قاعدة روسية سورية في عين العرب لمنع التمدد التركي
دمشق – كشفت صحيفة "الوطن" المحلية أن القاعدة العسكرية المشتركة بين القوات الروسية والقوات السورية في عين العرب بريف حلب الشرقي، تهدف إلى "ضبط الحدود ومنع التمدد التركي"، مشيرة إلى أن إقامة القاعدة يسهم في "طمأنة" تركيا بالحيلولة دون تنفيذ أعمال عدائية إلى داخل الأراضي التركية"، وهي المخاوف التي تبرر بها أنقرة بقاء قواتها في سوريا وأحد الملفات العالقة للتطبيع بين البلدين.
وذكر نائب مدير "المركز الروسي للمصالحة"، العقيد البحري أوليغ إيغناسيوك، الأسبوع الماضي أن "القوات المسلحة التابعة لروسيا الاتحادية والجمهورية العربية السورية أنجزت إقامة قاعدة "كوباني" في المنطقة القريبة من الحدود السورية التركية على أراضي محافظة حلب".
وأفادت الصحيفة المقربة من الحكومة السورية نقلا عن مصادرها أن إنشاء القاعدة "يشكل تحولاً مهماً لفرض الاستقرار في أهم المناطق الاستراتيجية المتنازع عليها، ونزع فتيل التفجير عبر إبطال ذرائع وحجج تركيا لاحتلالها".
وأضافت أن "الغرض من تأسيس القاعدة هو منع إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من احتلال عين العرب، التي هدد وأركان إدارته باحتلالها لوصل مناطق نفوذ الجيش التركي في حلب مع مناطق شمال شرقي سوريا في الرقة الحسكة".
دمشق تعتبر أن إنشاء القاعدة يشكل تحولاً مهماً لفرض الاستقرار في أهم المناطق الاستراتيجية المتنازع عليها ونزع فتيل التفجير عبر إبطال ذرائع وحجج تركيا لاحتلالها.
وترى المصادر التي تعبر عن وجهة نظر دمشق عبر الصحيفة أنها على قناعة بأن إقامة القاعدة في مثل هذا التوقيت الذي يسوده التوتر، يسهم في طمأنة إدارة الرئيس التركي بالحيلولة دون تنفيذ أعمال عدائية قد تنطلق من عين العرب إلى داخل الأراضي التركية، ما يسهم في توفير نوع من الحماية للحدود التركية في هذه المنطقة المضطربة.
وأشارت إلى أنه تم التنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، مضيفة أنه من دون موافقتها ما كان يمكن إقامة هذه القاعدة العسكرية، لتهدئة الوضع الميداني في المنطقة، ولوقف التصعيد العسكري من الجيش التركي بانتزاع ذريعة تسلل عناصر من الميليشيات إلى الداخل التركي أو قصف مناطق فيه.
وتمتد قاعدة عين العرب على طول الحدود السورية المشتركة للمنطقة مع تركيا، والبالغة 96.6 كيلو متراً من أصل نحو 909 آلاف كيلومترات إجمالي طول الحدود السورية التركية، أي ما مقداره 10.6 بالمئة من طول الحدود.
وتأتي أهمية القاعدة لمراقبة العمليات القتالية والحدود، على مساحة كبيرة إذ أن تركيا تطلب من سوريا، من خلال عمليات التفاوض لإعادة العلاقات بين الجانبين، نشر قوات الجيش على طول حدود البلدين، التي يسيطر الجيش التركي على جزء منها، فيما تسيطر "قسد" على حدود مناطق أخرى شرقي الفرات وهو ما يثير قلق أنقرة؟
وأعلن "المركز الروسي للمصالحة في سوريا" الأسبوع الماضي عن إنشاء القوات الروسية، إلى جانب القوات السورية، قاعدة عسكرية في عين العرب بريف حلب الشرقي. وذكر إيغناسيوك، أن الإجراءات مستمرة "للرقابة على نظام وقف العمليات القتالية بين الأطراف المتنازعة".
وتقع عين العرب على الشريط الحدودي مع تركيا، وتخضع لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، مع وجود محدود لعناصر الجيش السوري فيها.
وتعد عين العرب معقلاً لكثير من قيادات "قسد" ومسقط رأسهم، ومنها خرج العديد من الشبان إلى جبال قنديل للانضمام إلى حزب "العمال الكردستاني"، وبذلك لها رمزية كبيرة لدى الحزب و"قسد" على حد سواء.
ولطالما سعت تركيا للسيطرة على المدينة، من أجل إبعاد "قسد" عن حدودها، وفي الوقت نفسه، وصلت مناطق سيطرة المعارضة السورية غربي الفرات بمناطق المعارضة شرقي الفرات "نبع السلام".
وخلال السنوات الماضية، سيّرت القوات الروسية والتركية العديد من الدوريات العسكرية في ريف عين العرب، وذلك وفق اتفاق توصل إليه الجانبان في عام 2019.
وجاء الاتفاق في خضم عملية "نبع السلام" التي قامت بها تركيا في ذلك العام في شرقي الفرات واستحوذت من خلالها على منطقتي تل أبيض في ريف الرقة الشمالي ورأس العين في ريف الحسكة شمال غربي الحسكة.
واضطرت "قسد" في حينه لتقديم تنازلات ميدانية للروس والقوات السورية لإيقاف العملية العسكرية التركية عند حدود معينة، خصوصاً أن الجانب الأميركي وهو الداعم الرئيسي لـ"قسد"، أعطى أنقرة الضوء الأخضر للتوغل على حسابها ولكن بعيداً عن منابع النفط والغاز.
وأخلى التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة في ذلك العام، العديد من نقاطه في مسرح عمليات الجيش التركي أو في محيطه، ومن ضمنها قاعدة في بلدة خراب العاشق في عين العرب. فيما أرسى الروس دعائم نفوذ لهم في منطقة شرقي نهر الفرات، وباتوا منافساً رئيسياً في هذه المنطقة التي تسمى "سورية المفيدة" نظراً لغناها بالثروات الزراعية والنفطية.