إلى أي مدى يمكن أن تعطل الجزائر عملياتها في منطقة الساحل حيث أعلنت السلطات الجزائرية في خضم التوترات السابقة منع تحليق المقاتلات وطائرات الشحن الفرنسية في أجوائها وهو أمر يؤثر بشدة على جهود مكافحة الإرهاب.