مشروع ميناء الداخلة نقطة تحول إستراتيجية في تعزيز التجارة في أفريقيا
الرباط – يحظى مشروع ميناء الداخلة الأطلسي باهتمام دولي متزايد باعتباره قطبا اقتصاديا بمواصفات عالمية وقاطرة للتنمية ووجهة أساسية للمبادلات بين أوروبا والمغرب وإفريقيا جنوب الصحراء.
وأفردت قناة “سي.إن.إن” الأميركية مساحة في تغطيها الإعلامية لتقدم أشغال تشييد ميناء الداخلة الأطلسي بالأقاليم الجنوبية للمملكة، مؤكدة أنه واحد من أضخم مشاريع البنية التحتية في إفريقيا. سيشكل قفزة نوعية في تعزيز التجارة، والتواصل بين القارة الإفريقية والعالم.
وقالت أن المغرب يتبوأ مكانة ريادية، من خلال مشروع ميناء الداخلة الأطلسي العملاق والطموح الذي سيمثل نقطة تحول إستراتيجية في تعزيز التجارة والتواصل مع دول غرب إفريقيا وشرقها.
وتسير أشغال إنجاز البنية التحتية المينائية للمشروع الملكي الكبير وفق الجدول الزمني المسطر لها”؛ وتم الانتهاء من الأشغال التحضيرية والشروع في إعداد الكتل الخرسانية ومواد البناء لإنجاز المنشآت النهائية؛ كالجسر البحري ومنشآت الحماية.
المشروع مع بنية تحتية قائمة ومخططات لمناطق صناعية وخدمات لوجستية، يأتي برؤية شاملة لتعزيز الاقتصاد وتوفير فرص عمل وتطوير الصناعات المغربية المحلية
وأوضحت أن أكثر من ثلثي دول إفريقيا لديها منافذ بحرية، مما يجعل التجارة البحرية شريان حياة اقتصاد حيوي. ووفقًا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، مرت 1.3 مليار طن من البضائع عبر موانئ القارة في عام 2021، مما يؤكد أهمية تحسين بنية التجارة البحرية وتطوير الموانئ لدعم الاقتصاد الإفريقي.
ويراهن المغرب من خلال هذا الميناء الجديد، على جعل الواجهة الأطلسية بجنوب المملكة واجهة بحرية للتكامل الاقتصادي والإشعاعين القاري والدولي، إلى جانب ميناء طنجة المتوسط. وأفادت نسرين إيوزي، مديرة المديرية المؤقتة للإشراف على إنجاز ميناء الداخلة الأطلسي، في مداخلة لها مع القناة الأميركية أن منطقة ميناء الداخلة تتسم بموقع جغرافي استراتيجي، حيث تشكل واجهة للمغرب نحو إفريقيا، وتعزز الربط والتكامل مع القارة بشكل أكبر.
وأضافت إيوزي أن هذا المشروع ومع بنية تحتية قائمة ومخططات لمناطق صناعية وخدمات لوجستية، يأتي برؤية شاملة لتعزيز الاقتصاد وتوفير فرص عمل وتطوير الصناعات المحلية.
وكشفت القناة أن التقديرات تشير إلى أن الميناء سيكون قادرًا على تداول حوالي 35 مليون طن من البضائع سنويًا في المرحلة الأولى، ومن المتوقع أن يتم توسيع القدرات في المرحلة الثانية لاستيعاب حوالي 8 مليون طن إضافية للشحنات الجافة.
إلى جانب ذلك، يعزز المشروع الاتفاقية القارية الإفريقية للتجارة الحرة، والتي تهدف إلى دعم التجارة داخل إفريقيا، من خلال خلق سوق واحدة للسلع والخدمات، ويوفر الفرصة لتطوير صناعة التحويل والتصنيع داخل القارة.
وخلصت “سي.إن.إن” إلى أن ميناء الداخلة الأطلسي العملاق ليس مجرد مشروع بناء، بل هو استثمار طويل الأمد في مستقبل الاقتصاد الإفريقي، يعزز التكامل الاقتصادي ويوفر فرصًا جديدة للنمو والتطور.
ويتوافق حديث القناة الأميركية مع العديد من التقارير التي تناولت المشروع وخلصت إلى أنه يمثل أحد مكونات البرنامج الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة، بحيث ستمتد آثاره الإيجابية إلى عموم المملكة وإفريقيا الغربية. حيث يتوقع من هذا المشروع الإستراتيجي، أن يدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية لجهة الداخلة وادي الذهب، في جميع القطاعات الإنتاجية، مثل الصيد البحري، والزراعة، والتعدين، والطاقة، والسياحة، والتجارة.
كما سيمكن الميناء الجديد، من تزويد المنطقة ببنية تحتية لوجيستيكية حديثة ومتطورة ستمكن من استقطاب الفرص المستقبلية، التي يوفرها قطاع النقل البحري على المستوى الدولي.
واختيرت منطقة نتيرفت الواقعة على بعد 40 كيلومترا شمال مدينة الداخلة لاحتضانه، وقد جرى اعتماد تصميم قابل للتطوير والتوسعة لهذا المشروع، حيث سيتم إنشاء الميناء بالمياه العميقة على الساحل الأطلسي، وفقا مكونات ثلاثة: ميناء تجاري على عمق -16م / صفر هيدروغرافي، وميناء مخصص للصيد الساحلي وفي أعالي البحار، وميناء مخصص
ويمثل هذا الميناء أحد مكونات البرنامج الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة، بحيث ستمتد آثاره الإيجابية إلى عموم البلاد وإفريقيا الغربية، وسيشيد هذا الميناء بمحاذاة منطقة اقتصادية تمتد على مساحة تقدر بحوالي 1650 هكتارا، وتهدف إلى تقديم خدمات صناعية ولوجستيكية وتجارية عالية الجودة. كما يضم في تصميمه ثلاثة أحواض مختلفة مخصصة للتجارة، للصيد البحري، فضلا عن إصلاح السفن،
واللافت في المشروع اهتمامه بالكفاءات المغربية حيث تُشرف على إنجازه مقاولات مغربية وكفاءات وخبرات وطنية لصناعة السفن، التي أثبتت نجاحها وتميزها.
واستهدفت الاستثمارات المغربية المباشرة في إفريقيا، بلدان غرب إفريقيا فضلا عن بلدان وسط وشرق القارة. وتمثل أكثر من 50 في المائة من الاستثمارات الصادرة عن شمال إفريقيا التي استهدفت دول إفريقية أخرى خلال الفترة نفسها. ويبرز اهتمام المغرب بالتنمية والتطوير في القارة السمراء عبر تنويع الاستثمارات فيها، وذكر تقرير مشترك لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والاتحاد الإفريقي حول الاستثمار في التنمية المستدامة في إفريقيا، أن المملكة باتت تتصدر قائمة الدول الإفريقية التي حظيت استثماراتها بأكبر انتشار قاري خلال الفترة 2017-2022.
وتعد مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط تعد بين الشركات التي أثبتت استثماراتها أنها مستدامة ولها تأثير كبير على إفريقيا.
وأكد نائب رئيس مجلس الأعمال التونسي الإفريقي المكلف بالعلاقات الدولية عصام بن يوسف، أن المغرب أصبح "قاطرة في مجال الاستثمار بإفريقيا"، ودعا دول القارة إلى "توحيد جهودها" للاستثمار في الأسواق الإفريقية "الواعدة"، على غرار البنوك والمؤسسات المالية المغربية الأخرى.
وعلى مدى العقدين الماضيين سعت العديد من الشركات المغربية إلى تعزيز علاقاتها مع بقية القارة، مما أدى إلى نمو الاستثمار الأجنبي المباشر للمملكة في إفريقيا ثمانية أضعاف فيما بين عامي 2014 و2021.
ويحتل المغرب مكانةً فريدًة للغاية في أفريقيا. وبالنسبة للعديد من المستثمرين الدوليين، وخاصة المستثمرين من أوروبا، إذ أن الموقع الجغرافي للمملكة ومستوى التنمية يجعلانها بوابة للقارة الأفريقية. وفي الوقت الذي بنى المغرب قاعدة صلبة في الصناعة والخدمات، تتجه الشركات المغربية الآن للتوسع إلى الخارج خاصة في اتجاه أفريقيا.
وأشادت دول عديدة بالطفرة التنموية التي تشهدها مدن الصحراء المغربية، فيما باءت كلّ محاولات جبهة بوليساريو الانفصالية للتشويش على هذه الإنجازات بالفشل.
وأشار تقرير نشره معهد 'ستراتفور' الأميركي للدراسات الإستراتيجية والأمنية إلى أهمية الاستثمارات الأجنبية في الصحراء المغربية في تعزيز موقف المملكة بشأن قضيتها الوطنية"، في وقت يتزايد فيه التأييد الدولي للمقترح الغربي حول الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باعتباره الحلّ الأكثر واقعية وجدية.