كبار منتجي النفط يخفضون فجأة إنتاجهم بنحو مليون برميل يوميا

الإعلان المفاجئ عن الخفض في إنتاج النفط يأتي رغم دعوات الولايات المتحدة المتكررة لزيادة الإنتاج وخصوصا مع ارتفاع الاستهلاك وإعادة فتح الأنشطة الاقتصادية بشكل كامل في الصين.
الإمارات تعتبر الخطوة احترازية بهدف دعم استقرار أسواق البترول

الرياض - أعلنت السعودية والإمارات العربية المتحدة اليوم الأحد خفضا منسقا للإنتاج النفطي اليومي لدى عدد من دول الشرق الأوسط، في خطوة اعتبرت "إجراءً احترازيا" لتحقيق "الاستقرار والتوازن" في أسواق الخام، كما ينتظر أن تؤدي إلى مزيد تعميق المخاوف الأميركية بالنظر إلى تبعاتها الاقتصادية المتوقّعة.

ويأتي هذا الخفض وسط مخاوف من أنّه قد يؤدي إلى زيادة التضخم ودفع المصارف المركزية إلى رفع أسعار الفائدة أكثر.

وقررت الرياض وأبوظبي والكويت بشكل منسق خفض إنتاجها اليومي بإجمالي 772 ألف برميل يوميا، بدءا من مايو/أيار المقبل حتى نهاية العام الجاري، على ما أوردت وكالات الأنباء الرسمية في البلدان الخليجية الثلاثة.

وقالت المملكة إنها ستخفض الإنتاج 500 ألف برميل يوميا اعتبارا من مايو/أيار حتى نهاية 2023، حسبما ذكرت وسائل إعلام رسمية.

وأعلنت أبوظبي أنها ستخفض الإنتاج 144 ألف برميل يوميا في حين قررت الكويت خفضا قدره 128 ألف برميل يوميا.

وحذا العراق حذو الدول الثلاث بعد ذلك بدقائق، فيما أعلنت الجزائر خفضا "طوعيا" مقداره 48 ألف برميل يوميا في الإطار الزمني نفسه.

وذكرت الدول الثلاث إنّ هذا الخفض يضاف إلى الخفض الذي أعلنته منظمة الدول المصدّرة للنفط وشركاؤها (تحالف أوبك بلاس) في أكتوبر/تشرين الأول 2022 والذي يقضي بخفض مليوني برميل يومياً حتى نهاية عام 2023.

وذكر مسؤول في وزراة الطاقة السعودية أنّ القرار السعودي جاء "بالتنسيق مع عددٍ من الدول المشاركة في إعلان التعاون من أعضاء منظمة أوبك ومن خارجها"، معتبرا أن الخطوة "إجراء احترازي يهدف إلى دعم استقرار أسواق البترول".

وأوضح المصدر (لم يذكر البيان اسمه)، أن هذا التخفيض الطوعي للإنتاج يُضاف إلى تخفيض الإنتاج الذي اتُّفق عليه في الاجتماع الوزاري للدول الأعضاء في منظمة أوبك والدول المنتجة من خارجها (أوبك+).
واتفق تحالف "أوبك+" خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي على خفض الإنتاج بواقع مليوني برميل يوميا اعتبارا من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 والذي يلزم السعودية بخفض إنتاجها إلى 10.48 ملايين برميل يوميا.

بدورها، نقلت وكالة أنباء الإمارات (وام) عن سهيل المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية إن "دولة الإمارات العربية المتحدة ستخفض بشكل طوعي إضافي إنتاجها من النفط بمقدار 144 ألف برميل يوميا" في الفترة ذاتها، مشيرة إلى أن الخطوة تعد "إجراءً احترازيا يتم لتحقيق التوازن في سوق النفط". وبدورها أعلنت الكويت "خفضا طوعيا بمقدار 128 ألف برميل يوميا".

وفي موسكو، أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي المكلف الطاقة ألكسندر نوفاك اليوم الأحد أن روسيا ستمدد خفض إنتاجها من النفط الخام بواقع 500 ألف برميل يوميا حتى نهاية العام 2023.

وقال نوفاك في بيان "في إجراء مسؤول ووقائي، تطبق روسيا خفضا طوعيا بـ500 ألف برميل يوميا حتى نهاية العام 2023 مقارنة بمتوسط مستوى الإنتاج في فبراير/شباط"

 وقال وزير النفط الكويتي بدر الملا إن هذا الخفض الطوعي هو إجراء احترازي يأتي بالإضافة إلى خفض الإنتاج المتفق عليه في الاجتماع الوزاري الثالث والثلاثين لتجمع أوبك+ في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 2022.

العرض يقابل الطلب؟ 

ويأتي الإعلان المفاجئ عن الخفض في إنتاج النفط، رغم دعوات الولايات المتحدة المتكررة لزيادة الإنتاج وخصوصا مع زيادة الاستهلاك وإعادة فتح الأنشطة الاقتصادية بشكل كامل في الصين، أكبر مستهلك للنفط في العالم، بعد الإغلاقات المرتبطة بجائحة كوفيد.

والشهر الماضي، قال خوسيه فرنانديز، وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون الاقتصادية والطاقة والبيئة "فيما تتعافى اقتصادات العالم، سنرى مزيدا من الاستهلاك. نود أن نرى العرض يقابل الطلب".

وأضاف فرنانديز على هامش مؤتمر للطاقة في هيوستن في تكساس "نود أن نرى مزيدا من المعروض" من الخام عالميا، بما في ذلك من أوبك بلاس.

ويتألف كارتل أوبك بلاس من 13 دولة عضوا في منظمة البلدان المصدّرة للنفط (اوبك) و11 دولة من خارجها.

ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن بانتظام إلى زيادة إنتاج أوبك بلاس بعد أن أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الخام في شكل قياسي.

كما رفعت أوبك توقعاتها للطلب العالمي على النفط للعام 2023 في فبراير/شباط، قائلة إنها تتوقع نمو الطلب بمقدار 2.3 مليون برميل يوميًا إلى متوسط 101.87 مليون برميل يوميًا هذا العام.

وفي فبراير/شباط، كان إنتاج المنظمة من الخام، بحسب تقديرات رويترز، أقل بنحو مليوني برميل يوميًا عن فبراير/شباط 2019.

وكثفت الولايات المتحدة ضغوطها على الإمارات والسعودية لضخ المزيد من النفط والانضمام إلى جهود فرض عزلة دولية على روسيا، لكن أبوظبي والرياض لم تبديا استعدادا للتجاوب وأكدت التزامها باتفاق أوبك+.

وكانت الإدارة الأميركية قد انتقدت بشدة قرار الخفض الأول الذي اتخذه الكارتل النفطي، معتبرة أنه سوف يزيد موارد روسيا ويقلل فعالية العقوبات المفروضة عليها بسبب حربها على أوكرانيا.

وقامت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي مؤخرا بإعادة دفع قانون "نوبك" بهدف الضغط على أوبك لزيادة الإنتاج من أجل خفض أسعار النفط بالإضافة إلى السعي لإحداث شرخ في تحالف أوبك+.

وفي حال أقرت اللجنة ومجلسا الشيوخ والنواب مشروع القانون ووقع عليه الرئيس جو بايدن، فمن شأن "نوبك" تغيير قانون مكافحة الاحتكار الأميركي لسحب الحصانة السيادية التي تحمي أعضاء مجموعة "أوبك+" وشركاتها الوطنية للنفط في الدعاوى القضائية حول التواطؤ في الأسعار.