مؤتمر شعر الأطفال يلامس قضايا الكتابة لهم

الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية تقدم مؤتمرا من أنجح المؤتمرات التي عُقدت حول الشعر المكتوب للأطفال في مصر والوطن العربي.

جاء مؤتمر شعر الأطفال الذي عقدته الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية خلال يومي 20 و21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، برئاسة الأستاذ الدكتور أسامة طلعت، وأمانة الدكتور أشرف قادوس، من أنجح المؤتمرات التي عُقدت حول الشعر المكتوب للأطفال في مصر والوطن العربي، لأنه لامس معظم القضايا المثارة عن الكتابة الشعرية للأطفال، وصحح بعض المفاهيم، وأكَّد على بعضها الآخر، وخرج بتوصيات كان من أهمها إجراء "مسابقة أمير شعراء الطفولة"، ورعاية المواهب التي يتم اكتشافها أثناء تحكيم جائزة الدولة للمبدع الصغير، والتواصل مع المدارس الابتدائية والإعدادية لاستضافة شعراء الأطفال في حصص القراءة الحرة، وغير ذلك من توصيات أعتقد أنها قابلة للتنفيذ خلال الفترة المقبلة.

وعلى الرغم من تعدد أشكال وموضوعات الكتابة للأطفال ما بين شعر وقصة قصيرة ومسرح وروايات للفتيان، فقد كان تركيز المؤتمر في دورته الثامنة على الشعر، والشعر فقط، بالفصحى والعامية، لذا لم يتعرض الباحثون لأنواع أخرى في أدب الأطفال تماشيا مع عنوان المؤتمر وتوجهه، وهذا من وجهة نظري أجدى وأنفع وأوقع.

وجاءت الأبحاث المشاركة في حجم التطلعات والأهداف، وبما يؤكد أن أدب الأطفال بعامة، لم يعد أدبًا من الدرجة الثانية أو الثالثة، وإنما هو أدبٌ له دوره وأهميته في حياتنا الثقافية والمجتمعية.

بعد جلسة الافتتاح التي شاركتُ فيها بكلمة عن كتابة الشعر للأطفال، وشارك فيها الشاعر والباحث مسعود شومان ببحث عن جماليات الشعر الشعبي للأطفال، توالت الجلسات فتحدثت آلاء عبدالحميد عن القيم الثقافية والفنية للقصص الشعري للأطفال، في جلسة أدارتها الدكتورة إيناس محمود حامد، وشارك فيها أيضا د. أميمة جادو التي تحدثت عن المضمون التربوي القيمي للقصص الشعري للأطفال "أمير الشعراء أحمد شوقي نموذجا"، وتناولت الدكتورة سيدة حامد عبدالعال القيم الثقافية والفنية في شعر الأطفال، وتحدثت الإعلامية ومخرجة المسرح رجاء محمود عن شعر الأطفال بين القيم الثقافية والفنية واللغوية. أما الباحث عماد الشافعي فتحدث عن القصائد القصصية وتنمية القيم التربوية في ديوان "آداب العرب" للأطفال للشاعر إبراهيم العرب.

وفي الجلسة الثانية التي رأسها الدكتور جمال شفيق أحمد، تحدث الشاعر أحمد سويلم عن الشعر والمراحل العمرية للأطفال، وتحدث الشاعر جابر بسيوني عن شعر الأطفال بين الفصحى والعامية، وتناولت د. عصمت خورشيد دور شعر الطفولة المبكرة بالفصحى في تنمية الوعي الصوتي والقرائي، وتوقفت د. شاهيناز العقباوي عند شعر الأطفال.. المقومات والأهمية والاختلاف والتميز بين الماضي والحاضر.

وفي اليوم الثاني من هذا المؤتمر المهم حضر الدكتور محمود حسن إسماعيل ليرأس الجلسة الثالثة التي قُرئ فيها ملخص بحث د. إيناس محمود حامد عن الشعر المقدَّم بمجلات الأطفال وعلاقته بتشكيل النسق الثقافي والقيمي لديهم. أما الشاعرة د. جيهان سلام فتناولت المضمون الأيديولوجي في القصيدة الموجهة للطفل "دراسة مقارنة بين القصيدة العربية والقصيدة العبرية". وتحدثت حياة طه سيد عن دور شعر الأطفال في تلبية الحاجات النفسية لدى الطفل "ديوان أحب أن أكون لأحمد سويلم نموذجًا"، وتحدث حسام قطب الشيخ عن علاقة التكنولوجيا الرقمية بمستقبل شعر الأطفال. وتناولت د. فريدة عصام الدين تأثير القصيدة الموجَّهة للطفل على آثار دافعيته نحو الألعاب الرياضية المختلفة.

وفي الجلسة الرابعة التي أدارها د. محمد سليم شوشة، تم عرض بحث د. بخيتة حامد عن سينمائية الصورة الشعرية في ديوان "ما قالته الغيمة الأخيرة" للشاعر الراحل أحمد زرزور. وتحدثت د.غالية الزامل عن شعر الأطفال ورمزية الطبيعة "مقاربة تحليلية بين الشاعرين فاضل الكعبي وعبده الزراع في ضوء عناصر ثقافة الطفل"، وتناولت الباحثة نهال خيري الملامح التعبيرية في المسرح الشعري لسليمان العيسى، وتحت عنوان "الأبطال الثلاثة كونوا أطفالا" جاء بحث الإذاعية رانيا سلامة.

أما الجلسة الخامسة والأخيرة فقد رأسها الشاعر أحمد سويلم، وكانت عن شعر الأطفال بين الهوية الثقافية وصون التراث، وفيها تحدثت فاطمة فؤاد عن شعر الطفل وإسهاماته في بناء الهوية الثقافية، وتحدثت د. سماح خالد زهران عن دور شعر الأطفال في تنمية الهوية الثقافية الوطنية. وشاركت – عن بعد – الشاعرة أمل جمال وتحدثت عن شعر الأطفال أداة فاعلة في تعزيز الهوية الثقافية للأطفال. واختارت مروة الشريف نماذج من أغاني العرب الفولكلورية في أثوابها العصرية لتكون مدار بحثها. أما تأجوج الخولي فتحدثت عن استلهام التراث في شعر الأطفال الحديث.

وهكذا نرى أهمية هذا المؤتمر من خلال ما تم بحثه ودراسته وتحليله، ومشاركة بعض الأطفال في جلساته ومشاركتهم أيضا بإلقاء قصائدهم، مما خلق نوعًا من التفاعل الجميل بين الشعراء الكبار وبعض الشعراء الصغار، وأعتقد أن عملية التشبيك بين هذين الجيلين – على هذا النحو وعلى نحو ما جاء في التوصيات - سيعود بالنفع والازدهار على حركة الشعر الأطفال في المستقبل القريب.