معبر راس جدير.. ضعف الدولة في وجه الميليشيات

طالما تقبل حكومة الدبيبة سيطرة ميليشيا على بوابة حدودية، بضمنها السيطرة على المطارات، فأن الباب يكون مفتوحا لغيرها لبسط سيطرتها، والتذكير بعرقيتها في معبر آخر.

مما لا شك فيه ان جميع المنافذ البرية والجوية والبحرية لا تخضع لسلطة الدولة الحديثة في ليبيا، لان الدولة تعتمد كليا على المجموعات المسلحة وبالأخص حكومة الدبيبة حيث يقوم بشراء ولائها لأجل البقاء في السلطة. وعندما يحدث اختلاف على مواقع النفوذ بين الميليشيات يقوم الدبيبة بالدفع لإنهاء المشاكل. لذلك نجد الميليشيات تتدافع نحو الاستحواذ على هذه المنافذ لما لها من منافع ولا ننسى قول احد زعماء الميليشيات عقب اسقاط النظام، بان السيطرة على مطار طرابلس افضل من الحصول على وزارة.

معبر راس جدير ليس استثناء، ولأنه نافذة البلاد على تونس التي يذهب اليها غالبية سكان الغرب الليبي للعلاج والسياحة، فان تهريب الوقود بمختلف انواعه الى تونس يتم عبره نظرا لفرق السعر. بالتأكيد هناك مرافئ اخرى بالمنطقة الغربية لتهريب النفط ومشتقاته الى ايطاليا ومالطا، ولان الدولة ضعيفة جدا ولا تستطيع مجابهة الميليشيات المحلية، فإنها تغض الطرف عن ذلك، مكتفية عند الحاجة بذكر المبلغ الخيالي (8 مليار دولار اميركي في السنة) لدعم المحروقات مهددة برفع الدعم عنه، ما يحدث غضبا في الشارع الليبي. ونعلم جيدا ان المستفيد من الدعم هم تجار التهريب ويجب الحد منه قدر الامكان.

الضجة الاعلامية التي رافقت التهريب عبر المعبر هو انه يقع جغرافيا ضمن مكون الامازيغ والذين كما غيرهم يمتلكون مختلف انواع الاسلحة وميليشيات عرقية. عندما حاولت الدولة بسط نفوذها سارع المكون من خلال جناحه العسكري الى طرد الاجهزة الامنية المكلفة بتسيير الامور بالمعبر ما اعتبر تعد سافر على الدولة التي اعلنت اقفال المعبر الى حين السماح لأجهزتها الرسمية بالقيام بعملها، خوفا من حدوث فتنة عرقية تدخلت وزارة الدفاع لإنهاء الموقف بصورة سلمية باشراك الجناح العسكري للأمازيغ في تسيير الامور الى حين وضع تراتيب امنية تبعد شبح الفتنة.

الملفت في هذا الملف ان الامازيغ يرفعون العلم الخاص بهم بالمعبر الى جانب علم الدولة. الأمازيغ مكون اجتماعي لا خلاف في ذلك، ولكن ان يكون له علم (راية) خاص به ويرفعه على كامل تراب المكون، فهذا يعني ان المكون العرقي يريد الانفصال عن الدولة عاجلا ام اجلا. النظام السياسي القائم لم يمنح المكون حكما ذاتيا وبالتالي فان رفع العلم بالمعبر يعتبر عملا ضد الدولة وانتقاصا من هيبتها.

نتمنى ان تتواجد الدولة عبر مؤسساتها الرسمية بمختلف المنافذ لإحكام السيطرة والحد من التهريب لمختلف السلع الى الدول المجاورة نظرا لفروق سعر الصرف. حيث سيتم استقرار الاوضاع الاقتصادية وتحقيق الامن الغذائي.

والى ان تقوم الدولة الحديثة الحاضنة لكل ابنائها بمختلف مكوناتهم العرقية، نتمنى من الجميع عدم جر البلاد في اتون خلافات تفضي الى تشرذم الشعب وتقسيم البلاد. عندما تقوم الدولة بالتأكيد سيتم سحب مختلف انواع الاسلحة واعادة تأهيل منتسبي الميليشيات، اما من خلال الانخراط بصفة فردية في الاجهزة الامنية والعسكرية للدولة، أو اتاحة الفرص لهم بالعمل في المجال المدني. فالبلد للجميع وبالجميع يتم بناءه، ولن يشعر أفراده بالغبن ولهم ممارسة العمل السياسي وفق النظام السياسي الذي يرتضيه غالبية الشعب.