محمد السنوار "العائد من بين الأموات" مرشح لخلافة شقيقه

مصدر في غزة يقول إن الشقيق الأصغر ليحيى السنوار نشأ تحت التأثير الأيديولوجي للمؤسس المشارك لحماس عبدالعزيز الرنتيسي وأنه يتسم بالشدة والقدرة على بث الرعب.

القدس - سلط تقرير عبري الضوء على شخصية محمد السنوار الشقيق الأصغر ليحيى السنوار زعيم حماس الذي أكد الجيش الإسرائيلي مقتله الخميس في قصف لمبنى في مدينة رفح، مشيرا إلى أنه سيكون الوريث لقيادة حماس.

وبعد قتل السنوار أثيرت الكثير من التكهنات حول من سيتولى قيادة حماس وسط ترجيح لكفة القيادة في الخارج لتنصيب أحد الشخصيات البارزة من دون أن يطرح اسم محمد السنوار، لكن موقع 'واي نت' العبري رجح كذلك أن يكون الرجل وريث حماس بلا منازع.

وتحت عنوان "محمد السنوار.. الأخ القاسي الذي عاد من بين الأموات - وريث حماس الواضح؟، كتب الموقع "كان الناس ينظرون إلى الأرض عندما يمر بجانبهم"، هكذا يقول سكان غزة عن الأخ الأصغر لزعيم حماس المقتول يحيى السنوار الذي ارتقى في الرتب من خلال كسب الثقة والولاء ونجا من محاولات اغتيال عديدة، مع انتشار شائعات كاذبة حول وفاته في الماضي.

وفي ديسمبر/كانون الأول، كشف مقطع فيديو قصير من داخل نفق ضخم يبلغ طوله 4 كيلومترات، لأول مرة عن صورة لأحد أكثر الشخصيات المطلوبة في غزة: محمد السنوار، الشقيق الأصغر لزعيم حماس المقتول يحيى السنوار .

ومنذ وفاة كبار القادة العسكريين في حماس بما في ذلك محمد ضيف ومروان عيسى، برز محمد السنوار كالرجل الثاني بحكم الأمر الواقع في قيادة حماس في غزة، مدفوعا بالدعم الثابت من شقيقه.

محمد السنوار (49 عاما) من مواليد خان يونس وكان من أوائل المجندين لحماس وشارك في أعمال خلال الانتفاضة الأولى. سُجن في إسرائيل لمدة تسعة أشهر ثم أمضى ثلاث سنوات في سجن تابع للسلطة الفلسطينية ثم فر في عام 2000.

وأشار مصدر في غزة إلى أن السنوار نشأ تحت التأثير الأيديولوجي للمؤسس المشارك لحماس عبدالعزيز الرنتيسي.

ويشترك الأخوان السنوار في الكثير من القواسم المشتركة بما في ذلك لقب "أبوإبراهيم"، الذي أطلق على كليهما نسبة إلى ابنيهما البكرين اللذين سُميا على اسم والدهما إبراهيم. أصبح محمد السنوار صديقا موثوقا به لدى يحيى، وهو أحد القلائل الذين عرفوا مكانه خلال ما يقرب من عام من الحرب. وقد وفرت له علاقاته العائلية مسارا سلسا إلى قمة حماس، دون أي شكوك من داخل المنظمة بعدم الولاء.

وكشفت حماس عن دور محمد السنوار لأول مرة في عام 2005 عندما خرجت الجماعة عن تقاليدها في السرية وكشفت عن هويات سبعة قادة يقودون هجمات ضد الإسرائيليين وقوات الجيش الإسرائيلي. وكان السنوار من بينهم قائد لواء خان يونس.

وفي ذلك الوقت ورد أن إسرائيل نفذت ثلاث محاولات لاغتياله من خلال نيران القناصة، وغارة جوية مزدوجة على منزله وعبوة ناسفة في جدار منزله، اكتشفها.

ومن أهم العمليات التي نفذها السنوار كانت تدبير عملية اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006، وهو الحدث الذي أدى في نهاية المطاف إلى صفقة تبادل الأسرى التي تم بموجبها إطلاق سراح شقيقه يحيى.

وفي وقت الاختطاف، كان محمد السنوار يشغل منصب قائد لواء خان يونس واشترط إطلاق سراح شاليط مقابل إطلاق سراح شقيقه يحيى الذي صعد لاحقا لقيادة حماس.

الولاء فوق القدرة

ويقول تقرير واي نت "لقد أصبح محمد لاعبا مهما في الجناح العسكري لحماس. عندما كان يحيى السنوار في السجن الإسرائيلي، كان يثق في أن محمد لديه سيطرة على شاليط. اليوم، من الواضح أن مكانته (محمد) داخل الجناح العسكري نمت بسبب قربه من يحيى - الذي يؤمن بأشخاص محددين"، كما يقول الدكتور يوفال بيتون رئيس قسم الاستخبارات السابق في مصلحة السجون الإسرائيلية والذي عرف يحيى جيدا. "يحيى لا ينظر إلى القدرات، إنه ينظر إلى الولاء وهذا ما دفع محمد إلى الصعود في حماس".

وبحسب المصدر ذاته أوضح بيطون أن يحيى السنوار سعى على الأرجح إلى تعزيز سلطته من خلال إحاطة نفسه بشخصيات موثوق بها في القيادة، مما يسمح له باتخاذ القرارات دون معارضة.

وتابع "عندما اقتربنا من صفقة شاليط، عارضها الإخوة السنوار، على الرغم من أن اسم يحيى كان على رأس قائمة الإفراج. دفع يحيى محمد لإقناع القيادة برفض الصفقة، لكن صالح العاروري وخالد مشعل دعموها وفي النهاية رفضوا رأي السنوار".

لقد حاولت إسرائيل مرارا وتكرارا اغتيال محمد السنوار على مر السنين، فقد تم قصف منزله خلال عملية عمود السحاب في عام 2012 ومرة ​​أخرى في عملية الجرف الصامد في عام 2014 رغم أنه لم يكن هناك.

وخلال العملية الأخيرة، انتشرت شائعات عن مقتل السنوار مع ظهور صور تزعم أنها تظهر جثته. ومع ذلك، ظل السنوار بعيد المنال وتلاشى اسمه عن الأنظار حتى مايو/أيار 2022.

وذكرت قناة الجزيرة أنه لم يحضر جنازة والده في يناير/كانون الثاني 2022، مما دفع بعض وسائل الإعلام إلى الإشارة إليه باعتباره "الشخص الذي عاد من بين الأموات".

وفي مايو/أيار 2022، عاد السنوار إلى الظهور في مقابلة قصيرة مدتها 30 ثانية مع قناة الجزيرة، حيث ظهر كظل وهي تقنية استخدمها محمد ضيف لسنوات. وقال السنوار "عندما نوجه تحذيرات للاحتلال أو نرسل رسالة، فإننا نعني كل كلمة وكل حرف له وزن وتأثير على الأرض".

وأضاف "لقد بُذلت جهود دقيقة ومركزة لتثبيت ذلك، وتم وضع معادلات مهمة. وعندما نقول هذا فإننا نعرف كيف نحدد نقاط الضعف لدى الاحتلال وكيف نضغط عليها. لقد نجحنا في وضع معادلات مهمة والعدو يحسب أفعاله على هذا الأساس".

لقد نجح محمد السنوار الذي يشار إليه عادة باسم "الرجل الذي عاد من بين الأموات"، في بث الخوف بين سكان غزة في مناسبات عديدة. ويشتهر بشخصيته الكاريزمية القاسية والمرعبة، وهو يحظى بالاحترام ولكنه يتمتع بالقدرة على بث الرعب أيضا.

وقال مصدر في غزة "إنه رجل مخيف قادر على القتل دون تردد. هذه العائلة معروفة بطبعها الحاد ومحمد على وجه الخصوص شخصية مخيفة".

وبعد إطلاق سراح شقيقه يحيى من السجن الإسرائيلي في صفقة شاليط عام 2011، ازداد نفوذ محمد، بحسب المصدر ذاته الذي وصف دور الأخوين السنوار في عمليات التطهير الداخلي قبل الحرب الحالية.

وقال "يحيى لا يفهم سوى القوة وهذا هو إرث محمد أيضا. لقد شارك في العديد من عمليات إعدام العملاء فضلا عن الاستجوابات الوحشية والتعذيب في سجون حماس.. عندما يوبخ محمد شخصا ما، يصاب بالشلل من الخوف. لا أحد في غزة يجرؤ على معارضته".

وأشار المصدر إلى أن الناس كانوا يخشون محمد السنوار إلى درجة أنهم كانوا يتجنبون النظر إليه بالعين، مضيفا "كان الناس ينظرون إلى الأرض عندما يمر من أمامهم خوفا من تفسيره حتى لنظرة واحدة".

كما يُتهم محمد السنوار بالإشراف على التعذيب القاسي في سجون حماس، إلى جانب شقيقه يحيى. ومن بين القضايا البارزة إعدام قائد لواء الزيتون السابق في حماس محمد شتيوي في فبراير/شباط 2016 بتهمة ارتكاب جرائم أخلاقية.

وبحسب ما ورد كان هناك اشتباه في تعاون شتاوي مع إسرائيل، مما قد يؤدي إلى تقديم معلومات أدت إلى محاولة اغتيال محمد ضيف. وتشير رواية أخرى للأحداث، قدمها عنصر آخر من حماس، إلى أن شتاوي أعدم بعد أن انتقد يحيى السنوار في تقرير أمني بسبب الأخطاء العملياتية التي أدت إلى مقتل قادة في حماس.

واتهم شتاوي لاحقا بإقامة علاقات مع أرامل القتلى. وفي كلتا الحالتين، أعدم شتاوي بأمر من الأخوين السنوار بعد تحمل التعذيب الوحشي، وفق المصدر ذاته.

لعب محمد السنوار دورا رئيسيا في تدبير الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مما جعله أحد أكثر الشخصيات المطلوبة في غزة. وباعتباره أحد مهندسي عملية طوفان الأقصى، فمن المرجح أن يكون السنوار قد خلف محمد ضيف.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي بعد شهرين من بدء الحرب، نشر الجيش الإسرائيلي لقطات نادرة تظهر السنوار وهو يسافر في سيارة جيب برفقة حراس شخصيين عبر شبكة أنفاق ضخمة، تم اكتشافها على بعد مئات الأمتار فقط من مستوطنة نتيف هعاسارا الإسرائيلية ومعبر إيريز. وورد أنه كان يتلقى إحاطة من فريق من المهندسين وحفّاري الأنفاق الذين تم جلبهم من خان يونس لمشروع النفق الطموح وقام بجولة في منعطفات النفق.

وردا على ذلك، وزع الجيش الإسرائيلي منشورات في غزة وعرض مكافأة قدرها 300 ألف دولار مقابل معلومات تؤدي إلى القبض على السنوار - أي أقل بـ 100 ألف دولار من المكافأة المخصصة لاصطياد شقيقه يحيى. كما تضمن المنشور أيضا اسم رافع سلامة قائد لواء خان يونس ومحمد ضيف وكلاهما قُتلا في غارات جوية إسرائيلية في يوليو/تموز الماضي.

وكان هناك مكافأة قدرها 200 ألف دولار لرأس سلامة، بينما كانت مكافأة ضيف 100 ألف دولار. وفي فبراير/شباط، داهمت قوات إسرائيلية مكتب محمد السنوار ودمرته بالكامل في موقع القادسية في خان يونس.

ولا يزال الوضع الحالي لمحمد السنوار غير واضح. وفي حين لم يذكره رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي بين كبار قادة حماس، فقد اختاره وزير الدفاع يوآف غالانت علنا، إلى جانب شقيقه يحيى، خلال زيارة إلى معبر نتساريم في وسط غزة الشهر الماضي.

وقال غالانت وقتها "سنقضي على حماس وسنصل إلى محمد السنوار وكذلك يحيى السنوار. سنصل إلى كل هؤلاء الأشخاص، هؤلاء الإرهابيين الملعونين"، مضيفا "لأي شخص يعتقد خلاف ذلك، انظر إلى مروان عيسى ومحمد ضيف. لقد اعتقدا أنهما لا يقهران وهما لم يعودا معنا. لقد ارتكبا خطأهما وسيرتكب هو خطأه أيضا. سنكمل مهمتنا".