'مسارات الحبر والخشب' معرض تشكيلي يجمع فن التصميم بالنحت
الرباط - يحتضن رواق مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين بالرباط معرضا تشكيليا جماعيا بعنوان "مسارات الحبر والخشب.. لقاء العناصر" وفيه تسلط إبداعات الفنانين علال عسال وعبدالحق الدهمي الضوء على العلاقة بين الإنسان والطبيعة والفن.
ويقدم المعرض الذي افتتح، الخميس، عالمين فنيين متميزين ومتكاملين، من خلال رسومات دقيقة بالحبر الصيني من إعداد الفنان المصمم عسال علال، من جهة، ومنحوتات مصممة بعناية من الخشب الطافي (الخشب الذي تم جمعه بعد أن ألقاه البحر) للنحات عبدالحق الدهمي، من جهة أخرى.
وقال الفنان المصمم عسال علال في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن أعماله أعدت بشكل عفوي من خلال تصاميم غير مطورة، يتم نقلها في ما بعد على ورق الرسم وإعادة صياغتها بالحبر الأسود لإنتاج أشكال هندسية منمقة ومزينة، موضحا أن أعماله يتم تقديمها بدون عناوين للسماح للمشاهد بإطلاق العنان لخياله لتفسير الرسائل.
وتدعو رسومات عسال علال البسيطة التي تسبر أغوار عالم تتحول فيه الإيماءة إلى شعر والخط إلى عاطفة، إلى رحلة استكشاف وتفسير للتجريدات الرسومية للفنان لتجاوز الواقع وإثارة عمل من التأمل الحر والمحرر في كل شخص، باستخدام الحبر الأسود، وهي أداة متقلبة تتطلب الكثير من الدقة والانتباه.
ويقوم عبدالحق الدهمي، الشغوف بالبحر وكنوزه، بتحويل الأخشاب الطافية وهي مادة تشكلها التيارات والزمن، إلى منحوتات مليئة بالحياة والعاطفة، مستوحاة من أشكالها العضوية وطاقتها الطبيعية، محتفيا بذلك بجمال عدم الكمال وشعرية الأشياء البسيطة.
وفي تصريح مماثل، أكد الدهمي أن "عملية جمع الأخشاب الطافية التي أقوم بها في المضيق (تطوان)، صعبة نوعا ما"، مشيرا إلى أنه يقطع كيلومترات حاملا حقيبته على الظهر لجمعها، ثم ينظفها ويزيل عنها الغبار، قبل أن ينتقل إلى مرحلة الإبداع، حيث يحولها على الخصوص إلى منحوتات موضوعها الحيوان.
وأظهر النحات المعاصر عبدالحق الدهمي المولود في تروال (قرية في منطقة وزان)، منذ صغر سنه اهتماما واضحا بالفن والنحت، المستوحى في كثير من الأحيان من الأشكال العضوية للطبيعة.
وتتكون أعمال الدهمي الأولى من تجميعات من الأصداف والحصى وقطع من الخشب. وقد بدأت مغامرته مع الخشب بإبداع أعمال فنية وظيفية وزخرفية، قبل أن تتطور نحو التعبير التشكيلي البحت.
وينخرط الدهمي إلى جانب عمله الفني، في نهج بيئي مستدام، فمن خلال إعادة تدوير الأخشاب الطافية، يعمل على تثمين مادة يُنظر إليها غالبا على أنها عديمة الفائدة، وتحويل هذه "النفايات" الطبيعية إلى أعمال ذات معنى.
أما علال عسال، فإنه بعد حصوله على الدكتوراه في علوم اللغة والاتصال من جامعة روان، وبعد مسيرة مهنية كمدرس ومكون في فرنسا والمغرب، قرر أن يتفرغ بالكامل للإبداع التصويري، وخاصة الرسم، وهو شغف لم يفارقه أبدا. ويعود تاريخ أعماله الأولى المحفوظة إلى تسعينيات القرن العشرين.
فقد اختار هذا الفنان العصامي المجتهد، المولود بمدينة الرباط، دائما طريق المبدع المنعزل، حيث كان يجرب ويستكشف المسارات والتقنيات قبل أن يكرس نفسه بشكل حصري تقريبا للرسم بالحبر الأسود.
ويتواصل معرض "مسارات الحبر والخشب.. لقاء العناصر" للفنانين علال عسال وعبدالحق الدهمي إلى غاية الثالث من أبريل/نيسان المقبل.