كان يناقش دور الذكاء الاصطناعي في السينما
كان (فرنسا) - لم يشذّ مهرجان كان السينمائي عن توجه مختلف القطاعات للجوء إلى الذكاء الاصطناعي، إذ تشهد أروقة سوق الأفلام خلال المهرجان نقاشات في هذا الشأن، في ظل مخاوف بعض كتّاب السيناريو الذين يرون في هذه التقنية خطرا على الإبداع.
وبات الذكاء الاصطناعي موضوع الساعة في الإنتاجات الأميركية الكبرى، و"الشرير" في القصص التي تتناولها الأفلام، ففي فيلم "ميشن إمباسيبل – ذي فاينل ريكونينغ" (Mission: Impossible – The Final Reckoning) الذي عُرض خارج المسابقة خلال مراسم افتتاح النسخة الثامنة والسبعين من مهرجان كان ويُطرح الأسبوع المقبل في صالات السينما، ينبري إيثن هانت (توم كروز) طوال نحو ثلاث ساعات لمقاتلة "الكيان"، وهو ذكاء اصطناعي شرير خرج عن السيطرة ويهدف إلى القضاء على البشرية.
ويعد الفيلم الطويل للغاية (ساعتان و49 دقيقة)، بتقديم كل مفاتيح القصة الملحمية التي بدأت على الشاشة الصغيرة بين عامي 1966 و1973، ونقلها بريان دي بالما إلى الشاشة الكبيرة عام 1996، واختتمها المخرج كريستوفر ماك كويري.
فيما وضع الجزء السابع توم كروز في مواجهة أداة ماكيافيلية عاملة بالذكاء الاصطناعي تسمى "ذي إنتيتي"، يعد الجزء الجديد باستكمال ما انتهى إليه العمل السابق، مع نفس الشركاء على الشاشة، بما في ذلك سيمون بيغ وهايلي أتويل.
بعد واحد من أقوى مشاهد الإثارة في فيلم "ميشن إيمباسيبل"، على متن قطار يسقط في الفراغ، يطير توم كروز هذه المرة متصلا بأجنحة طائرة صغيرة أو يغوص في الأعماق لاختراق غواصة، بحسب اللقطات الأولى التي نُشرت للفيلم الجديد.
ولم يكن محبو شخصية "إيثان هانت" ليحلموا بمكان أفضل لاختتام هذه الملحمة السينمائية التي أصبحت من كلاسيكيات الفن السابع، فيما يستفيد المهرجان من حضور النجم توم كروز البالغ 62 عاما، وهو من النجوم القلائل القادرين على جذب ملايين المشاهدين لمتابعة أعماله.
وفي المهرجان أيضا فيلم "دالواي" (Dalloway) للمخرج الفرنسي يان غوزلان يُطرح في الصالات التجارية في السابع عشر من سبتمبر/أيلول، ويتناول قصة روائية تعجز عن الكتابة منذ ست سنوات (تؤدي دورها سيسيل دو فرانس)، فتلتحق ببرنامج إقامة فنية مرموق لاستعادة الإلهام.
وتستعين في سعيها إلى تأليف كتابها بذكاء اصطناعي توليدي (بصوت المغنية الفرنسية ميلين فارمر)، يهيمن عليها أكثر فأكثر، مما يدفعها إلى التشكيك في نواياها.
ويطرح يان غوزلان في فيلم التشويق النفسي هذا مسألة تأثير التكنولوجيا على الإبداع. وسأل في هذا الصدد "هل سيكون الذكاء الاصطناعي أداةً ستؤدي في النهاية إلى استعبادنا واستبدالنا؟ إنها مصدر قلق حقيقي".
وأوضح أن شخصية الروائية في الفيلم "تصبح شديدة الإدمان على أداتها القائمة على الذكاء الاصطناعي +دالواي+، ولا تعود عمليا قادرة على الكتابة من دونها".
ولاحظ غوزلان أن "ثمة كتاب سيناريو يستعينون بـ+تشات دي بي تي+ لمساعدتهم"، لكن المُخرج يرفض هذا الواقع.
وأضاف "في مكان ما، عندما يفوّض المرء مهمة ما إلى غيره، يفقد القدرة على تولّيها بنفسه إذا استمر طويلا في تفويضها"، وهو ما يؤدي مثلا إلى فقدان القدرة على الكتابة.
والواقع أن الشركات شرعت في أروقة أكبر سوق للأفلام في العالم خلال مهرجان كان في عرض أشكال مختلفة من الخدمات لتوفير الوقت والمال على شركات الإنتاج.
ورأى المؤسس المشارك لشركة "لارغو دوت إيه آي" (Largo.ai) سامي أربا أن "الذكاء الاصطناعي سيساهم في تحسين الإبداع".
وتُحلل أداته "محتوى الأفلام، وتُقدم رؤيةً ثاقبةً لنقاط القوة والضعف"، شارحا أنها تتيح "تحليل الشخصيات، واقتراح اختيار الممثلين، وتحديد الأنسب منهم لكل شخصية، وتقديم توقعات للإيرادات المتوقعة في شباك التذاكر أو عبر منصات البث التدفقي".
ورأى رئيس الشركة أن الذكاء الاصطناعي يساعد على تقليص موازنات الإنتاج، إذ "يمكّن الناس من اكتشاف أنواع جديدة، وأشكال مختلفة، ويفتح آفاقا جديدة".
ويشدد أربا على أنه "أداة مساعِدة تساهم في تسريع العمل (…) لكنها في الوقت نفسه تجعل الإبداع البشري الأساس".
ولدى "لارغو دوت إيه آي" أكثر من 600 زبون في أوروبا والولايات المتحدة، بدءا من الاستوديوهات وحتى المنتجين والموزعين، لإنتاجات تصل قيمتها إلى 150 مليون دولار.
وقلّل المفوّض العام لمهرجان كان تييري فريمو الاثنين أهمية مخاطر الذكاء الاصطناعي على الإبداع.
وقال "بالنسبة إلى النصوص والأدب، لست متأكدا من أننا يجب أن نشعر بالقلق الشديد"، مؤكدا أن "الأمل لا يزال موجودا، وهو الأمل ممنوح للمبدعين".
وأضاف الرجل الذي يدير منذ 2007 أكبر مهرجان سينمائي في العالم "أنا أنتمي إلى مدرسة فرنسية لحماية المؤلفين، والاستثناء الثقافي، والدفاع عن المؤلفين مهما حدث"، داعيا تاليا شركات التكنولوجيا العملاقة إلى وضع حدود لهذه التكنولوجيا الجديدة.