'مراود' تضيء على التراث وسبل صونه

العدد الجديد من المجلة يتناول رحلة الحج في التراث الشعبي ومصادر التراث الموسيقي العربي.

صدر حديثا العدد رقم 56 لشهر يوليو/تموز 2023 من مجلة "مراود" الشهرية التي يصدرها معهد الشارقة للتراث، وتهتم بالتراث الإماراتي والعربي والإنساني.

واحتوت المجلة على عدد من الملفات والموضوعات المتنوعة التي دارت في فلك التراث وسبل صونه وإحيائه.

وتتضمن صفحات العدد أخبار ومتابعات لأنشطة معهد الشارقة للتراث خلال الفترة الماضية، وتبرز إسهامات المعهد ودوره الريادي في نشر التراث والتعريف به على أوسع نطاق، وتتوقف المجلة عند مشاركة المعهد ضمن وفد الشارقة في معرض سيؤول الدولي للكتاب، حيث حلّت الشارقة ضيف شرف على المعرض.

وتعرض أبواب المجلة لعدد من الموضوعات التراثية والثقافية المهمة، لاسيما ما يتعلق منها بـ"التراث الإماراتي الذي يفوح منه عبق الأصالة الفواح"، ويرمز إلى العراقة والرقي، والتواصل بين الماضي والحاضر، ويعبر بجلاء عن مدى تمسك الإنسان الإماراتي بتراث آبائه وأجداده وتواصله معه، وانفتاحه على التجارب الأخرى المفيدة للنهل من معينها الزاخر.

ممارسات ثقافية

وفي الكلمة الافتتاحية، قال الدكتور عبدالعزيز المسلّم، رئيس معهد الشارقة للتراث ورئيس التحرير، إن للحج في الذاكرة العربية عادات وطقوس خالدة توارثتها المجتمعات منذ قديم الزمان، وعبرت من خلالها عن مدى تقديسها هذه الشعيرة الإسلامية القيمة وتمسكها بها، وحرصها على أدائها، رغم كل المخاطر والعقبات التي كانت تعترض الحجاج، بسبب وعورة الطريق، والمخاوف التي كانت تصاحب الرحلة.

وأشار إلى أن الذاكرة الشعبية نسجت الكثير من الطقوس التي درجت عليها المجتمعات، وتناقلتها جيلاً بعد جيل، بدءا بالتحضير للحج، وشراء المستلزمات الضرورية، من ملابس الإحرام وغيرها، ثم ومع الأهل والأقارب، والاستعداد للرحلة الحجية.

ولفت "المسلّم" إلى أن المجلة تستعرض في هذا العدد طقوس الحج وتقاليده، وما كان يصاحبه من ممارسات ثقافية لا تزال عالقة في أذهان المجتمع الإماراتي والعربي إلى اليوم، وحاولنا تقديم صورة متكاملة وشاملة عن هذا الموضوع الشائق، الذي نعيش هذه الفترة أجواءه الحانية، على أصداء التكبير والتهليل.

فن عربي أصيل

وفي كلمته على الصفحة الأخيرة من المجلة، قال الدكتور منّي بونعامة، مدير إدارة المحتوى والنشر بمعهد الشارقة، ومدير التحرير، إن الحج فريضة دينية، وشعيرة إسلامية، أوجب الله سبحانه وتعالى أداءها على من استطاع إليها سبيلاً، منذ أمر نبيه إبراهيم الخليل عليه السلام ببناء البيت العتيق، ليكون مقصدا يؤمه الناس من كل فج عميق.

وأضاف بأنه منذ ذلك الحين كانت للعرب تقاليد وطقوس تصاحب أداء هذا المنسك الديني، فكانوا يفدون إلى الحج في أشهرهم المعلومة، بعد الانصراف من سوق عكاظ، ويهلون من مواقيتهم، كما عرفوا بتقديسهم هذه الشعيرة الدينية قبل الإسلام، ولهم قصص وحكايات وأشعار كثيرة تغنى فيها الشعراء بالحج، وهاموا وجدا بالمشاعر المقدسة، وسطروا ما جادت به قرائحهم من شوق وتوق وحنين سار بها الركبان، وتناقلها الناس في كل زمان ومكان، ويضيق المقام عن سردها وعرضها. وتشكلت على ضوئها طقوس وتقاليد راسخة، درجت عليها المجتمعات قديما، وحافظت عليها إلى اليوم.

وأوضح "بونعامة" بأنه ازدهر على غرار هذه الرحلة الحجية المباركة فن عربي أصيل، وأدب عريق عرف بأدب الرحلة، الذي كان نمطا قائما بذاته، لكن جوهر الرحلات الحجية ديني محض، وليس شيئاً آخر، حيث كان الحاج عالما أو فقيها أو أديبا، يعمد إلى تدوين رحلته، وتوثيق ذكرياته ويومياته التي كان يدوّنها، بدءا من التحضير للحج وأخذ المستلزمات الضرورية، ووداع الأهل والصحب والخلان والسير في الركب الحجي الذي كان يجوب الدروب والمسالك الوعرة، والمحفوفة بالخطر في أغلب الأحيان، حتى إن الإنسان لا يأمن فيها على نفسه وماله، لأن الطريق إلى الديار المقدّسة لم تكن سهلة أبدا، وقد كان تدوين هذا النمط من الرحلات غايته في الأساس التحدث بنعمة الله التي يرى الرحالة المسلم أنها اكتملت لديه بأداء الحج والعودة سالما إلى أهله.

طقوس الاحتفال بالحجاج

وفي ملف العدد: يكتب عبدالله عبدالرحمن عن "مع ذكريات الحج المبرور: قوافل ومراكب عبر الصحراء والبحر من الإمارات إلى البيت العتيق"، ويستحضر فهد علي المعمري "طقوس الاحتفال بالحجاج في التراث الشعبي الإماراتي"، ويستعرض محمد نجيب قدّورة "رحلة الحج في التراث العربي والإماراتي"، وتتناول فاطمة سلطان المزروعي "رحلة الحج الإماراتية: من القوافل والجمال إلى السيارات والطائرات"، وتكتب مريم سلطان المزروعي عن "رحلة الحج الإماراتية بين متعة المعاناة وأهازيج الذكريات"، وأما خالد صالح ملكاوي فجال في الذاكرة الإماراتية ليجمع مشاهد "الحج في التراث الإماراتي ورفقة العدوّين البحر والصحراء"، وتتبع الدكتور أحمد علواني رحلة الحج في الفلكلور في مقال بعنوان "شد الرحال"، وأضاء الدكتور مهدي الشموط على "رحلة الحج في الموروث الشعبي الأردني"، وأما ميسون يوسف الأنصاري فحمل مقالها عنوان: "الحج.. زمان أول"، وعرج المهندس عاطف زريق فرحات على مكانة الكعبة المشرفة: "قبلة المسلمين في صلاتهم"، وتوقف الدكتور سالم زايد الطنيجي عند موضوع "رحلة الحج في التراث العربي والإماراتي"، وسلط الدكتور إيهاب الملاح الضوء على "الحج في التراث الشعبي المصري".

مصادر التراث الموسيقي العربي

وفي موضوعات العدد: يواصل الباحث علي العبدان، رئيس قسم التراث الفني بمعهد الشارقة للتراث، سلسلة مقالاته حول "مصادر التراث الموسيقي العربي"، كما تابع الفنان علي العشر سلسلة مقالاته حول الفنون الشعبية، وتناول هذا العدد "فن المناهيل"، وكتب محمد عبدالله نور الدين عن "حمد خليفة بوشهاب: وقصائد تفتح الآفاق"، ويستكمل طلال سعد الرميضي سلسلة مقالاته عن "الكويت في الأرشيف العثماني"، ونقرأ للدكتور فهد حسين "نازك الملائكة والتنوير"، وجاء مقال حسين الراوي بعنوان "الصورة الفكرية عن ذواتنا".

تاريخ الملوك النبهانيين في عمان

وفي موضوعات العدد أيضا: يقدم ظافر جلود قراءة في كتاب الدكتور سلطان بن محمد القاسمي "تاريخ الملوك النبهانيين في عمان"، ويكتب سعيد يقطين "سيرة شخصية شعرية"، وفي زاوية "قصة التراث الشعبي" تناول الدكتور مصطفى جاد عميد المعهد العالي للفنون الشعبية بالقاهرة موضوع "أمثال النبات: إبداعات ومعارف وخبرات"، وفي زاوية "مقاربات" نقرأ لسارة إبراهيم "كتاب في التراث والحداثة.. مقاربات متقاطعة"، ويجول بنا خالد عمر بن قفه في كتاب "الدر المنثور في طبقات ربات الخدور"، وفي زاوية "سوالف الهامور" نقرأ لعبدالله خلفان الهامور "يسووها الصغار ويطيحوا فيها الكبار"، وفي زاوية "رؤية" تكتب عائشة مصبح العاجل "حصوات الحوش الصغيرة وقواقع البحر الكبير"، وفي زاوية "ترحال الكلام"، يكتب الدكتور محمد الجويلي "في حضرة الكلام"، ويحدثنا خليل السعداني عن "تمثل المرض عند هنود أميركا الشمالية"، ونتعرف من خلال مقال الدكتور خالد بن محمد مبارك القاسمي على "جهود الشيخ سلطان بن محمد القاسمي في النهوض باللغة العربية وخدمة القرآن الكريم"، وفي زاوية "إضاءة" تكتب الباحثة نورة خلفان الكندي عن "أنماط الملكية والحيازات الزراعية التقليدية في منطقة كلباء"، ونبقى مع سارة إبراهيم مجددا حيث تصبحنا في رحلة بين معالم قصر المويجعي في مدينة العين، ونسافر إلى المغرب بصحبة إكرام عبدي لنتعرف على "الفنادق التاريخية المغربية في القرن العشرين"، وفي زاوية "أفق" نقرأ للدكتور نبيل سالم "السنع: موروث ثقافي ومدرسة للأخلاق"، ونذهب إلى سوريا مع المهندسة رانا زكريا زيدان لنتعرف على "الصناعات النسيجية التراثية في دمشق"، كما نزور موقع "كنيسة ودير بني ياس" في دولة الإمارات العربية المتحدة بصحبة عبير يونس، ونطالع تاريخ "الخنجر العماني"، من خلال مقال لحسين هاشم، وفي زاوية "واحة القراءة" نعود إلى سارة إبراهيم، لتقرأ لنا كتاب "التراث والإبداع.. مقاربات ورؤى"، ومن قصص التراث تحكي لنا شهرزاد العربي حكاية "تنين شرْشال"، وتُعرفنا سميرة شيوي يا لينغ على "نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية"، في مقال من ترجمة دلال تشنغ سي ينغ، ومراجعة جمال بن علي آل سرحان.

يُذكر أن "مراود" هي مجلة معنية بالتراث الإماراتي والعربي والعالمي، ويرأس تحريرها الدكتور عبدالعزيز المسلّم، رئيس معهد الشارقة للتراث، ومستشار التحرير ماجد بوشليبي، الخبير الثقافي بمعهد الشارقة للتراث، ومدير التحرير الدكتور منَي بونعامة، مدير إدارة المحتوي والنشر بمعهد الشارقة للتراث، ويتكون مجلس التحرير من: علي العبدان، وعتيج القبيسي، وعائشة الشامسي، وسارة إبراهيم، وسكرتير التحرير أحمد الشناوي، كما تضم هيئة التحرير منير حمود وبسام الفحل للإخراج الفني والمراجعة اللغوية، وتصدر المجلة شهريا عن معهد الشارقة للتراث.