مزارعو الفول السوداني في تونس يتوارثون زراعته

'الكاكاوية' زراعة قديمة تشهد هذا العام تراجعا في المحاصيل بسبب الجفاف والخنازير.

تونس - ينهمك مزارعو الكاكاوية "الفول السوداني" في معتمدية الهوارية على بعد 112 كلم شمال شرق العاصمة تونس، بجني محصولهم، بعد جهد زراعة ومتابعة لنصف عام.

وفي منطقة بني خيرة بالهوارية، كان داود الجندوبي قد جمع محصوله في انتظار مرحلة أخرى من مراحل إعداد المنتوج للترويج بالأسواق.

ويقول الجندوبي "نحن بصدد جمع الكاكاوية في المرحلة قبل الأخيرة، بانتظار الآلة لتقشيرها ثم ننشرها لتجفيفها، قبل التوجه بها للأسواق"، مضيفا "إنتاج الكاكاوية قديم جدا هنا.. أكبر مكان لإنتاج الكاكاوية هي بني خيرة وسيدي داود من معتمدية الهوارية".

وأكد مجدي التونسي رئيس خلية الإنتاج الزراعي بالهوارية (حكومية)، قِدَم زراعة الكاكاوية في الهوارية، مضيفا "المزارعون هنا ينتجون الكاكاوية جيلا بعد جيل".

وتتركز زراعة الكاكاوية في ولاية نابل، حيث يوجد 1500 هكتار في الهوارية و400 هكتار في معتمدية حمام الأغزاز القريبة منها ومعتمدية قليبية بمساحة 450 هكتارا"، وفق مجدي التونسي.

وتابع "المنطقة تنتج 80 في المئة من المنتج الوطني، بينما الهكتار الواحد (10 آلاف متر مربع) يعطي عادة ثلاثة أطنان.. ولكن هذا العام سيعطي فقط نحو طنين اثنين فقط نظرا للجفاف الذي ضرب تونس".

وعانت تونس في المواسم الثلاثة الماضية، من تراجع هطول الأمطار، وتراجع وفرة المياه السطحية والجوفية، ما دفع الحكومة لتقنين توزيع المياه واستهلاكه.

وقال النوبي بن رمضان يعرف نفسه بأنه "فلاح صغير من الهوارية"، "مهنتنا زراعة البطاطا والفلفل والطماطم والكاكاوية والآن موسم جني الكاكاوية"، موضحا "نبدأ مايو/أيار عبر حرث الأرض مرتين، ثم نبردها مرتين بالماء ثم نزرعها باعتماد المحراث التقليدي ونخدمها ونعيد حرثها ثم نقوم بتقليعها".

وأضاف "بني خيرة من الهوارية مشهورة بإنتاج الكاكاوية والبطاطا.. ونحن بصدد جني الكاكاوية فهذا موسمها"، قائلا "في منتصف أكتوبر/تشرين الأول نبدأ بقلع نباتات الكاكاوية ثم نتركها تجف 4 أو 5 أيام، ثم نجمعها ويأتي الجرار بالآلة لتقشيرها ثم نتركها تجف على فرش بلاستيكية".

ويبيع المزارع "الكاكاوية طازجة خضراء بأسعار تتراوح بين 4.5 دنانير و5 دنانير (1.5 دولارا و1.6 دولارا) لكل كيلوغرام، أما الجافة فتباع من 6 دنانير إلى 6.5 لكل كيلوغرام (2 دولارا إلى 2.1 دولارا)".

وأكد التونسي على ضرورة التبكير بزراعة الكاكاوية في موسمها بين النصف الثاني لشهر أبريل/نيسان ومنتصف مايو/أيار"، مضيفا "أن زراعة الكاكاوية بعد شهر مايو/أيار تعطي إنتاجا ضعيفا".

وتابع أن "الإنتاج يعتمد أساسا على أربعة أصناف في الهوارية، وهي الشنفاخي، المشلطة، الطرابلسية، والعربي (المحلية)".

وأشار إلى أن "الكاكاوية تفضل الأرض الرملية الخفيفة التي تساعد النبتة على مد جذورها الضعيفة نسبيا وقبول الأزهار الملقحة الراجعة للأرض".

والفول السوداني الذي يعرف في تونس باسم الكاكاوية هو محصول زراعي شائع ومفيد للجسم، حيث يحتوي على بروتينات، دهون صحية، ألياف، فيتامينات ومعادن، وهو يساعد على تحسين صحة القلب، ويستخدم في العديد من الوصفات مثل السلطات والكعك والحلويات، إضافة إلى أن زراعته تساهم في الاقتصاد وتوفير فرص العمل.

ويتحدث المزارع النوبي بن رمضان عن منافع الكاكاوية قائلا "منافعها كثيرة مثل اللوز تماما"، لافتا إلى طرق استهلاكها "نطبخها في الماء لمعالجة آلام المفاصل، ونقليها ونطحنها لإعداد عصائد كاكاوية تستعمل في إعداد الحلويات".

وعن الصعوبات التي تواجه مزارعي الكاكاوية في الهوارية، أشار بن رمضان إلى تأثيرات الجفاف هذا العام على المحصول الذي لم يكن بالكميات المعتادة، مضيفا "الخنازير أيضا تلحق أضرارا بمنتوجنا ونبذل جهدا كبيرا لحراسة أراضينا.. كما نرجو من الدولة أن تساعد المزارعين على مواجهة غلاء أسعار المواد التي نستعملها في الزراعة مثل بذور البطاطا والأسمدة الكيمياوية"، قائلا "إذا بقي الأمر هكذا سينقرض كثير من المزارعين الصغار".

وقلّل مجدي التونسي من مخاطر الخنازير على الإنتاج قائلا "الخنزير يلحق أضرارا بالحقول القريبة من الغابات.. لكن الأراضي المسيجة لا يستطيع أن يلحق بها أي ضرار لأنه لا يمكنه دخولها".