فيتو أميركي محتمل على مشروع هدنة في غزة في ذروة أزمة إنسانية

مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من واشنطن تتوقف عن توزيع المساعدات في وقت تضغط فيه على إسرائيل لتعزيز تدابير سلامة المدنيين خارج محيط مواقع التوزيع.

غزة - توقفت مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة عن توزيع المساعدات اليوم الأربعاء في وقت تضغط فيه على إسرائيل لتعزيز تدابير سلامة المدنيين خارج محيط مواقع التوزيع، وذلك بعد مقتل عشرات الفلسطينيين الذين كانوا يسعون للحصول على المساعدات هذا الأسبوع، بينما ينتظر أن يصوت مجلس الأمن على قرار لوقف إطلاق النار في غزة، فيما يُتوقع أن تستخدم واشنطن الفيتو للمرة الأولى في عهد إدارة الرئيس دونالد ترامب الجديدة، لإسقاط المشروع.

وقالت المؤسسة إنها طلبت من الجيش الإسرائيلي "توجيه حركة المشاة بطريقة تقلل من احتمالات الفوضى أو التصعيد" بالقرب من الأماكن العسكرية، ووضع إرشادات أكثر وضوحا للمدنيين، وتعزيز التدريب لدعم سلامة المدنيين.

وقالت مصادر طبية إن أكثر من 80 شخصا قتلوا جراء إطلاق النار عليهم وأصيب المئات بالقرب من نقاط توزيع بداية من يوم الأحد وعلى مدار ثلاثة أيام، بينهم 27 على الأقل قتلوا الثلاثاء.

وذكر سكان أن جنودا إسرائيليين فتحوا النار على الحشود التي تجمعت قبل الفجر أملا في الحصول على طعام. ونفى الجيش ذلك لكنه أقر الثلاثاء بأن جنوده أطلقوا الرصاص على "مشتبه بهم" تجاهلوا الطلقات التحذيرية وكانوا يقتربون من أفراده.

وقال متحدث باسم المؤسسة "أولويتنا القصوى هي الحفاظ على سلامة المدنيين المتلقين للمساعدات وكرامتهم". وحذر مسؤول عسكري إسرائيلي السكان من التحرك في المناطق المؤدية إلى مواقع المؤسسة اليوم الأربعاء، معتبرا إياها "مناطق قتال".

وجاء إطلاق الجهد الجديد لتوزيع المساعدات على سكان غزة، الذين يزيد عددهم على المليوني نسمة، وسط هجوم شرس جديد تنفذه إسرائيل منذ أواخر الشهر الماضي. وتقول الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى إن هذا النموذج، الذي يعتمد على أفراد أمن ولوجستيات من شركات أميركية خاصة، يتسبب في عسكرة المساعدات.

وفي غضون ذلك، يتواصل العنف في القطاع، فيما قالت وزارة الصحة في غزة إن الضربات الإسرائيلية قتلت 95 فلسطينيا على الأقل خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، بينهم نساء وأطفال في مدرسة تؤوي عائلات نازحة تعرضت للقصف قرب مدينة خان يونس بالجنوب.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الثلاثاء "هذا أمر غير مقبول.. يخاطر المدنيون بحياتهم، ويفقدونها في حالات كثيرة، وهم يحاولون فقط الحصول على الطعام". وأضاف أن نظام توزيع المساعدات الذي تدعمه الولايات المتحدة وإسرائيل "كارثة محققة، وهذا بالضبط ما يحدث".

ويقول الخبراء إن سكان غزة بأكملهم معرضون لخطر المجاعة رغم الجهود المتتالية للتخفيف من حدة الكارثة الإنسانية. وقادت الأردن العام الماضي عمليات إنزال جوي للمساعدات الإنسانية، بينما قامت الولايات المتحدة بتركيب رصيف عائم واستمر عمله لفترة وجيزة.

ودائما ما تلقي الأمم المتحدة بالمسؤولية على إسرائيل والفوضى في القطاع في عرقلة وصول المساعدات إلى غزة وتوزيعها في أنحاء مناطق الحرب، فيما تتهم الدولة العبرية حماس بسرقتها المساعدات، وهو اتهام تنفيه الحركة.

وطلب الأعضاء العشرة المنتخبون في مجلس الأمن الدولي من المجلس المكون من 15 عضوا التصويت اليوم الأربعاء على مشروع قرار يطالب بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة، تحترمه جميع الأطراف.

ويطالب نص مشروع القرار أيضا بالإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس وغيرها، والرفع الفوري لجميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وتوزيعها بشكل آمن ودون عوائق، عبر جهات منها الأمم المتحدة في جميع أنحاء القطاع.

وقال سفير سلوفينيا لدى الأمم المتحدة سامويل زبوجار "مضى وقت التحرك بالفعل... مسؤوليتنا التاريخية ألا نلتزم الصمت". وبينما تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، لم يتضح بعد ما إذا كانت واشنطن ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار كما تفعل عادة مع القرارات التي ليست على هوى إسرائيل.

وترفض إسرائيل الدعوات لوقف إطلاق النار غير المشروط أو الدائم، وتقول إنه لا يمكن السماح لحماس بالبقاء في غزة.

وقال متحدث باسم البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة "لا يمكننا الكشف عن إجراءاتنا التي هي قيد البحث حاليا".

ويحتاج إقرار مشروع القرار إلى تسعة أصوات مؤيدة وعدم استخدام أي من الدول دائمة العضوية، وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، حق النقض.

لكن يتوقع أن تستخدم الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، الفيتو ضد مشروع القرار، بحسب ما ذكر عدد من الدبلوماسيين، مؤكدين أن ممثلي الدول العشر المنتخبة في المجلس الذين سيقدمون النص، حاولوا عبثا التفاوض مع الأميركيين.

ويعتبر هذا التصويت الأول للمجلس حول هذه القضية منذ نوفمبر/تشرين الثاني، عندما عطلت الولايات المتحدة برئاسة جو بايدن نصا يدعو إلى وقف إطلاق النار.

ويعود آخر قرار للمجلس إلى يونيو/حزيران 2024، عندما أيّد خطة أميركية لوقف إطلاق نار متعددة المراحل تنص على إطلاق سراح رهائن إسرائيليين في القطاع، ولم تتحقق الهدنة إلا في يناير/كانون الثاني 2025.