مؤتمر باريس يعيد الدفء إلى علاقة لبنان بالسعودية

 

بيروت تحصل من المانحين على تعهدات بأكثر من 11 مليار دولار على شكل هبات وقروض ميسرة.

بيروت - قال مسؤول لبناني بارز شارك في مؤتمر المانحين الذي عُقد في باريس الجمعة إن المؤتمر ساهم في كسر جمود في العلاقات بين بلاده من جهة والمملكة العربية السعودية ودول عربية من جهة أخرى.

وكان مسؤولون لبنانيون قد أشاروا في وقت سابق إلى أن بيروت حصلت على تعهدات بأكثر من 11 مليار دولار على شكل هبات وقروض ميسرة لتمويل الاستثمارات في إصلاح البنية التحتية وزيادة النمو الاقتصادي في البلاد.

وقال وزير المالية علي حسن خليل في اتصال مع وكالة رويترز للانباء من باريس إن المبالغ المتعهد بها تتراوح "بين قروض وهبات أبرزها من البنك الدولي بأربعة مليارات (دولار) على خمس سنوات والمملكة العربية السعودية مليار دولار والكويت وصناديقها 680 مليون والبنك الإسلامي 750 مليون على خمس سنوات".

وقال إلياس بو صعب مستشار الرئيس اللبناني لشؤون التعاون الدولي "السعوديون كانوا قد تحدثوا في الأعوام السابقة عن ثلاثة مليارات دولار كمساعدات وقروض عبر الصندوق السعودي. تقريبا هناك مشاريع نفذت لتاريخ اليوم بحوالي ملياري دولار، وهم قالوا اليوم إن المليار المتبقي سوف يتم تحريكه لتمويل المشاريع التي تشكل أولوية لدى الحكومة اللبنانية".

واضاف "هذا في السياسة له قيمة بعد مرحلة جمود بين لبنان والمملكة العربية السعودية".

وشهدت العلاقات السعودية اللبنانية توترا في السنوات الماضية بلغ أوجه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما أعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالة مفاجئة أثناء زيارة للمملكة مثيرا أزمة سياسية بين البلدين.

واتهم مسؤولون لبنانيون في ذلك الوقت الرياض بإجبار حليفها الوثيق الحريري على الاستقالة ووضعه قيد الإقامة الجبرية لأنها ضاقت ذرعا بما يقوم به من مواءمات سياسية مع حزب الله اللبناني المدعوم من إيران.

وعاد الحريري إلى بيروت وعدل عن استقالته ليطوي صفحة أزمة أثارت مخاوف على استقرار لبنان السياسي والاقتصادي ودفعته إلى صدارة المواجهة الإقليمية بين السعودية وإيران.

وكانت السعودية قد نصحت رعاياها بعدم السفر إلى لبنان وطلبت من السعوديين هناك المغادرة في أسرع وقت ممكن. وأصدرت دول خليجية أخرى أيضا تحذيرات من السفر إلى لبنان.

لكن العلاقات تحسنت بعد زيارة رئيس الوزراء اللبناني، الذي تضم حكومته الائتلافية حزب الله، إلى السعودية في مارس/آذار الماضي تلبية لدعوة من الملك سلمان بن عبد العزيز. كما افتتح الحريري الأسبوع الماضي شارعا باسم الملك سلمان في وسط بيروت.

وقال بو صعب الذي شارك كوزير للتربية في حكومة الحريري السابقة إن "مسؤولين في الإمارات العربية المتحدة قدموا خطابا لم يلتزموا فيه بمبلغ معين ولكنه كان خطابا إيجابيا إذ أكدوا أنهم مع إعادة الانفتاح على لبنان المستقر وهذا في السياسة له قيمة".

واعتبر أن الاندفاع الخليجي باتجاه لبنان "له دلالات في السياسة لناحية الوقوف مع لبنان ودعمه".

لكنه أضاف قائلا "كل هذه المشاريع تحتاج إلى موافقة الحكومة ومجلس النواب كما تستلزم اتباع الشفافية الخالصة وتفاهما سياسيا داخليا".

وقال ايضا ان "هذه التحديات القادمة أمام الحكومة اللبنانية بعد الانتخابات النيابية المقررة في الشهر المقبل، تم تأمين حركة اقتصادية لها شرط معرفة استغلالها داخل لبنان للاستفادة منها".

نمو بأقل من 1 بالمئة

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن لبنان حصل على تعهدات تتجاوز قيمتها 11 مليار دولار في مؤتمر باريس.

وقال سفير فرنسا لدى لبنان برونو فوشيه في تغريدة على تويتر إن التعهدات تشمل قروضا بقيمة 10.2 مليار دولار ومنحا بقيمة 860 مليون دولار.

ويحتاج لبنان، الذي تضرر من حرب مستمرة منذ سبع سنوات في الجارة سوريا ويستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري، إلى هذه الأموال من أجل الاستثمار في إصلاح بنيته التحتية وزيادة النمو الاقتصادي الآخذ في التراجع.

في المقابل يريد المانحون من لبنان التزاما بإصلاحات تعطلت طويلا. وفي إشارة إلى مطالب الإصلاح، تعهد الحريري بضبط أوضاع المالية العامة لخفض عجز الميزانية بنسبة خمسة بالمئة في السنوات الخمس القادمة.

واضاف "هذا في السياسة له قيمة بعد مرحلة جمود بين لبنان والمملكة العربية السعودية"

وأبلغ ماكرون الحريري خلال مؤتمر صحفي أن المساعدات تهدف إلى تأسيس بداية جديدة للبنان مضيفا أنها تضع "مسؤولية غير مسبوقة" على عاتق السلطات هناك لتنفيذ إصلاحات والحفاظ على السلام في البلاد.

ومضى قائلا "من المهم المضي قدما في الإصلاحات خلال الأشهر القادمة. نحن سنقف إلى جواركم".

وقال الحريري إن المؤتمر بداية لعملية جديدة لتحديث اقتصاد بلاده وإعادة تأهيل البنية التحتية وإطلاق طاقات القطاع الخاص. وأشار إلى أن معدل النمو في لبنان انخفض إلى أقل من واحد بالمئة من متوسط بلغ ثمانية بالمئة في السابق.

ووافق البرلمان اللبناني الأسبوع الماضي على ميزانية 2018 التي تتوقع عجزا أقل من العجز المسجل في 2017. ووصف ستاندرد تشارترد في مذكرة بحثية الميزانية بأنها "إشارة إيجابية".

وقرر مؤتمر باريس الذي جمع 50 دولة ومنظمة، إنشاء آلية متابعة لرصد التقدم في الإصلاحات.

وكان صندوق النقد الدولي قال في فبراير/شباط إن السياسة المالية في لبنان تحتاج إلى خطة ضبط تجعل الدين يستقر ثم تبدأ في خفضه.

ويقول دبلوماسيون إن نجاح لبنان في جذب دعم دولي من المانحين والقطاع الخاص سيتوقف على الإصلاحات.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان خلال المؤتمر إن "لبنان بحاجة إلى استثمارات كبيرة لتحديث بنيته التحتية الأساسية، التي لا تسمح له حاليا بتقديم الخدمات العامة الأساسية بمستوى جيد لكل أولئك المواطنين.

واضاف "على الجانب الآخر، لبنان يحتاج إلى إصلاحات كبيرة لاقتصاده بهياكله وقطاعاته".

وقال إن فرنسا ستقدم 400 مليون يورو في صورة قروض ميسرة و150 مليون يورو في صورة منح للبنان الذي ما زال يعيد بناء البلاد من أضرار الحرب الأهلية التي استمرت بين عامي 1975 و1990.