لطفي بوشناق يتوج مسيرة نصف قرن في أولى سهرات قرطاج

معرض 'ستينية مهرجان قرطاج الدولي' يفتتح الدورة الثامنة والخمسين توثيقا لستين عاما على تأسيس المهرجان.

تونس - انطلقت الدورة 58 لمهرجان قرطاج الدولي، الخميس، وسط حضور جماهيري كبير أقبل منذ ساعات المساء الأولى وأخذ مكانه على مدرجات المسرح مترقّبا بشغف وشوق كبيرين عرضا فنيا متكاملا للفنان لطفي بوشناق بعنوان "عايش لغناياتي" توّج خلاله مسيرة زاخرة بالعطاء والإبداع على مدى أكثر من نصف قرن.

وبعد أن تابع الجمهور شريطا وثائقيا قصيرا عن بدايات لطفي بوشناق، وهو من مواليد 18 يناير/كانون الثاني سنة 1954 بالعاصمة وأظهر شغفا بالغناء منذ طفولته رغم معارضة والده، أطلّ هذا الفنان على جمهوره حاملا عوده ليتقدّم المجموعة الموسيقية ويمتّع الحاضرين بمهاراته الفنية الاستثنائية في عزف العود، مقدما تجربة فنية لا تُنسى عزفا وغناءً، وهي السمة الكبرى التي ميُزت أغلب حفلاته ضمن أهم المحافل والتظاهرات التي أحياها والتي أقيمت أمام شبابيك مغلقة فأثبتت أنه قامة فنية وواحد من أهم الأصوات في العالم العربي، وقدم طوال مسيرته إسهامات كبيرة في مجال الموسيقى والغناء.

وتولّى عبدالحميد بوشناق نجل الفنان تأمين الإخراج الركحي للعرض الذي أضفى عليه بعدا جماليا وبصريا بعد توظيفه عناصر سينوغرافية، أما الفرقة الموسيقية فتولى قيادتها المايسترو فادي بن عثمان.

واستهلّ بوشناق الحفل بأغنية "يا شاغلة بالي" وهي من ألحان شحرور الخضراء علي الرياحي، وكان أداها في سبعينات القرن الماضي، ثم انتقل إلى تقديم قطع فنية أصلية من إنتاجه الخاص، وتألق في تقديم مجموعة من الأعمال التي تجسد رؤيته الفنية الفريدة وتجربته الشخصية في عالم الغناء، فأدى رفقة معجبيه "أحنا الجود" و"ريتك ما نعرف وين" و"نسايا" و"انت شمسي". وأدى رفقة الفنانة اللبنانية مشلين خليفة "العين الي ما تشوفكشي".

واستمر لطفي بوشناق في الغناء دون توقف لمدة ناهزت 3 ساعات، كما لم يكلّ الجمهور ولم يهدأ له بال ليواصل التصفيق والهتاف دون انقطاع مع كل نغمة وكلمة، فكان بمثابة الكورال وردّد معه أغاني "مي مي" و"هاذي غناية ليهم" و"حلق الواد" و"يا ليام كفاية" (جينيريك المسلسل التونسي "غادة") و"أنا مية" و"كيف شبحت خيالك" وغيرها من الأغاني التي طبعت مكانته كفنان مبدع ومتميز في ساحة الفن العربي.

واختار بوشناق إنهاء سهرته بأغنية "يا نوار اللوز" و"انزاد النبي" وهي من الأغاني التي جمعت بين الجمالية الفنية والمضامين العميقة التي تعبر عن الوعي الوطني والانتماء للثقافة التونسية، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من مسيرته كفنان يمزج بين الإبداع والأصالة.

ووفق وكالة تونس أفريقيا للأنباء، فإن حضور لطفي بوشناق في مهرجان قرطاج الدولي لن يمحى من ذاكرة الحضور، إذ أنه استطاع أن يجسد الفخامة الفنية بأسلوبه الفريد وصوته الرائع. وقد أثبت أنه أحد أبرز رموز الثقافة التونسية والموسيقى العربية الكلاسيكية، وله حظوة خاصة في قلوب محبي الموسيقى.

وقال لطفي بوشناق في الندوة الصحفية التي تلت الحفل إنه حرص على أن يكون عرضه متنوعا يجمع بين أغانيه القديمة والجديدة ويراوح بين أنماط مختلفة كالطرب والابتهالات والفن الشعبي وغيرها.

لكن عدم بث حفل الافتتاح كالمعتاد على القناة الوطنية الأولى أدى لحالة من الإحباط لدى متابعي المهرجان الذي يحتفل هذا العام بمرور 60 عاما على تأسيسه.

ونفى نقيب المهن الموسيقية ماهر همامي عبر حسابه على فيسبوك أن يكون بوشناق هو من طلب عدم البث المباشر، مشيرا إلى أن نسخة من تسجيل الحفل ستهدى إلى مؤسسة التلفزيون الوطنية خلال أسبوع.

وسجل حفل افتتاح هذه الدورة حضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي والمكلف بتسيير وزارة الشؤون الثقافية بصفة وقتية المنصف بوكثير، والذي تولى بالمناسبة تدشين معرض للصور الفوتوغرافية يوثق لستين عاما على تأسيس المهرجان (1964 – 2024).

وتضمن معرض "ستينية مهرجان قرطاج الدولي" الذي أقيم في الممر المؤدي إلى المدرجات صورا لعدد من الأعلام الفنية التي تناوبت على اعتلاء هذا المسرح الذي كان له الفضل في نحت مسيرة العديد من الفنانين من تونس والعالم العربي، ومنها ما التقط بعدسة مصوري وكالة تونس أفريقيا للأنباء.

ورغم تقليص برنامجه مقارنة بالدورات السابقة استقطب مهرجان قرطاج الدولي هذا العام مجموعة من النجوم أمثال زياد غرسة من تونس وكاظم الساهر من العراق ووائل كفوري من لبنان وآمال ماهر من مصر وأصالة نصري من سوريا.

كما يشمل البرنامج الممتد حتى 17 أغسطس/آب "أوبرا كارمن" التي يقدمها مسرح أوبرا تونس في 21 يوليو/تموز وعرضا للموسيقار المغربي أمين بودشار في الأول من أغسطس/آب.