مالي وبوركينا فاسو والنيجر بصدد التخلي عن الفرنك الافريقي

الدول الثلاثة تتطلع إلى الوصول لتوافق يضمن تحقيق تنمية اقتصادية، رغم الأوضاع الأمنية الهشة التي تشهدها بسبب هجمات الجماعات المتشددة والمتمردين.

باماكو - تسعى دول الساحل الثلاثة مالي وبوركينا فاسو والنيجر إلى التخلي عن الفرنك الأفريقي الذي ينظر إليه على أنه أداة للهيمنة الفرنسية في القارة، بعد تشكيلها تحالف للدفاع المشترك، الذي اعتبر بمثابة وفاة سريرية لمجموعة الساحل الخمسة، التي أسستها فرنسا في 2014.

وبحث قائد الانقلاب في النيجر، عبد الرحمن تشياني، خلال الزيارة التي أداها إلى واغادوغو وباماكو، "تبادل وخلق تضافر في الإجراءات بين الدول الأعضاء بشأن تسريع عملية التكامل الاقتصادي والمالي داخل التحالف الذي تم تشكيله في 16 أيلول/ سبتمبر".

ومنذ مرحلة التحرر من الاستعمار الفرنسي في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، فرضت فرنسا على 14 دولة أفريقية استخدام عملة موحدة وهي "الفرنك" أسوة بالفرنك الفرنسي الذي تتعامل به باريس وقتها.

وعلى رغم استقلالها رسمياً عن فرنسا وإسبانيا والبرتغال فلم تتخلص تلك الدول من التبعية المالية والاقتصادية التي فرضت عليها، إذ حافظت فرنسا على نفوذها في المنطقة، من خلال اتفاقيات في مجالات عدة منها الاقتصادية والمالية.
 ورغم أن هذه الدول تواجه عزلة إقليمية وعقوبات دولية جراء الانقلابات العسكرية، إلا أنها تتطلع إلى الوصول لتوافق يضمن تحقيق تنمية اقتصادية، رغم الأوضاع الأمنية الهشة التي تشهدها بسبب هجمات الجماعات المتشددة والمتمردين.

وشهدت منطقة غرب أفريقيا تصاعداً في المشاعر المعادية لفرنسا، بسبب الدور الذي تلعبه في المنطقة، لا سيما في مستعمراتها السابقة.
 وأدت الأحداث الأخيرة إلى زيادة المشاعر المعادية لفرنسا، إذ قوبلت التدخلات العسكرية الفرنسية في منطقة الساحل، والتي تهدف إلى مكافحة الإرهاب وعدم الاستقرار، بالتشكيك والانتقادات.

وسلطت صحيفة "لوموند" الفرنسية الضوء على الأسباب الجذرية لهذه المشاعر المتزايدة وعواقبها، مع تأكيد الحاجة إلى إعادة تقييم النهج الفرنسي في غرب أفريقيا.
وأشارت إلى أن عملة الفرنك الأفريقي واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل التي تسهم في المشاعر المعادية لفرنسا، إذ يتم استخدام هذه العملة من قبل 14 دولة أفريقية، معظمها مستعمرات فرنسية سابقة.

ويزعم المنتقدون أن هذا يديم التبعية الاقتصادية ويحد من سيطرة هذه البلدان على سياساتها النقدية، إذ تزايدت الأصوات المطالبة باستبدال فرنك الاتحاد المالي الأفريقي بعملة أكثر استقلالية، كما أن استمرار استخدام الفرنك الأفريقي يزيد من الشعور بالاستغلال الاقتصادي.

وأفادت وكالة الأنباء الأفريقية بأن "قادة هذه الدول الثلاث أكدوا ضرورة تحسين الاتصال بين الولايات الثلاث في منطقة AES من خلال تصميم وتنفيذ برامج شبكة الطرق والجوية والسكك الحديدية".

وأضافت أن "القادة اتفقوا أيضًا على تعزيز آليات الاستجابة المشتركة للأزمات الغذائية، لا سيما من خلال تطوير أدوات الزراعة المائية ذات الاهتمام المشترك لتعزيز الإنتاج الزراعي وتجميع الاستجابات لانعدام الأمن الغذائي".

وذكرت أنه "بشأن الصدمات المختلفة فيما يتعلق بالتمويل والتكامل الاقتصادي، خطط وزراء مالية هذه الدول أيضًا لإنشاء صندوق استقرار وإنشاء بنك استثماري".

ويبدو أن التطورات الأخيرة، خاصة تلك المتعلقة بسيطرة الجيش المالي وحلفائه من مجموعة فاغنر شبه العسكرية على مدينة كيدال معقل المتمردين، سرعت هذا التنسيق غير المسبوق بين قادة مالي وبوركينافاسو والنيجر.
يشار إلى أن رؤساء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "الإيكواس"، كانوا قد صادقوا على العمل بعملتهم الموحدة الجديدة "إيكو"، اعتبارًا من 2020، لتشكل "خطوة أمام التحرر من الفرنك الأفريقي".

وتعود فكرة إنشاء العملة الجديدة والعمل بها، إلى ثلاثة عقود مضت، وهي أحد الأهداف التي كان الرئيس الراحل معمر القذافي يسعى لتحقيقها. وأعلن قادة "الإيكواس" عن قرار تبني الخطة والبدء بتنفيذها مطلع 2020، على هامش القمة الـ 55 لرؤساء دول وحكومات المجموعة، واستضافتها العاصمة النيجيرية أبوجا.

وقد عقدت في نهاية مايو 2021، ندوة عن العملات في غرب أفريقيا بعنوان "الأوضاع العامة لعملة إيكو الأفريقية" في لومي (توغو)، لمناقشة نهاية تداول فرنك غرب أفريقيا وطرح عملة "إيكو". وأكد الإعلان الصادر في نهاية الندوة عزم دول غرب أفريقيا الناطقة بالفرنسية على المضي قدمًا.

ثم في يونيو 2021، عقدت دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مؤتمر قمة في أكرا بغانا، حيث أعلنت عن موعد جديد لإطلاق عملة "إيكو". ومن المقرر الآن أن يدخل هذا الإجراء حيز التنفيذ في عام 2027.