كمال داود الحاضر الغائب في معرض الجزائر للكتاب

'حوريات' المتوجة بجائزة غونكور الفرنسية تقسم الآراء بين الكتاب الجزائريين وتسلط الضوء على حرية التعبير والكتابة حول العشرية السوداء في البلاد.

الجزائر- غابت رواية "الحوريات" للكاتب الجزائري الفرنسي كمال داود الحائز أخيرا على جائزة غونكور الفرنسية عن معرض الجزائر الدولي للكتاب بعد منع دار نشره من المشاركة، لكن النقاش حوله ظل حاضرا بين الناشرين والزائرين.

وبحسب المنظمين، فإن النسخة السابعة والعشرين من المعرض شهدت مشاركة 1007 دار نشر من 40 دولة، من بينهم 290 ناشرا جزائريا يعرضون ما يزيد عن 300 ألف كتاب ليس بينها أبرز رواية في الأدب الفرنكفوني "حوريات" والتي تتحدث عن الحرب الأهلية في الجزائر بين عامي 1992 و2002.

وقبل نحو شهر من بداية الفعالية التي تستمر حتى السادس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني، أعلنت دار "غاليمار" التي نشرت رواية داود أنّها مُنعت من المشاركة "من دون ذكر الأسباب"، في ظل مناخ دبلوماسي متوتر أصلا بين باريس والجزائر.

وتضاعف هذا التوتر بعد زيارة دولة أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، وبعد أن أعلنت باريس في نهاية يوليو/تموز دعمها خطة الحكم الذاتي للصحراء المغربية المتنازع عليها، في حين تدعم السلطات الجزائرية جبهة بوليساريو المطالبة باستقلال هذه المنطقة عن المملكة.

وكان كمال داود أعرب في سبتمبر/أيلول عن أسفه لحظر روايته في بلاده، مؤكدا أنّ كتابه " يُقرأ في الجزائر لأنه مقرصن ويتعرض للنقد وتبرز تعليقات بشأنه لكن لم يُنشر فيها للأسف".

ويحظر القانون الجزائري التطرق في الكتب إلى الأحداث الدموية خلال مرحلة العشرية السوداء من تاريخ الجزائر والتي شهدت مقتل ما لا يقل عن مئتي ألف شخص وفق أرقام رسمية، ممّا يمنع من نشر "الحوريات" في الجزائر.

وتحاشى الكثير من زوار المعرض الحديث عن الرواية ومضمونها، حتى بالنسبة للذين قرأوها مثل أولعيد مكدود الطبيب الجرّاح البالغ 63 سنة، إذ اعتبر أن منح جائزة غونكور إلى كمال داود الذي غالبا ما يواجه انتقادات في الجزائر بسبب قربه من الرئيس الفرنسي يعود لاعتبارات "سياسية" أكثر منها أدبية.

ودافعت الكاتبة سامية شعبان البالغة 64 سنة عن صاحب الرواية باعتباره "كاتبا جزائريا كبيرا"، قائلة "قرأتُ كل ما كتب لكني لم أستطع قراءة 'حوريات'. لا أستطيع العودة إلى فظائع سنوات الدم التي عشناها"، لكنها أكدت "أنها ضد منع أي كتاب، أفضّل أن تكون للناس الحرية للقراءة والحكم".

وبالنسبة لصاحب دار النشر "البرزخ" سفيان حجاج الذي أصدر له رواية "مورسو، التحقيق المضاد" في عام 2013 والتي جاءت وصيفة لجائزة غونكور في 2014، فإن "المعرض الدولي للكتاب منظم من وزارة الثقافة لذا يتوجب علينا التأقلم مع القواعد، كما أن هناك قوانين تؤطر نشر الكتاب وهذا أمر طبيعي في جميع الدول".

وعبرت حسينة حاج صحرواي وهي صاحبة دار نشر تبلغ 62 سنة عن فخرها بصاحب الرواية باعتباره "أول جزائري في التاريخ" يحصل على الجائزة التي تُعدّ أبرز المكافآت في مجال الأدب الناطق بالفرنسية، قائلة "لدينا آسيا جبّار الكاتبة التي توفيت في 2015 والتي حازت العديد من الجوائز وكانت عضوا في الأكاديمية الفرنسية، والآن عندنا كمال داود الذي ربما سيخلفها يوما ما".

وكان معرض الجزائر الدولي للكتاب افتُتح الأربعاء من جانب رئيس الوزراء نذير العرباوي وبحضور وزير الثقافة القطري عبدالرحمن بن حمد آل ثاني باعتبار قطر ضيفة شرف النسخة الحالية.