في عيد الحب

إباحة العلاقات الغرامية والجنسية دون زواج تحتاج الى مجتمع منضبط وقانون يسيطر على كل جوانب الحياة بحيث يحافظ على حقوق الناس جميعا، ودون ذلك، تنتشر الفوضى وتنعدم المسؤولية.
الحب قد يكون أجمل ما في الحياة وأبشع ما فيها في آن واحد
جرائم فظيعة وكثيرة تنجم عن الحب في الدول التي تحكمها الفوضى

يدور الجدل حول عيد الحب في الدول الاسلامية، ويستنكر الكثيرون الاحتفال به من باب أنه احتفال بقصة حب أتبعها الزنا والموت، وهو دون شك أمر بشع، لأن إباحة العلاقات الغرامية في مجتمعات غير متحضرة يؤدي الى مصائب وكوارث، فالدول المتحضرة لا تلقي بالا الى هذا الأمر وتعتبره مسألة شخصية ولكنها تتدخل اذا ما أدت الى اعتداء على النفس والمال في حين أن الدول التي تحكمها الفوضى، ينجم عن الحب جرائم فظيعة لا سبيل الى حصرها، ففي الفلبين على سبيل المثال، نصف المواليد المسجلين هم خارج إطار الزواج، ويبلغ عدد أطفال الشوارع نحو 5 مليون طفل حسب إحصاءات عام 2020، أي عدد دولة كاملة. إن الحب بدون حضارة وحكم راسخ للقانون يؤدي الى مآسي وجرائم بحق الانسانية.

الحب قد يكون أجمل ما في الحياة وأبشع ما فيها في آن واحد، فإذا كان مضبوطا بالقانون والمستوى الحضاري والعلمي والثقافي الرفيع، فإنه يجعل الحياة جديرة بالعيش ويكون دافعا قويا للعمل والانتاج والإبداع، والحرمان منه يؤدي الى خلق شخصيات كئيبة ومحبطة وغير مقبلة على العمل والانتاج والابداع وتحقيق الذات، وهذه طبيعة الانسان التي لا مجال لإنكارها.

في الدول المتقدمة كالدول الاسكندنافية يحظى كل انسان بنصيبه من الحب وقد ينجح وقد يفشل دون ترك آثار وخيمة على الفرد مثل وصمة العار أو ضياع أطفال أو ضياع حقوق الأفراد بشكل عام، شأنه شأن كل الأمور التي ينظمها القانون ويسيطر عليها، وقلما نجد شخصا تزوج مرة واحدة وقلما نجد شخصا محروما من الحب وكثيرا ما نجد أشخاصا يرغبون بتكوين أسرة دون زواج بحيث لا يترتب على الفراق اقتسام الأملاك، ولكن كلا من الوالدين يتحمل عبء الإنفاق والرعاية للأطفال، وإذا لم يرغبا بذلك، فإن الدولة تأخذ الأطفال وتربيهم أو تعطيهم لأزواج يرغبون بالتبني ولديهم الظروف اللازمة لرعاية طفل تحت التفتيش والإشراف المستمر على تقدم نمو وتطور الطفل.

فهل يمكن إباحة الحرية العاطفية والجنسية في بلاد العرب؟ إن العرب عاجزون عن تنظيم الطعام والشراب وحفظ الحق حتى في الماء الضروري للحياة، وكثير من الآباء لا يعرفون عن أطفالهم شيئا سوى أسمائهم، فكيف اذا صارت العلاقات الغرامية مباحة؟ كم طفل سيجوع؟ كم امرأة ستنتهي وحيدة مع أطفالها؟ كم أب سيمتنع عن الانفاق؟ ما هو المستقبل الذي ينتظر الطفل؟ إن كل هذه المشاكل موجودة حتى دون علاقات غرامية ودون أطفال خارج الزواج، فكيف اذا حدثت دون زواج؟

إن إباحة العلاقات الغرامية والجنسية دون زواج تحتاج الى مجتمع منضبط وقانون يسيطر على كل جوانب الحياة بحيث يحافظ على حقوق الناس جميعا، ودون ذلك، تنتشر الفوضى وتنعدم المسؤولية ويصبح الناس مثل الوحوش يأكلون حقوق بعضهم البعض ويتكاثرون دون تخطيط أو ترتيب ويضيع الأطفال ويتشردون، ولا يمكن لأحد أن يحصل حقوقه وتعم الفوضى ويتهتك المجتمع.