مقايضة العملات بين الإمارات ومصر تخفف الصعوبات المالية للقاهرة

محافظ مصرف الإمارات المركزي يؤكد أن اتفاقية مقايضة العملات بين البلدين تشكل فرصة مهمة لتطوير الأسواق الاقتصادية والمالية بين الجانبين.

دبي - أبرم مصرف الإمارات المركزي الخميس مع البنك المركزي المصري اتفاقية لمقايضة الدرهم والجنيه تزيد قيمتها عن مليار دولار، في إطار تطوير الأسواق الاقتصادية في كلا البلدين، وتشكل دفعة للاقتصاد المصري المتعثر.

وقال الجانبان في بيان إن الاتفاقية تتيح مقايضة العملات المحلية بقيمة اسمية تصل إلى خمسة مليارات درهم إماراتي (1.36 مليار دولار) و42 مليار جنيه.

وتعاني مصر من أزمة عملة صعبة انخفض فيها الجنيه المصري نحو النصف مقابل الدولار منذ مارس آذار 2022 بعد أن كشفت الأزمة الأوكرانية عن نقاط ضعف اقتصادها.

وأودعت الإمارات والسعودية وقطر مبالغ بالدولار في البنك المركزي المصري وتعهدت باستثمارات جديدة كبيرة لتخفيف الصعوبات المالية التي تواجهها البلاد.

وقال محافظ مصرف الإمارات المركزي خالد محمد بالعمى، إن اتفاقية مقايضة العملات بين البلدين تعكس "مدى عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين الإمارات ومصر، وتشكل فرصة مهمة لتطوير الأسواق الاقتصادية والمالية بين الجانبين انطلاقا من حرص القيادة الرشيدة في البلدين الشقيقين على دعم العلاقات الثنائية في المجالات كافة، والعمل بما يحقق المصالح المشتركة التي تنعكس بشكل إيجابي على القطاعات التجارية والاستثمارية والمالية وتعزيز الاستقرار المالي".

وأظهرت بيانات للبنك المركزي المصري تراجع العجز في صافي الأصول الأجنبية 11.1 مليار جنيه (360 مليون دولار) في أغسطس آب إلى سالب 801.3 مليار جنيه، في ثاني تحسن له خلال شهرين.

وتقلص العجز في يوليو تموز 24.9 مليار جنيه. ويرجع كل الفضل تقريبا في التحسن خلال شهري يوليو تموز وأغسطس آب إلى ارتفاع صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية.

وقال محافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله "تعتبر عملية المقايضة حجر الأساس في دعم التعاون المالي بين البلدين بالعملة المحلية".

وساعد السحب من صافي الأصول الأجنبية، وهي أصول البنك المركزي والبنوك التجارية المستحقة على غير المقيمين مخصوما منها التزاماتهم، البنك المركزي على دعم الجنيه على مدى العامين الماضيين. وبلغ صافي الأصول الأجنبية 248 مليار جنيه في سبتمبر أيلول 2021.

العجز المصري تقلص في يوليو تموز 24.9 مليار جنيه ويرجع الفضل في التحسن إلى ارتفاع صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية.

وتحت وطأة الضغط على مواردها المالية، خفضت مصر قيمة عملتها في مارس آذار 2022 وأعقبت هذا بعدة تخفيضات بعدما ظلت تثبت سعر الصرف أمام الدولار لعام ونصف.

وقال صندوق النقد الدولي في ديسمبر كانون الأول إن مصر تمول عجز ميزان المعاملات الجارية عن طريق السحب من صافي الأصول الأجنبية.

وتواجه مصر فجوة تمويلية تراكمية بأكثر من 11 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة، حسب مجموعة غولدمان ساكس المالية الدولية، والفجوة التمويلية بالموازنة هي عبارة عن الفرق بين إجمالي الإيرادات وإجمالي النفقات.

وتأتي مصر في المرتبة الثانية بعد أوكرانيا بين الدول الأكثر عرضة للتخلف عن مدفوعات الديون، حسب تصنيف بلومبيرج إيكونوميكس.

وحسب مؤشرات بلومبيرج، خسرت إصدارات ديون مصر الدولارية نحو 9 بالمئة من قيمتها هذا العام، وهي الأسوأ أداء بين الأسواق الناشئة بعد بوليفيا والإكوادور. كما يقبع العديد من سنداتها في منطقة التعثر، مع ارتفاع العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون لشراء سندات مصر الدولارية بدلاً من سندات الخزانة الأميركية، إلى 1165 نقطة أساس.

وتشهد الأسواق حالة من الاضطراب في التعامل مع ما أصبح أزمة تحدث كل عقد في مصر أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان.

وسيقيّم بنك "جيه بي مورغان تشيس آند كو" خلال 3 إلى 6 أشهر، مدى صلاحية بقاء مصر على مؤشره للسندات، وذلك عقب قراره الأسبوع الماضي بوضع السندات المصرية المدرجة على مؤشره في قائمة المراجعة السلبية.

وجاء هذا القرار بعدما اشتكى مستثمرو السندات الحكومية من عقبات أمام الحصول على عملات أجنبية. وقبل ذلك بشهر، قالت وكالة "موديز إنفستورز سيرفس" إنها توسع نطاق المراجعة لخفض التصنيف الائتماني لمصر.

لكن بعض الجهات لم تصدر كلمتها النهائية بعد بحق توقعات الاقتصاد المصري، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، وذلك بعد نحو عام من تمديد حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار. ولم يكمل الصندوق مراجعته الأولى للبرنامج الاقتصادي في مصر، وهو تأخير حاسم لحكومة تواجه صعوبات في الوصول إلى أسواق رأس المال الخارجية، وغير قادرة الآن على استلام الشريحة التالية من قرض صندوق النقد.

ويتشكك مستثمرو السندات في مصر حول مدى قدرة الدولة التي تعاني من ضائقة مالية على تأمين الأموال التي تحتاجها، خاصة بعدما شهدت واحدة من أكبر موجات بيع السندات في الأسواق الناشئة، ومن دون وجود قواعد سوقية واضحة ترشدهم. ويخشون أيضاً الالتزام المالي مع بلد تذهب نحو نصف إيرادات حكومته على خدمة الدين.

وقال كارلوس دي سوزا، مدير أموال الأسواق الناشئة في شركة "فونتوبيل أسيت مانجمنت" في زيوريخ: “تعكس التقييمات الحالية بالفعل سيناريو عدم اليقين والمحفوف بالمخاطر، الذي تواجهه مصر. لا أعتقد أن خطر التخلف عن السداد وشيك، لكن هذا الوضع قد لا يدوم طويلاً”.

وقالت شبكة بلومبيرج إن السوق باتت متشككا إزاء التعامل مع الأزمة التي تحدث مرة واحدة كل عقد في أكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان.

ووفقا للبيانات التي جمعتها بلومبيرج فلدى الحكومة أكثر من 45 مليار دولار من أصول سندات اليورو ومدفوعات الفائدة المستحقة على مدى العقد المقبل.