لاجئون يبرزون مواهبهم في المغرب

مسابقة بدعم الأمم المتحدة تهدف إلى تغيير الصورة النمطية عن مجتمع المهاجرين تقدم للموهوبين فرصة للتنافس وتحقيق أحلامهم.
الفن لغة كونية تجمع الشعوب
يفوق عدد اللاجئين في المغرب 5000 شخص من 38 بلدا

الرباط - ارتسمت علامات الفرح على محيا آرتر عندما أعلنت لجنة من أربعة حكام انتقاءه للمنافسة في المراحل النهائية لمسابقة "مواهب" تنظمها المفوضية العليا للاجئين في المغرب، بعدما برع في أداء رقصة "كوبي ديكالي" الافريقية الشهيرة.
يتنافس هذا اللاجئ الآتي من الكاميرون في هذه المسابقة مع موسيقيين وشعراء وممثلين هواة أو محترفين جمعهم اللجوء في المغرب.
ويتحدر المشاركون من بلدان مختلفة مثل ساحل العاج أو الكاميرون أو سوريا أو فلسطين أو ليبيا.
ويقول آرتر (27 سنة) الذي يعيش في المغرب منذ سنتين "لا أتوقع الكثير من هذه المسابقة، لكن مجرد الرقص أمام جمهور يفرحه ما أقدمه يمنحني السعادة"، وهو ما لم يكن متاحا له في بلاده.
فقد اضطر للمغادرة بسبب دفاعه عن حقوق المثليين والأقليات الجنسية.

لاجئون يبرزون مواهبهم في المغرب
الغناء يخفف الهموم

ويتابع "اضطررت للرحيل بسبب المخاطر التي كنت معرضا لها"، في إشارة إلى تجريم المثلية الجنسية في الكاميرون حيث يعاقب عليها بالسجن.
لا يختلف الحال كثيرا في المغرب حيث يجرم القانون أيضا المثلية الجنسية، لكن آرتر مضطر للبقاء هنا بصفته لاجئا معترفا به رسميا منذ السنة الماضية.
مع ذلك لم يفقد آرتر آماله في تحقيق حلم الوصول إلى أوروبا، والذي بات يبدو بعيد المنال إذ لم يتمكن سوى 94 لاجئا مسجلين في المغرب من الانتقال إلى بلدان أخرى.
وفي انتظار تحقيق حلمه يجد هذا الشاب الكاميروني في الرقص رفقة أفراد فرقته الفنية "لي فانتاستيك" تسلية "تنسيه" قساوة الغربة.
وتذكر المسؤولة في المفوضية العليا للاجئين في المغرب مالغوجاتا براتكرايش بأن اللاجئين "عاشوا مآسي في طريق هجرتهم من بلدانهم التي تركوها هربا من حروب أو من تعرضهم للاضطهاد، ولذلك تمثل هذه المسابقة لهم متنفسا يخرجهم من هذا الواقع الصعب، فضلا عن تمكينهم من لقاء أشخاص جدد والترويح عن النفس".

عاشوا مآسي في طريق هجرتهم من بلدانهم التي تركوها هربا من حروب أو من تعرضهم للاضطهاد، ولذلك تمثل هذه المسابقة لهم متنفسا يخرجهم من هذا الواقع الصعب، فضلا عن تمكينهم من لقاء أشخاص جدد والترويح عن النفس

وتنظم المفوضية هذه المسابقة للمرة الثانية في المغرب، بينما سبق لها تنظيم عروض فنية في مخيمات لاجئين بأوغندا والعراق.
صور نمطية 
وتشير براتكرايش إلى أن من أهداف المسابقة "تغيير الصورة النمطية الشائعة وسط المجتمع حول اللاجئين، وليس هناك أفضل من الفن لتحقيق هذا الهدف باعتباره لغة كونية".
وفتح باب التباري أمام كل اللاجئين المسجلين بالمغرب، والذين يفوق عددهم 5000 شخص يتحدرون من 38 بلدا. وقد تضاعف عدد اللاجئين المقيمين بالمغرب بنسبة 300 بالمئة بفعل إغلاق الحدود الأوروبية وسياسة الرباط في تسوية أوضاع اللاجئين بالمملكة.
واختارت لجنة التحكيم التي تشرف على المسابقة 9 متبارين للمنافسة في المراحل النهائية، وفتحت أمامهم أبواب مقر جمعية تهتم برعاية المهاجرين كي يقوموا بالتمارين اللازمة استعدادا للحفل الختامي حيث سيقدمون عروضهم الفنية.
ومن بين هؤلاء المتنافسين يستعد محمود (23 سنة) اللاجئ المتحدر من قطاع غزة لعرض مسرحية كتب نصها صديقه محمد (23 سنة) ويشاركه أداءها.
وخلافا لمشاركين هواة، يحترف هذان الشابان المسرح ودعيا للمشاركة في مهرجان فني بالمغرب لكنهما بقيا عالقين هنا بعد أن أغلقت الحدود البرية الفاصلة بين مصر وقطاع عزة.

لاجئون يبرزون مواهبهم في المغرب
الموسيقى تروح عن النفس

ويعبّر محمود عن سعادته بالمشاركة في المسابقة، "التي تمثل فرصة جيدة للقاء الناس، واكتشاف ثقافات بلدان أخرى بدل أن نظل جالسين في البيوت".
واقع مر
وتجمع المتأهلون للمشاركة في الحفل الختامي هذا الأسبوع بأحد فنادق العاصمة الرباط الفخمة، حيث نظم الحفل تزامنا مع اليوم العالمي للاجئين، ليقدموا عروضهم أمام حوالى مئة مدعو من مسؤولين رسميين ودبلوماسيين.
ووقفت عبير اللاجئة السورية أمام القاعة لتؤدي إحدى روائع أم كلثوم ترافقها أنغام عازف عود مغربي.
وتعيش هذه الأم مع أطفالها الثلاثة وزوجها في مدينة طنجة منذ خمس سنوات، حين اضطرتها ظروف الحرب في سوريا لمغادرة بلدها بحثا عن ملاذ آمن.
ولا تخفي عبير سعادتها بالغناء أمام الجمهور، وإن خلفت أجواء القاعة الفخمة حسرة في نفسها.
وحصل كل المشاركين في ختام الحفل على هدية رمزية عبارة عن قسائم شراء من أحد المتاجر تبلغ قيمتها مئة يورو.