كم نصيب الغذاء والدواء من تفكير الحكومات العربية

في أستراليا يحتجون على استبدال الخس بالملفوف في الوجبات السريعة بينما يأكل بعض العرب المواد المسرطنة ولا يجد بعضهم الآخر الدواء للعلاج.
أزمة غذاء في افق المنطقة العربية بسبب كورونا وحرب اوكرانيا
تونس

بينما يحتج العراقيون منذ أشهر طويلة على ارتفاع المواد الغذائية ويحتج اللبنانيون منذ أكثر من سنة على شح الدواء وانقطاع الكهرباء ويحتج التونسيون منذ سنوات على تدهور القدرة الشرائية، يحتج الأستراليون على استبدال الخس بالملفوف في الوجبات السريعة التي تقدمها سلسلة مطاعم كنتاكي (كي أف سي) الأميركية في البلاد.
ووصل الأمر حد تهديد البعض على مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطعة سندويتشات كي أف سي لأنها "خذلتهم بتغيير طعم السندويتش عندما استبدلت الخس بالملفوف فأثر ذلك على نكهته التي تعودوا عليها".
بينما في تونس مثلا كشفت تحقيقات عن صفقة قمح مسرطن تم استيراده من أوكرانيا في 2019 وتوزيعه في السوق المحلية ولم يحتج التونسيون إلا بتدوينات عابرة على فيسبوك. أما في لبنان فالحراك ضد فقدان الأدوية وتهريب البعض منها إلى العراق يدرجه المسؤولون على جدول أولوياتهم. ولم يضطر المسؤولون إلى التبرير والتفسير كما فعلت شركة كي أف سي التي بررت استبدال الخس بالملفوف بارتفاع أسعار الخس بنسبة 300 بالمئة لتقفز إلى ستة دولارات للخسة الواحدة لأسباب كثيرة أبرزها الفيضانات الأخيرة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
كما أن الأمن الغذائي في المنطقة العربية لم ينل حظه في خارطة الوعي العربي رغم ما تكشفه الأرقام من خطورة.
وكشفت بيانات منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة العام الفائت ارتفاع أسعار المواد الغذائية  لأعلى مستوى في 10 سنوات خلال 2021، فقد زادت الأسعار بشكل لافت بسبب جائحة كورونا التي أثرت على الاقتصاد العالمي وأدت إلى تعطيل الإنتاج في الكثير من الأنشطة والقطاعات الحيوية.

السعودية والإمارات والمغرب وتونس والجزائر والعراق تصنف ضمن أكبر الدول استيرادا للغذاء في العالم

زد على ذلك تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا على مخزون الغذاء في العالم والذي يعد العرب أبرز مستورديه.
وتشير أرقام تقرير أعده قطاع الشؤون الاقتصادية بجامعة الدول العربية في مايو/ أيار 2020، أن قيمة فاتورة استيراد الدول العربية من الأغذية بلغت نحو 100 مليار دولار سنويا بزيادة 10 مليارات دولار عن أرقام 2016.
كما تقول الأرقام إن مصر تستورد أغذية تتجاوز قيمتها 16 مليار دولار سنويا، وأنها باتت أكبر مستورد للقمح والزيوت في العالم، وتعد أكبر سوق استهلاكي للقمح والأغذية في منطقة الشرق الأوسط.
ولا يختلف الأمر كثيرا  في عدد من الدول العربية  كالسعودية والإمارات والمغرب وتونس والجزائر والعراق والتي تصنف ضمن أكبر الدول استيرادا للغذاء في العالم. 
وأورد التقرير أن 9 دول عربية استوردت نحو 40.2 مليون طن من القمح خلال فترة 2019-2020، وهو ما يمثل 21.9% من واردات القمح العالمية.
والأخطر أن هناك عددا من الدول العربية باتت غير قادرة على تدبير النقد الأجنبي اللازم لتمويل واردات القمح والدقيق والسكر، وهو ما يجعلها عرضة لمخاطر الجوع كما يحدث في اليمن.
ويحذر خبراء من موجة جوع في عدد من الدول العربية خاصة تلك التي تهمل فيها الحكومات ملف الأمن الغذائي، لا سيما مع ارتفاع فاتورة الواردات الغذائية في العالم إلى مستوى قياسي في عام 2022. 
ولمواجهة أزمة مرتقبة تهدد أمن العرب الغذائي يربط بعض الخبراء بين الأراضي الخصبة الموجودة في السودان ومصر والجزائر والعراق وسورية والأردن وغيرها، وبين التمويل والأموال الضخمة الموجودة لدى الدول العربية الغنية فضلا عن اليد العاملة غير عالية التكاليف التي نجدها بشكل خاص في مصر والجزائر والسودان واليمن.

ويقول خبراء في استراتيجيات الحروب إن الغذاء والدواء هما أبرز سلاحيْن في يد الأقوياء ومن يملكه بإمكانه فرض إرادته على الشعوب المفتقرة للأغذية والأدوية وأكبر دليل الولايات المتحدة وروسيا أكبر منتجين للغذاء في العالم