لبنانية تنهي احتكار الرجال لسباقات الدريفتينغ

إيلينا سويد تستمتع بممارسة هوايتها الخطرة غير آبهة بنظرة المجتمع لها كونها تهتم برياضة غير مألوفة بين الشابات.

بيروت - بسيارة زرقاء مجهزة بكل ما يلزم لخوض سباقات الدريفتينغ، تسير إيلينا سويد بطرقات لبنان جاذبة إليها أنظار الكبار والصغار، فليس من المعتاد رؤية فتاة تقود سيارة كهذه في البلاد.

لم تختر إيلينا (23 عاما) ممارسة هواية عادية كغيرها من الشابات، بل أحبت وتعلمت الدريفتينغ وهو حركات استعراضية يقوم بها المتسابق المحترف بسيارته بشكل منفرد ولا تخلو من تهور وخطورة محتملة.

ونشأت رياضة الـ"دريفت" (أو "دريفتينغ")، أو ما يُعرف في دول عربية بـ"التفحيط" في سبعينات القرن العشرين باليابان، وهي تقوم على إظهار سائقين لمهاراتهم في قيادة السيارات بصورة استعراضية على الحلبة.

الفتاة العشرينية بدأت في الدريفتينغ كنشاط عادي لأنه يرفع من الأدرنالين في الجسم، وفق قولها، لكنها اكتشفت أنها تملك موهبة، لذلك قررت تطويرها وتنميتها حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم.

وقالت "بدأت في ممارسة الدريفتينغ منذ عام ونصف العام، وخضت تجربة بطولة لبنان، منذ صغري لدي هوس بكل ما يتعلق بالسيارات والدراجات النارية حتى اكتشفت هذه الموهبة لدي".

وتابعت "تعلمت الدريفتينغ داخل أكاديمية متخصصة في لبنان، وكنت أخضع للتدريب من قِبل محترفين يخوضون بطولات عدة، بينها بطولة لبنان، ثم أكملت التعلم لوحدي حتى صرت أعطي دروسا خصوصية في التفحيط"، مؤكدة ارتباطها بسباقات السيارات تلك، حيث لا تكف عن الترديد في أكثر من مناسبة "لا شيء يخفف من الضغوط النفسية وضغوط الحياة لدي سوى الدريفتينغ".

الرقص والغناء وهوايات أخرى هي عادة ما تستهوي الشابات، لذلك أي هواية خارجة عن المألوف قد تلاقي معارضة واستغرابا من المجتمع.

وعن ذلك قالت إيلينا "أهلي كانوا معارضين للغاية أن أدخل في هذا المجال، خصوصا وأننا في مجتمع لبناني عربي وأنني ابنتهم الوحيدة، فكانوا يخافون عليَّ"، لكن "بعد أول سباق لي انعكست نظرتهم وبدؤوا يرتاحون، وصعد والدي ووالدتي معي في السيارة وعاشا التجربة ولمسا الفرح الذي أشعر به خلال ممارسة هذه الهواية، وبعدها قررا دعمي والوقوف إلى جانبي، فتحمست أكثر".
إلا أن التحدي الأكبر بالنسبة لها يكمن في نظرة المجتمع، حيث اعتبرت أن "المجتمع يقف دائما ضد المرأة، لكن أنصح كل من يرغب في ممارسة أي هواية غير مألوفة بعدم التطلع إلى المجتمع والسير بما يرغب به".

وأوضحت أن أكثر ما يزعجها هو القول بأنها لا تملك أنوثة كونها تمارس هواية تعد للرجال، مشددة على أن "هذه النظرة خاطئة للغاية، فأنا أستطيع التحلي بأنوثة كاملة وفي الوقت نفسه أمارس الدريفتينغ".

ومن دون أي مساعدة، تغير إيلينا إطارات سيارتها التي اشترتها خصيصا للسباقات وبات بإمكانها التغلب على صعوبات عديدة.

وأفادت بأن "الصعوبات تبدأ عندما نخرج عن طريقة القيادة العادية، كالتعود على سرعة معينة وكيفية إصلاح الأخطاء خلال الدريفتينغ من دون توقف.. مع الوقت استطعت تخطيها، فالتمرين هو الأهم"، مضيفة "من التحديات التي واجهتني أيضا تنظيم السباقات والتحضير لها من دون أن أنسى أي خطوة أو تفصيل، لكن الفريق المرافق لي يساعدني في كل خطوة"، مشددة على أهمية وجود فريق تقني قوي.

ولا يقف طموح الفتاة العشرينية عند خوض سباقات داخل لبنان، إذ أشارت إلى أنها ستشارك قريبا في بطولات عربية، وتتطلع إلى تمثيل بلدها في بطولات عالمية.

ونصحت من يحب تلك الهواية بممارستها في ساحات مغلقة لكي لا يعرض نفسه والآخرين للخطر.

وشكت من عدم وجود طرقات وحلبات لـ"الدريفتينغ" في لبنان، حيث "نقوم باستئجار أراضٍ خاصة وتركيب شكل المسار الخاص بنفسنا من دون أن نعرض أي شخص للخطر".

وقللت إيلينا من أهمية الحديث عن خطورة "التفحيط" بقولها إن "أي رياضة خطرة، فعند لعب كرة القدم أو السلة هناك خطورة من أن يقع أي شخص ويكسر عظامه.. إذا كانت الدريفتينغ تُمارس في طرقات مقفلة ومنظمة فالخطورة تنخفض".

لكن هذا لا يعني أن هذه الهواية لا تخلو من مخاطر، إذ أن من العواقب التي تخلفها ظاهرة التفحيط وخاصة في الشوارع العامة، الموت والإصابات الخطيرة وزهق أرواح الآخرين أثناء التفحيط، فهذه الظاهرة تفسح المجال للجرائم والانحرافات الأخرى، بالإضافة إلى معاناة أسر المفحطين نتيجة فقد أبنائهم أو إعاقتهم بسبب هذه الظاهرة.

وتعد رياضة الانجراف بالسيارات "الدريفت" التي تلقى رواجا متزايدا في الدول العربية، حكرا على الشبان، حيث لا تمتلئ الساحة سواء بأصوات المحركات وصيحات الشباب الحاضرين وهم يهتفون للمتسابقين ويتفاعلون معهم، في حين أن الحضور النسائي محتشم للغاية.

ومع ذلك تؤكد إيلينا سويد بأنها لا تأبه بنظرة المجتمع لها كونها تمارس هواية غير مألوفة بين الشابات، مشددة على أنها متمسكة بها وتطمح في الوصول إلى مستويات أعلى.