لافروف يستكشف في جولة افريقية فرص كبح النفوذ الغربي

موسكو تريد كسر العزلة الدولية التي فرضها الغرب من خلال جولة وزير الخارجية في منطقة الساحل بزيارة مالي وموريتانيا قبل التوجه إلى السودان ولقاء البرهان.
روسيا تسعى لتعزيز تواجدها العسكري في السودان واستعادة بعض نفوذها
لا يستبعد أن تعرقل روسيا التفاهمات بين مجلس السيادة والقوى المدنية المدعومة من الغرب
روسيا تعبر عن استعدادها لدعم موريتانيا في مواجهة الجهاديين

الخرطوم - يواصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف جولته الإفريقية التي شملت مالي وموريتانيا حيث حل في العاصمة السودانية الخرطوم، مساء الأربعاء، في زيارة رسمية تستغرق يومين وذلك في إطار جهود روسيا لدعم نفوذها في القارة السمراء في مواجهة الضغوط الغربية ومحاولة عزل موسكو دوليا.
وكان في استقباله بمطار الخرطوم وزير الخارجية علي الصادق، بحسب وكالة الأنباء السودانية.
وأفادت الوكالة الرسمية أن لافروف سيجري خلال زيارته مباحثات مع نظيره السوداني يتناول فيها القضايا الثنائية التي تهدف إلى ترقية العلاقات وتعزيز التعاون بين البلدين.
كما سيلتقي لافروف على هامش الزيارة عددا من المسؤولين بالدولة، بحسب ذات المصدر.
وتمتلك روسيا العديد من المصالح في السودان وعززت من تعاونها مع مجلس السيادة بقيادة البرهان حيث اعتبرت السلطات الروسية انقلاب المجلس على الحكم المدني في25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 " انتقالا للسلطة وليس انقلابا عسكريا" متهمةً المحتجين المناهضين لقادة الجيش بـ"ارتكاب أعمال عنف".
بدورها رفض المجلس العسكري إدانة الاجتياح الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022 وأدت قيادات مثل البرهان ونائب رئيس مجلس السيادة محمد دقلو "حميدتي" زيارة الى موسكو للقاء المسؤولين الروس بحثا عن دعم روسي في خضم الانتقادات الغربية لمجلس السيادة بسبب إجراءات في25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 وكذلك محاولات عزل موسكو دوليا بسبب الحرب في أوكرانيا.
ولا يستبعد أن تلعب روسيا دورا في عرقلة التفاهمات السياسية بين مجلس السيادة والقوى المدنية عقب توقيع الاتفاق الإطاري المدعوم من الغرب وخاصة الولايات المتحدة.
وتسعى موسكو لتعزيز تواجدها العسكري في السودان واستعادة بعض نفوذها الذي خسرته عقب سقوط نظام الرئيس الراحل عمر البشير من خلال تفعيل اتفاقية إنشاء قاعدة بحرية في مدينة بورتسودان الإستراتيجية المطلة على البحر الأحمر.
ووصل لافروف قادما من العاصمة الموريتانية نواكشوط ثاني محطات جولة إفريقية بدأها من مالي حيث عرض تقديم الدعم في مكافحة الجهاديين، قائلا إنه يحترم مواقف نواكشوط التي تحدثت علنا ضد الحرب في أوكرانيا.
وأشار نظيره الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق إلى "قواعد القانون الدولي"، في حين قال إنه "يتفهم" المخاوف الأمنية الروسية في أوروبا.
وواصل وزير الخارجية الروسي في نواكشوط محاولة توسيع الحضور الروسي في إفريقيا حيث تشتد المنافسة الإستراتيجية بين القوى الكبرى على خلفية الحرب في أوكرانيا.

لافروف عبر عن احترامه لسياسة الحياد الموريتانية في ملف اوكرانيا
لافروف عبر عن احترامه لسياسة الحياد الموريتانية في ملف اوكرانيا

وكان الوزير الروسي قد وعد الثلاثاء في مالي التي أصبحت موسكو شريكها الأبرز بعد تولي عسكريين مقاليد الحكم، بمساعدة دول الساحل وخليج غينيا في مكافحة الجهاديين، وألمح إلى رغبة بلاده في زيادة حضورها في القارة.
وموريتانيا بلد محوري بين المغرب العربي وإفريقيا جنوب الصحراء.
ولم تتعرض موريتانيا التي يبلغ عدد سكانها 4.5 مليون نسمة، لأي هجوم جهادي منذ عام 2011 بينما تكثّف نشاط الجماعات المسلحة المتطرفة في دول أخرى بمنطقة الساحل.
وموريتانيا وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد أعضاء في مجموعة دول الساحل الخمس التي غادرتها مالي عام 2022، وقوتها المشتركة المناهضة للجهاديين المدعومة من فرنسا والولايات المتحدة والأمم المتحدة. وتطالب نواكشوط بوجود تعاون أمني ودفاعي مهم بالإضافة إلى تعاون تنموي.
وصوتت موريتانيا في آذار/مارس 2022 لصالح قرار في الأمم المتحدة يطالب روسيا بوقف عملياتها العسكرية في أوكرانيا على الفور، بينما امتنعت العديد من الدول الإفريقية عن التصويت.
كما صوتت في تشرين الأول/أكتوبر لصالح قرار يرفض ضم أربع مناطق أوكرانية إلى روسيا. وامتنعت في تشرين الثاني/نوفمبر عن التصويت على قرار يطالب روسيا بدفع تعويضات لأوكرانيا على أضرار الحرب.
وقال سيرغي لافروف في تصريح للصحافيين "عبّرنا عن احترامنا لسياسة الحياد التي تنتهجها موريتانيا باستمرار على جميع المحاور".
وأضاف وزير الخارجية الروسي "هذا الحياد لا يمنع موريتانيا من القيام بدور فعال تجاه مشاكل القارة الإفريقية، وخاصة تلك الموجودة قرب موريتانيا".
وأوضح "أنا أتحدث عن التهديد الإرهابي في منطقة الساحل والصحراء والخطوات التي تتخذها لكسر الجمود في عملية التسوية بالصحراء الغربية" المتاخمة لموريتانيا والتي يتنازع حول مصيرها منذ عقود المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر.
وتابع "سندعم بنشاط جهود أصدقائنا الأفارقة، انطلاقا من مبدأ أن لديهم مصلحة في الحصول على مساعدتنا في هذا المجال".
وشدّد نظيره الموريتاني خلال مؤتمر صحافي مشترك على "ثوابت" الدبلوماسية الموريتانية "ولا سيما احترام قواعد القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة".
لكنه أضاف أن "موريتانيا تتفهم مخاوف روسيا الأمنية وترى أنه يجب أخذها في الاعتبار لدورها المهم في الأمن والاستقرار في أوروبا وكذلك على المستوى الدولي".
وذكرت وكالة الأنباء الموريتانية أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني استقبل لافروف.