كان السينمائي يعرض 'كان ياما كان في غزة'

الفيلم يهتم بالإنسان الذي يعيش في غزة وكيف يعيش؟ وكيف يتأقلم مع هذا واقعه البالغ الصعوبة.

كان (فرنسا) - لم يتوقع المخرجان الغزّيان التوأمان طرزان وعرب ناصر أن يُحدث عنوان فيلمهما الجديد "كان ياما كان في غزة" الذي أقيم عرضه الأول الاثنين خلال مهرجان كان السينمائي هذا الوقع المحزن.

وقال الأخَوان ناصر اللذان غادرا غزة عام 2012 إن فيلمهما الجديد الذي تدور أحداثه عام 2007، عندما سيطرت حماس على القطاع، يشرح الأحداث التي أدت إلى الحرب الكارثية اليوم.

ويتناول "كان ياما كان في غزة" الذي عُرض في قسم "نظرة ما" ضمن المهرجان قصة الصديقين "يحيى" و"أسامة" ومحاولتهما كسب بعض المال الإضافي عن طريق بيع سندويتشات الفلافل المحشوة بمخدرات.

وباستخدام مفرمة لحم يدوية لا تعتمد على التيار الكهربائي الذي يندر تَوافُره، يخلط الطالب "يحيى" الفول والأعشاب الطازجة لصنع أقراص الفلافل في الجزء الخلفي من مطعم "أسامة" المتهالك والصغير، لكنه يحلم بالتمكن من مغادرة الشريط الساحلي.

أما أسامة، صاحب الشخصية الجذابة، فيجول على الصيدليات الواحدة تلو الأخرى لجمع أكبر عدد ممكن من الحبوب باستخدام وصفات طبية مسروقة، ويلاحقه شرطي فاسد.

وفرضت إسرائيل الحصار على غزة للمرة الأولى في يونيو/حزيران 2006 بعد أسر أحد جنودها، ثم شددته في سبتمبر/أيلول 2007 بعد أشهر من سيطرة حماس على السلطة.

وقال طرزان ناصر "الحصار بدأ يضيق تدريجيا إلى أن وصلنا إلى الإبادة الأخيرة"، مضيفا "إلى اليوم لا يزالون يعدّون السعرات الحرارية في الطعام الذي يدخل غزة"، متابعا تعليق على العرض "في هذا الوقت خلصت (انتهت) غزة".

وأفادت منظمة إسرائيلية غير حكومية بأن وثائق أظهرت أن السلطات الإسرائيلية اعتبرت عام 2012 أن 2279 سعرة حرارية للشخص الواحد في اليوم تُعد كافية للحؤول دون سوء التغذية في غزة.

لكنّ وزارة الدفاع الإسرائيلية أكدت أنها لم تعتمد يوما "احتساب السعرات الحرارية" للسماح بدخول المساعدات.

ولاحظ المخرجان الشقيقان أن الغزّيين أظهروا دائما حبهم للحياة وقدرة خارقة على الاستمرار.

وأشار طرزان إلى أن والده "لا يزال إلى هذه اللحظة في شمال غزة"، موضحا أن منزلَي الأسرة دُمَرا، مضيفا "في كل مرة يؤدي سقوط صاروخ إلى هدم حائط أو تحطيم نافذة، يسارع أبي إلى تصليحه في اليوم التالي"، شارحا أن "آخر" ما يريد أن يتناوله في أفلامه هو "إسرائيل وما تفعله".

وتابع "الإنسان الذي يعيش هناك هو المهم بالنسبة إلي. كيف هو؟ مَن هو؟ كيف يعيش؟ كيف يتأقلم مع هذا الواقع البالغ الصعوبة".

ومنذ أن شنت حركة حماس هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أدى الرد الإسرائيلي على العملية إلى تدمير مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية ومقتل عشرات الآلاف من الأشخاص.

وفي فيلمهما السابق "غزة مونامور"، تناول الشقيقان قصة صياد ستيني معجب بجارته في السوق، وفي "ديغراديه" عام 2015، صوّرا النساء المحاصرات في صالون تصفيف الشعر .

وكما "كان ياما كان في غزة"، صُوِّرت كل أفلامهما السابقة في الأردن. وفي "كان ياما كان في غزة"، يتم تجنيد "يحيى" ليكون بطل فيلم دعائي لحماس، في ظل استمرار الحصار. وفي أحد المشاهد، قال المُنتج في غزة، "ليست لدينا مؤثرات خاصة، ولكن لدينا رصاصات حيّة".

وقال عرب ناصر إنه قبل وقت طويل من أن تصبح مياه الصنبور في غزة مالحة ويثير الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجدل بإعلانه رغبته في تحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، كان هذا الشريط الساحلي ينعم بشاطئه، متابعا "أتذكر غزة عندما كنت صغيرا. غزة كانت ريفييرا بالفعل. كانت أجمل مكان. وطعم مياهها الحلوة لا يزال إلى اليوم على لساني"، مضيفا "اليوم ترامب توصّلَ إلى اختراع عظيم، ويريد أن يجعل غزة ريفييرا بعدما دمرتها إسرائيل مدى سنوات".