'محطة عين الحجر' يناقش مشاكل المجتمع الجزائري

المخرج لطفي بوشوشي يسقط في فيلمه الرائي الطويل أحداثًا خيالية على واقع اجتماعي حقيقي.

الجزائر - تم تقديم العرض الأولي للفيلم الطويل "محطة عين الحجر" للمخرج لطفي بوشوشي، السبت، بالجزائر العاصمة، وهو فيلم كوميدي درامي تدور وقائعه حول عالم اجتماعي مصغر، يسلط من خلاله الضوء على مشاكل عديدة في المجتمع الجزائري.

حضر العرض الأول للفيلم وزير الثقافة والفنون زهير بللو، وهو عمل سينمائي أنتجه المركز الجزائري لتطوير السينما وشركة الإنتاج "ستوديو دي أس"  (Studio DS) تحت إشراف وزارة الثقافة والفنون، وعرض بسينماتيك الجزائر أمام جمهور غفير، من مهنيين ونقاد ومتخصصين في الفن السابع، إضافة إلى طلاب من المعهد العالي لمهن الفنون المسرحية والمعهد الوطني العالي للسينما.

ولاقى الفيلم تفاعلًا كبيرًا واهتمامًا لافتًا بفضل طرحه العميق ورؤيته الإخراجية المميزة التي تلامس الواقع بأسلوب فني راق.

وتدور أحداث الفيلم في نحو الساعة ونصف الساعة حول قصة عين الحجر وهي قرية صغيرة منسية تقع في أعماق الصحراء وسكانها الذين يحاولون بكل ما في وسعهم إنقاذها من العزلة والنسيان الذي يهددهم في أجواء كوميدية حلوة ومرة، وفي نفس الوقت تندد، تحت غطاء السخرية، بإخفاقات المجتمع في زمن التحديات الكبرى.

وفي هذه القرية يهيمن "الطيب" رئيس المحطة على السكان رغم أنه أمي وغير كفء، وفي الخفاء مساعده "باطو" هو من يدير كل شيء فعليًا. لكن ذات يوم، يقرر "باطو" أن يقلب المعادلة من خلال التخطيط للإطاحة بـ"الطيب" والاستيلاء على السلطة، وتحقيق طموحاته بالزواج من "مليكة" أجمل فتيات الواحة.

ويُعتبر الفيلم مزيجًا من الخيال والواقع، حيث يسقط المخرج أحداثًا خيالية على واقع اجتماعي حقيقي، وهو ما يعكس قضايا مجتمعية مثل الفساد والتلاعب والظلم الاجتماعي.

وشكل اختيار الممثلين والتوزيع اللذين ضما مجموعة من الممثلين والممثلات، من القدماء والجدد، إحدى النقاط القوية في نجاح هذا الفيلم؛ حيث نجح كل من نبيل عسلي وحورية بهلول ويعقوب قنفود وياسمين قرقاش وكامل الرويني ورشيد بن قديفة ومراد صاولي ومبروك فروجي وأحمد دلوم ومحمد قادري، اعتمادا على موسيقى أبوبكر معطال، في إعطاء روح لنص رشيد بن إبراهيم الذي أعاد كتابته الفنان الكبير لطفي بوشوشي.

ومن المقرر أن يتم توزيع الفيلم المطول "محطة عين الحجر" في دور العرض السينمائية عبر التراب الجزائري ابتداء من نهاية مايو/أيار الجاري، وفق ما أوضحت مديرة شركة الإنتاج "ستوديو دي أس" داليا عنتري، المكلفة بالجزء التنفيذي للمشروع.

وفي ختام العرض سلم وزير الثقافة والفنون زهير بللو جوائز شرفية لكل من المخرج لطفي بوشوشي ومديرة الإنتاج داليا عنتري، ومن خلالهما لكامل الطاقم التقني والفني للفيلم الطويل "محطة عين الحجر"، قبل أن يعطي الكلمة للجمهور الحاضر الذي نشط، رفقة مصممي الفيلم، نقاشا مثمرا وبناء ومفيدا.

ويعد لطفي بوشوشي أحد أبرز الأسماء في السينما الجزائرية المعاصرة، اشتهر بأعماله التي تتناول قضايا تاريخية واجتماعية بعمق فني، بينها فيلم "البئر" الذي تم اختياره ليكون المدخل الجزائري لأفضل فيلم بلغة أجنبية في حفل توزيع جوائز الأوسكار التاسع والثمانين لكنه لم يقدم الترشيح. وشارك الفيلم في عدد من المهرجانات السينمائية الدولية وفاز بالعديد من الجوائز بينها مهرجان مالمو السينمائي في السويد حيث حصل على جائزة أفضل مخرج، ومهرجان مسقط السينمائي حيث نال جائزة "الخنجر الذهبي" لأفضل فيلم روائي طويل، بالإضافة إلى جائزة أفضل سيناريو، والمهرجان المغاربي للفيلم بوجدة، المغرب، حيث توج بالجائزة الكبرى في صنف الفيلم الروائي الطويل، ومهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، أين حصل على أربع جوائز، من بينها أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل سيناريو.

ويتناول الفيلم الذي يُعد أول فيلم سينمائي طويل لبوشوشي، معاناة سكان قرية نائية في الجنوب الجزائري خلال حرب التحرير الوطني، حيث تحاصرهم قوات الاستعمار الفرنسي وتمنعهم من الوصول إلى البئر الوحيدة في قريتهم. ويُبرز الفيلم دور المرأة في المجتمع المقاوم، خاصة في ظل غياب الرجال إما بسبب الاستشهاد أو الالتحاق بجيش التحرير الوطني.