كيف أطلق غزو العراق العنان للبكتيريا المقاومة

فريق دولي من علماء الأحياء يخلص ان الاحتلال الأميركي ادى الى ارتفاع "كارثي" في مقاومة المضادات الحيوية في المنطقة.

لندن – خلص فريق دولي من علماء الأحياء إنه منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، زادت "البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية" بشكل كبير في البلاد و الشرق الأوسط. عموما.

ووفق الباحثين فان سنوات الحروب والصراعات في العراق أدّت إلى ارتفاع "كارثي" في مقاومة المضادات الحيوية.

وحذر الباحثون من امتداد هذه التداعيات من المنطقة العربية بالكامل إلى باقي العالم.

وقال الباحثون إنه من المحتمل أن يكون سبب ارتفاع مقاومة المضادات الحيوية في العراق ناجماً عن مزيج من البنية التحتية المدمرة للرعاية الصحية، ونقص الأدوية، والموارد المحدودة، والمستويات العالية من التلوث بالمعادن الثقيلة، وسوء الصرف الصحي.

ولفتوا إلى أن الصراعات المعاصرة، التي تشهدها المناطق الحضرية والصناعية، تترك خلفها العديد من المشكلات، فالمعادن الثقيلة المستخدمة في الأسلحة لا تزال موجودة في البيئة، إذ تحتوي المتفجرات على كميات هائلة من عنصري الرصاص والزئبق.

مزيج من الاسباب

ويشكل العراق مثالاً على هذا الإهمال، كونه شهد سلسلة من الصراعات منذ الثمانينيات تزامنت مع ظهور وانتشار مسببات الأمراض بأنماط محددة من مقاومة المضادات الحيوية.

وتشمل هذه الصراعات الحرب العراقية- الإيرانية (1980-1988)، وحرب الخليج الأولى عام 1991، والعقوبات الاقتصادية في أعقاب الغزو العراقي للكويت (1990-2003)، والغزو الأميركي (2003) بما في ذلك فترة من العنف العسكري امتدت من (2005-2007) والصراع مع تنظيم "داعش" في العراق وسوريا بين عامي 2014 و2017.

وعلى مدار 20 عاما، تم التعرف على عشرات السلالات من الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية. فظهور "البكتيريا الخارقة" سببه سوء استخدام المضادات الحيوية في الطب وتربية الحيوانات.

يذكر أن خبير الطاقة النووية أليكسي أنبيلوغوف أشار إلى أن الولايات المتحدة استخدمت بنشاط قذائف مع قضبان اليورانيوم أثناء غزو العراق عام 2003. وبدأ الجنود الأمريكيون يعانون من أعراض المرض الإشعاعي على نطاق واسع، وتفشى مرض السرطان بين سكان العراق.

وفي العام 2009، أكد باحثون أميركيون ارتفاع نسبة الإصابة ببكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية بشكل كبير في صفوف الجنود الأميركيين العائدين من العراق.

واكتشف الباحثون أنذلك ارتفاع نسبة الإصابة ببكتريا أسينتو باكتر المقاومة للعلاج بالمضادات الحيوية التقليدية إلى 300% وهي بكتيريا خطيرة تهدد حياة المرضى في العناية المركزة، مع الإشارة إلى أن أغلبية الإصابات المكتشفة كانت لجنود أميركيين خدموا في العراق.

أظهر تقرير لمنظمة الصحة العالمية يستند إلى بيانات جُمعت من 87 دولة في 2020 أن العام 2022 الذي شهد بداية تفشي جائحة فيروس كورونا شهد أيضا تزايد “مقاومة بكتيريا” مسببة لعدوى في مجرى الدم للأدوية حتى المضادات الحيوية التي يتم اللجوء لها كملاذ أخير.

وأسهم الاستخدام المفرط أو إساءة استخدام المضادات الحيوية في أن تصبح الميكروبات مقاومة للعديد من الأدوية في وقت تقل فيه وتيرة تطوير العلاجات البديلة بشكل ينذر بالخطر.

وقالت مديرة نظام منظمة الصحة العالمية لمراقبة مقاومة مضادات الميكروبات الدكتورة كارميم بيسوا-سيلفا في مؤتمر صحفي نهاية العام 2022 "معدلات مقاومة مضادات البكتيريا لا تزال مرتفعة جدا، حتى المضادات الحيوية التي تُستخدم كملاذ أخير بدأت تفقد الفاعلية مؤخرا".

وأضافت "لدينا فرصة محدودة للغاية للتعامل مع ذلك التهديد".

وخلصت دراسة تحليلية عالمية -نُشرت نتائجها مؤخرا إلى أن 1.2 مليون شخص توفوا في 2019 بسبب عدوى بكتيرية مقاومة للمضادات الحيوية، بما يجعل ذلك أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم بأعداد أكبر مما يتسبب فيه مرض نقص المناعة المكتسب (إتش.آي.في/إيدز) أو الملاريا.