لهب الاحتجاجات يمتد من البصرة إلى محافظات أخرى

وعود رئيس الوزراء العراقي تفشل في احتواء غضب المحتجين الذين اقتحم بعضهم مطار النجف الدولي وحاول آخرون اقتحام مقر شركة نفط البصرة وردد المئات منهم في الناصرية هتافات ضد النفوذ الإيراني في العراق.

المحتجون يرددون شعارات مناهضة للنفوذ الإيراني في العراق
الغضب الشعبي يتنامى من يوم إلى آخر على تردي الخدمات
محتجون يقتحمون مطار النجف الدولي
بغداد ترسل تعزيزات أمنية للمحافظات المنتفضة

النجف (العراق) - امتدت الاحتجاجات الاجتماعية من محافظة البصرة إلى محافظات أخرى في مؤشر على خروج المظاهرات عن السيطرة منذرة بصيف ساخن.

وتظاهر آلاف الأشخاص اليوم الجمعة في محافظات البصرة وذي قار والنجف وبابل وكربلاء وميسان والديوانية جنوبي العراق وأيضا العاصمة بغداد، احتجاجا على سوء الخدمات العامة ونقص الطاقة الكهربائية وقلة فرص العمل واستشراء الفساد. وندد المحتجون بالأحزاب السياسية.

ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه البصرة احتجاجات مستمرة منذ أكثر من أسبوع.

وجاب مئات المحتجين شوارع مدينة الناصرية مركز ذي قار، مرددين شعارات مناهضة للنفوذ الإيراني في العراق، كما حاول العشرات منهم اقتحام منزل المحافظ يحيى الناصري.

وأوقفت إيران تزويد العراق بأكثر من ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية بعد تراكم الديون على بغداد وهو ما زاد من ساعات قطع الكهرباء في المحافظات العراقية، وسط موجة حر تضرب البلاد.

وقال إبراهيم الركابي أحد المتظاهرين، إن "المئات قرروا اليوم التظاهر ضد سياسات الحكومة الاتحادية الفاشلة في إدارة الدولة، فلا خدمات ولا ماء ولا كهرباء ولا وظائف".

وأضاف "الشعب العراقي فعلا لا يريد إيران ولا الأحزاب السياسية الداعمة لها، إيران باتت تلحق الضرر بالشعب العراقي".

وأشار إلى أن "قوات الأمن منعت بعض المتظاهرين من اقتحام منزل المحافظ يحيى الناصري".

وفي ميسان، قال الضابط في الشرطة العراقية كريم الأسدي، إن "قوات سوات والشرطة فرقت تظاهرة باستخدام الهراوات وإطلاق عيارات نارية في الهواء، بعد محاولة العشرات اقتحام بمنى مجلس المحافظة".

وأضاف أن "بعض المتظاهرين حاولوا تسلق سور مبنى المجلس، لكن قوات الأمن تدخلت ومنعتهم".

وقال جواد الساعدي، نائب رئيس مجلس محافظة ميسان إن "مجلس المحافظة يقف مع مطالب المتظاهرين، شريطة أن تبقى التظاهرة في إطارها السلمي".

وأضاف أن "مبنى المحافظة وباقي المؤسسات الحكومية هي ممتلكات عامة غير مسموح على الإطلاق العبث بها".

وأشار إلى أن "مجلس المحافظة، جهة رقابية وتشريعية وليس جهة تنفيذية".

ولفت الساعدي إلى أن "الحكومة الاتحادية مسؤولة عن توفر الخدمات وفرص العمل للعاطلين".

وخرجت تظاهرات مماثلة في محافظات النجف وكربلاء والديوانية وبابل جنوبي البلاد.

وفي بابل نصب عشرات المحتجين خياما أمام مبنى مجلس المحافظة وسط مدينة الحلة (مركز المحافظة)، لحين الاستجابة لمطالبهم.

واقتحم متظاهرون غاضبون مساء الجمعة مطار النجف الدولي جنوب العاصمة بغداد، في أول يوم تشهد فيه هذه المدينة تحركا احتجاجيا مطلبيا على غرار التظاهرات التي بدأت في محافظة البصرة الجنوبية، فيما امتدت الاحتجاجات الاجتماعية من البصرة إلى خمس محافظات أخرى، بينما ردد متظاهرون هتافات مناهضة للنفوذ الإيراني في العراق.

وقالت مصادر في المكان إن "المتظاهرين دخلوا قاعة الاستقبال في المطار وسط تواجد أمني مكثف".

وتعرضت القوى الأمنية بالضرب لبعض المتظاهرين الذين أصيبوا بجروح ونقلوا إلى المستشفى، فيما واصل آخرون احتجاجهم ووصل بعضهم إلى مدرج المطار، فيما وصلت تعزيزات أمنية كبيرة للمكان.

وقال مسؤول في مطار النجف طالبا عدم كشف اسمه إن "المتظاهرين ما زالوا موجودين داخل المطار ويحاولون نصب خيم والاعتصام".

كما أكد "إجلاء جميع الطائرات"، مشيرا إلى أن "آخر طائرة كانت في المطار أقلعت بشكل عاجل إلى بغداد".

وتأتي هذه التظاهرة امتدادا لتحرك احتجاجي بدأ قبل أيام في محافظة البصرة الجنوبية، ما اضطر رئيس الوزراء حيدر العبادي للتوجه إلى المنطقة اليوم الجمعة.

وتتواصل التظاهرات في البصرة في جنوب العراق لليوم السادس على التوالي احتجاجا على البطالة.

وتبلغ نسبة البطالة بين العراقيين رسميا 10.8 بالمئة ويشكل من هم دون 24 عاما نسبة 60 بالمئة من سكان العراق، ما يجعل معدلات البطالة أعلى بمرتين بين الشباب.

وتتركز مطالب المحتجين على تحسين الواقع المعيشي وتوفير الخدمات الأساسية، ومحاربة الفساد المالي والإداري المتفشي في دوائر الدولة ومؤسساتها وتوفير فرص عمل للعاطلين، بحسب المتظاهرين.

وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات منذ الأحد الماضي في البصرة، إثر مقتل محتج وإصابة 3 آخرين جراء ما قال محتجون إنه "إطلاق نار لجأ إليه الأمن لتفريق متظاهرين" شمالي المحافظة.

ولم تهدأ وتيرة الاحتجاجات رغم زيارة رئيس الوزراء حيدر العبادي، إلى البصرة، صباح اليوم الجمعة، وتقديمه وعودا بمعالجة المشاكل الخدمية وتوفير فرص عمل في المحافظة.

وتعتبر البصرة مركز صناعة النفط في العراق، حيث تنتج نحو 80 بالمائة من صادرات البلاد، كما أنها المنفذ البحري الوحيد للعراق، ويتم شحن من موانئ البصرة كل كمية الخام المصدر للأسواق العالمية.

ومنذ سنوات، يحتج العاطلون عن العمل في البصرة لتشغيلهم في شركات النفط بدلا من العمالة الأجنبية التي تجلبها الشركات القائمة على تطوير حقول النفط.

كما تزداد نقمة السكان على الحكومة في فصل الصيف (موسم الذروة)، مع تكرار الانقطاعات في الشبكة الوطنية للكهرباء في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي تصل في بعض الأيام إلى 50 درجة مئوية.

وأفاد مصدر عسكري عراقي اليوم الجمعة، أن قوات الأمن منعت محتجين غاضبين من اقتحام مقر "شركة نفط البصرة" المملوكة للدولة جنوبي البلاد.

وقال الضابط في الجيش العراقي محمد خلف، إن "مئات من المتظاهرين حاولوا اليوم اقتحام مقر شركة نفط البصرة وسط المدينة وهتفوا ضد المسؤولين في الحكومة الاتحادية ومسؤولي الشركة النفطية".

وأوضح أن "قوات الأمن كانت قد عززت منذ أمس (الخميس) تواجدها في محيط شركة النفط وتم منع المتظاهرين من اقتحام المبنى بعد أن حاولوا إزالة الأسلاك الشائكة عند المدخل".

وأضاف أن "قوات الأمن أبلغت المتظاهرين بأن أية محاولة لاقتحام الشركة سيتم التعامل معها وفق الإطار القانوني، باعتباره تعديا على المؤسسات الحكومية"، لافتا إلى أن "المتظاهرين تفادوا التصادم مع قوات الأمن".

و كشف مصدر أمني عن وصول قوة من جهاز مكافحة الإرهاب (قوات النخبة في الجيش) قادمة من بغداد إلى البصرة، لتأمين حقول النفط ومقار الشركات النفطية الأجنبية.

وقال المصدر وهو رائد في شرطة البصرة طلب عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالتصريح للإعلام، إن "قوات مكافحة الإرهاب وصلت البصرة قادمة من بغداد، لتتولى حماية الحقول النفطية والشركات ومقار شركة نفط البصرة ومقار شركات النفط الأجنبية التي تتولى تطوير واستثمار حقول النفط".

وتتركز تجمعات المحتجين على مقربة من حقول النفط الحيوية شمالي محافظة البصرة. وقالت وزارة النفط العراقية الخميس في تصريحات صحفية إن صادرات البلاد النفطية لم تتأثر حتى الآن بالاحتجاجات.