قطر والجزائر: القلب وما يكره

هل خاب أمل قطر وهي ترى المدرج مشتعلا بحب الجزائر؟
كل شيء يُشترى إلا القلوب!
المدرج يكشف عفوية الناس ولا مجال لضبط المشاعر في حالة الغليان

كانت مباراة أمس بين الجزائر وقطر كشربة ماء بارد في القيظ، وكلا الفريقين ابهرا العالم بمستوى رائع وغير مسبوق دون مخالفات وبندية فائقة، فهما متكافئان وقد لعب الحظ دوره في فوز الجزائر، وعلى أية حال، فكل الفرق عربية والفوز لنا والخسارة لنا ولا فرق بينهم جميعا.

مع كل الاحترام للفريق القطري فقد كان الجمهور كله يشجع منتخب الجزائر، أليس هذا لافتا؟ هذا يعني أن كل الوافدين يشجعونه ولم يشجع الفريق القطري إلا القطريون، ليس لأنهم يكرهون الفريق القطري، بل لأنهم يكرهون قطر. وعلى الرغم من رواتبها المرتفعة نسبيا، فإنها لم تنجح في كسب قلوبهم لسبب يعرفه الجميع، فهي تعامل الوافدين كأجراء وليس كشركاء وقد عرفت بسوء معاملة الوافدين، ولا أحد يجرؤ على انتقادها إلا عندما يخرج منها لأن النقد غير مسموح، ويكفي أن تسمعه مجنسة ايرانية لتقطع رزقه. ولكن الجمهور عبر عن نفسه في المدرج الذي يتسع لـ 65 ألف مشاهد. أما لو حسبنا المشاهدين في العالم، فإن مشجعي الجزائر يحسبون بالملايين. والمدرج يكشف عفوية الناس ولا مجال لضبط مشاعر في حالة غليان فيعبر الجمهور عن مشاعره بسجية مندفعة لا تحسب حساب من يسمعها. يا قطر، كل شيء يشترى إلا القلوب.

ليس فقط العرب من شجعوا الجزائر، بل العالم كله. فالملعب الذي أقيمت فيه المباراة بني على جماجم العمال، والعالم يعرف ذلك لكثرة التقارير التي شرحت بالصور ومقاطع الفيديو الوضع المريع للعمال في العمل والسكن، وكان بناء الملاعب رمزا للعبودية والعمل بالسخرة من أجل بضعة دولارات يرسلها العمال الى ذويهم، ثم لقوا حتفهم لقلة تدابير الأمن والسلامة والعمل تحت شمس قطر الحارقة في الصيف.

هل خاب أمل قطر وهي ترى المدرج مشتعلا بحب الجزائر؟ ربما، فقد غرد القطريون على تويتر يشجبون تشجيع الجزائر من حضن قطر، وكان عليهم ألا يستغربوا، لأن قطر عرفت بالاستعلاء وانتهاك حقوق الانسان وسوء المعاملة. ولا يوجد فيها من لا يزال يحتفظ بآداب المعاملة غير القبائل العربية الصافية ومنها قبيلة آل مرة الذين نكلت بها قطر بسبب انتمائها العروبي واصالتها وعراقتها.

المال يشتري كل شيء إلا المحبة يشتريها الرفق وقد عملنا في قطر ورأينا التمييز العنصري بين المواطن والوافد لدرجة أن الوافد ينافق لزميله المواطن ويأخذ عنه عمله لكي يرضى عنه. ومن جهتي، فقد عمدت الى إغراق مجنسة ايرانية ذات هيبة وتدين بالهدايا لكي تحميني من ذئبة مجنسة من أصول إفريقية، وقد نجحت وتمكنت من الاستمرار لمدة 8 سنوات.

ذكريات العيش في قطر لا تنسى، فلا شيء فيها يبعث على السرور وقد عبرت الجماهير عن شعورها بعفوية صادقة وهو أمر محزن للفريق القطري الذي لا يستحق أن يؤخذ بسوء أخلاق دولته.