قرارات الاتحادية العليا في قلب السجال السياسي في العراق

الإطار التنسيقي ومجلس النواب العراقي يدافعان عن المحكمة الاتحادية العراقية في مواجهة محاولات للتشكيك في دستورية قراراتها.

بغداد - يعيش العراق على وقع سجالات سياسية محورها المحكمة الاتحادية العليا (أعلى هيئة قضائية في العراق) على خلفية تشكيك شخصيات كردية في نزاهة ودستورية قراراتها وعلى اثر إعلان النائب السابق مشعان الجبوري تعرضه للتهديد بإسقاط عضويته في البرلمان من قبل رئيس المحكمة جاسم العميري.

وعبر رئيس مجلس النواب العراقي بالنيابة محسن المندلاوي وقبله كتلة الإطار التنسيقي النيابية عن دعمهما للمحكمة الاتحادية العليا أعلى هيئة قضائية عراقية، تتعرض لانتقادات من أطراف سياسية.

وحذر المندلاوي من محاولات استهداف الاتحادية العليا، معتبرا أن ذلك يشكل محاولة خطيرة لتعريض أمن العراق للتهديد، بينما تأتي هذه التطورات على وقع حملة تشكيك في نزاهة قرارات أعلى هيئة قضائية عراقية.

وفي بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، أعرب رئيس مجلس النواب العراقي بالإنابة عن دعم السلطة التشريعية ممثلة بالبرلمان، للمحكمة الاتحادية العليا "بما يُعزز من دورها في حفظ وحدة العراق وصيانة الدستور وحماية النظام الديمقراطي الحديث وتطبيق العدالة وتحقيق سيادة القانون".

وأشار إلى أن المحكمة الاتحادية تتعرض لمحاولات النيل من شرعيتها واستقلاليتها والتشكيك في نزاهة قراراتها، داعيا إلى ضرورة دعم جهود المحكمة في حفظ الدستور والمال العام.

وجاء بيان المندلاوي في أعقاب بيان مماثل أصدرته الكتلة البرلمانية لقوى الإطار التنسيقي (القوى الشيعية الموالية لإيران) عبرت فيه عن تضامنها مع السلطة القضائية والاتحادية العليا إزاء ما تتعرض له من انتقادات تستهدف النيل من مصداقيتها واستقلاليتها.

وكان الإطار التنسيقي قد أكد في بيانه على أهمية الالتزام بمبدأ الفصل بين السلطات وعدم تمدد أي سلطة على الأخرى لحفظ التوازن الدستوري في صناعة القرار وآليات التنفيذ والرقابة.

وتابع في بيانه أنه "ينظر بعين الاحترام والتقدير للمحكمة الاتحادية العليا ورئيسها القاضي جاسم العميري"، مضيفا أنه يجدد احترامه  لقرارات المحكمة وعدم التقليل من شأنها، داعيا كافة القوى السياسية إلى التزام ذات المنهاج.

وكان النائب السابق مشعان الجبوري قد ذكر أمس الأربعاء في تصريحات تلفزيونية أعاد تأكيدها على حسابه بمنصة اكس (تويتر سابقا) أن رئيس المحكمة الاتحادية العليا جاسم العميري سبق أن هدده بإسقاط عضويته من البرلمان إذا لم يتخلى عن التحالف الثلاثي الذي كان يضم التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة والذي تشكل بعد آخر انتخابات تشريعية قبل أن يتفكك بانسحاب الصدريين من العملية السياسية.

كما يأتي تضامن الإطار التنسيقي والبرلمان العراقي مع المحكمة الاتحادية العليا ورئيسها جاسم العميري، بعد أن هاجمت قيادات كردية بارزة المحكمة والتشكيك في دستورية قراراتها.

وبحسب وكالة شفق نيوز الكردية العراقية، طالبت الكتلة النيابية للحزب الديمقراطي الكردستاني الخميس، بإنهاء ما وصفتها بـ"الأزمة المفتعلة" بين بغداد وأربيل وعدم التوجه بالعراق إلى "وضع مجهول ومعقد"، لكنها وجهت انتقادات حادة للمحكمة الاتحادية، معتبرة أن قراراتها في ما يتعلق بانتخابات برلمان كردستان العراق بعيدة عن روح الدستور.

وقالت في بيان "يصادف عيد نوروز هذا العام والعراق يمر بسلسلة من المشاكل، أبرزها ما توصلت إليه المحكمة الاتحادية من قرارات بعيدة عن روح الدستور بحق إقليم كوردستان في موضوعي رواتب موظفي الإقليم وانتخابات برلمانه والذي سمح بالتدخل بشؤون الإقليم والتحكم في أموره ومؤسساته وفرض سلطة المركز عليه في ظل تجاهل واضح لوضع إقليم كوردستان في الدستور وتمتعه بإدارة نفسه بنفسه".

وقالت كذلك "لقد كانت القرارات الأخيرة للمحكمة الاتحادية بعيدة كل البعد عن الاتفاقات التي أبرمت بين الأطراف المنضوية في تحالف إدارة الدولة قبل تشكيل الحكومة الحالية والتصويت على المنهاج الحكومي والتنصل من هذه الاتفاقات بعد تشكيل الحكومة وهو ما تمت ملاحظته بالتدريج شيئا فشيئا، إلى ما وصل إليه الحال الآن من قرارات المحكمة الاتحادية".

وشددت الكتلة النيابية للديمقراطي الكردستاني على "العودة إلى ما تم الاتفاق عليه مع أطراف الإطار التنسيقي والآخرين في تحالف إدارة الدولة"، معتبرة أنه "أمر في غاية الأهمية بالنسبة للوضع الحالي واثبات لحسن النية والتزامهم بالتعهدات التي قدموها قبل تشكيل الحكومة وإنهاء هذه الأزمة المفتعلة بين الإقليم والحكومة وعدم التوجه بالعراق إلى وضع مجهول ومعقد، يفضي إلى أوضاع وأمور ليست في صالح الجميع".

وكانت المحكمة قد قالت إنها تتعرض لـ"هجمة إعلامية داخلية وخارجية لثنيها عن إكمال الواجبات الدستورية"، مضيفة في بيان مساء الأربعاء، أن "الغرض من ممارستها لاختصاصاتها هو التطبيق الصحيح للدستور، بما يضمن وحدة العراق وبناء نظام جمهوري نيابي برلماني ديمقراطي".

كما نبّهت إلى أنها "تتعرض، ونتيجة لقراراتها التي اتخذتها صونا للدستور، لهجمة إعلامية داخلية وخارجية لثنيها عن إكمال واجباتها الدستورية تجاه الوطن والشعب"، مضيفة "نعتقد أن هذه الهجمة مسيسة هدفها الإساءة إلى سمعة المحكمة الاتحادية العليا واستهداف شرعيتها وتُعتبر مساسا باستقلال القضاء"، متوعدة بإفشال تلك الحملة قانونيا.