ماذا ينتظرنا في العام الجديد

نحتاج في كل ركن عربي إلى مشروع شبيه بنيوم.
الشيعة العرب يرون الحيتان العرب يملكون المليارات بينما يظهر القادة الايرانيون متواضعون زاهدون
ليس المقصود تفريغ جيوب الخليجيين، بل قيام مليارديرات العرب بإنقاذ بلادهم أسوة بالأثرياء في بقية العالم

لن يكون العام الجديد أفضل من سابقه، ولن يشهد تحسنا في أي مجال، وسوف يظل العرب يراوحون مكانهم ولن تنشأ حرب بين ايران واسرائيل بل ستقوم إسرائيل بضربة في أماكن معينة لا تقضي على طموحات ايران لأن قدرات ايران متفرقة وسرية وسوف تتمدد وتتوسع وتكتسب حلفاء جدد مثل روسيا والصين وسوف تظل الميليشيات الشيعية العربية تقاتل بالنيابة عن ايران. أما الفلسطينيون، فسوف يكونون في خطر حقيقي لأن إسرائيل ماضية قدما في بناء المستوطنات وابتلاع الضفة الغربية والجولان.

يحتاج العرب الى دمج الميليشيات العربية في المجتمعات العربية وهذا لا يكون بالوعظ، بل من خلال إقامة مشاريع كبرى شبيهة بنيوم تقوم بتشغيل ملايين العرب، فمشروع نيوم يوفر ربع مليون وظيفة، لكن عدد الميلشيات التابعة لايران في المنطقة العربية يقارب المليون مقاتل. ومطلوب دمجهم في امتدادهم العربي من خلال مئة مشروع نيوم جديد يساعدهم على بناء حياة جديدة تقنعهم بضرورة التخلي عن التخلف والجهل. وهي مشاريع مكلفة، ولكنها تبقى أقل من كلفة الحروب التي لم تحقق أهدافها. وهناك مليارديرات عرب يستطيعون إنشاء مشاريع شبيه بنيوم. واذا كانوا يظنون أنهم يفعلون شيئا فريدا، فهم مخطئون ولا يحتاج الأمر سوى الى بحث بسيط في غوغل عن كبار المتبرعين في العالم وسوف يحصل على آلاف الأسماء ولن يجد فيها اسما عربيا واحدا، ولو جمعت تبرعاتهم لتجاوزت الترليون دولار. هل يعرف العرب كم تبرع اليهود من أجل احتلال فلسطين وإقامة دولتهم؟ لم يكن بالإمكان احتلال فلسطين لولا التمويل السخي من رجال الأعمال اليهود، وإذا ضن أثرياء العرب بتمويل مشاريع كبرى فربما يأتي زمان يفقدون فيه كل أموالهم.

هناك حاجة ملحة للتصرف السريع لبناء مدن متكاملة وجذب الميليشيات للعيش والعمل فيها في ظروف مريحة، فلا أحد ينكر ارتباط الفقر بالجهل والسخط والتطرف وعدم الشعور بالانتماء، فقد نشرت آلاف الصور التي تظهر قادة ايران يجلسون على الأرض ويأكلون الخبز واللبن وبجانبها صور لقادة العرب وقصورهم وبذخهم بينما بلادهم تعج بالفقراء الساخطين الذين وجدوا في الانتماء الى الميليشيات ما يملأ الفراغ في نفوسهم وصاروا أقرب الى ايران من العرب. ومن السهل اقناعهم بترك السلاح مقابل ظروف معيشية جيدة ورواتب شهرية، لأنهم لا يدافعون عن قضية وكل ما في الأمر أنهم ساخطون على دول الخليج، لأنها تعيش براحة بينما بقية العرب يعانون من الفقر وقد حدث كثيرا أن هددوا دول الخليج بالقصف على أماكنها الحيوية لتصبح دولا فقيرة مثلهم.

ليس المقصود هو تفريغ جيوب الخليجيين، بل قيام مليارديرات العرب من مختلف الجنسيات بإنقاذ بلادهم أسوة بالمليارديرات في أنحاء العالم من أميركيين وأوربيين ويهود وغيرهم، واذا استطاع العرب مداهنة ايران وحلفائها فإن الحل سيكون مؤقتا، بينما المطلوب هو اقناع الميليشيات العربية بالاندماج بالمجتمع العربي وإنهاء التحالف مع ايران. وهذا لا يتيسر ما لم يكن البديل مقنعا لهم وطالما أن المشكلة لم تحل جذريا، سيظلون سلاحا بيد ايران تسلطهم وقتما تشاء.

إن تفسير الظواهر تفسيرا ماديا هو الأقرب للحقيقة، فمعظم الجرائم في العالم تحدث بسبب المال، فهذه طبيعة الانسان: يحب المال ويكره الفقر، والشيعة العرب يرون كيف يعيش الأثرياء العرب بينما هم يعانون من الضيق والضنك، ويرون الحيتان العرب يملكون المليارات والقصور واليخوت بينما القادة الايرانيون متواضعون ويعيشون في زهد، فيحقدون ويقتنعون بضرورة حمل السلاح والقتال بالنيابة عن ايران، لأنهم لا ينتمون الى هذه البلاد المنفردة بالمال ولا تعمم الخير ليطال الجميع فيستجيبون لدعوات الانقسام والتخلف بسهولة.

لا بد من حل مشكلة الميليشيات وتبديل انتمائها وإلا فإنها سوف تستنزف خزائن العرب، وإن ينفقوا على البناء خير لهم من الإنفاق على الهدم والدمار.