منفذ هجوم نيس من منحرف إلى متشدد

عائلة إبراهيم العيساوي المشتبه به في شن عملية نيس تعبر عن صدمتها واستغرابها من أن ينفذ ابنها جريمة ارهابية، مشيرة إلى أنه أصبح متدينا في السنوات الأخيرة.
العيساوي كانت لديه سوابق في أعمال عنف ومخدرات

صفاقس (تونس) - وصل المشتبه به في شن هجوم نيس الخميس إبراهيم العيساوي إلى فرنسا عشية الاعتداء وهو أصبح متدنيا قبل سنتين تقريبا وفق ما تقول عائلته متواضعة الحال التي تقطن حيّا شعبيا في محافظة صفاقس (وسط تونس).

ويقول شقيقه ياسين "هذا غير عادي"، مبديا استغرابه من سرعة وصول إبراهيم (21 عاما) وقيامه بالهجوم.

وتروي الأم قمرة باكية قائلة "عندما قطع دراسته من المعهد عمل في محل لإصلاح الدراجات النارية".

وقُتل في هجوم الخميس في إحدى كنائس كنيسة (جنوب شرق فرنسا) رجل وامرأة بطعنات على يد التونسي إبراهيم العيساوي الذي صرخ "الله أكبر". وتوفيت امرأة أخرى متأثرة بجروح بالغة أُصيبت بها، في حانة قريبة لجأت إليها.

وتجلس والدة منفذ عملية نيس وشقيقه في بيتهما المتواضع تجيب على أسئلة الصحافيين وعلامات الصدمة والذهول الشديدين بادية عليهما من هول ما قام به إبراهيم العيساوي.

وولد العيساوي في عائلة تتكون من سبع بنات وثلاثة شبان في حيّ شعبي بالقرب من منطقة صناعية في محافظة صفاقس، حيث البنية التحتية شبه معدومة.

وتؤكد قمر أن ابنها "جمع 1100 دينار إلى 1200 دينار (حوالي 400 يورو) وأنشأ كشكا لبيع البنزين" على غرار الكثير من الشباب في المنطقة الذين يسترزقون من هذه المشاريع غير القانونية. وبدأ إبراهيم يلتزم الصلاة ويرتاد المسجد خلال السنوات الأخيرة.

وتقول الوالدة بحسرة "منذ عامين ونصف العام أصبح يؤدي الصلاة ويتنقل فقط بين العمل والجامع والبيت ولا يجالس أحدا" من أبناء الحيّ.

وتابعت "كان قبل ذلك يشرب الخمر ويتعاطى المخدرات. كنت أقول له لماذا تنفق أموالك ونحن محتاجون"، وكان يجيبها "إن هداني الله فسوف يهديني لروحي".

ابراهيم العساوي من 'الانحراف' إلى التشدد
ابراهيم العساوي من 'الانحراف' إلى التشدد

وحاول إبراهيم الهجرة بطريقة غير قانونية عدة مرات إلى أن نجح في ذلك. وعند وصوله إلى إيطاليا في محاولته الأخيرة قبل شهر ونصف الشهر أخبر العائلة أنه عمل في قطف الزيتون وفق ما ذكر شقيقه. وأبلغ إبراهيم العائلة بوصوله الأربعاء إلى فرنسا للبحث عن عمل.

ويقول شقيقه ياسين "وصل البارحة (الأربعاء) إلى فرنسا في حدود الساعة الثامنة ليلا... كان في إيطاليا وعمل في الزيتون ثم قرّر الذهاب إلى فرنسا بحثا عن عمل".

وقد شرع القضاء التونسي في التحقيق مع أفراد عائلته. ويقول نائب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس (نائب المدعي العام) محسن الدالي إن المشتبه به "ليس مصنفا إرهابيا لدى السلطات التونسية وغادر البلاد بطريقة غير قانونية في 14 سبتمبر (أيلول) الماضي ولديه سوابق قضائية في أعمال عنف ومخدرات".

وأعلن أيضا أن العيساوي سبق أن اعتقل في عام 2017، عندما كان قاصرا، بسبب أعمال عنف واستخدام سلاح أبيض في المنطقة التي كان يقطن فيها حينئذ.

وتؤكد العائلة أنها لم تكن على علم بمشاريع ابنها الذي وصل كغيره من آلاف التونسيين إلى جزيرة لامبيدوزا بطريقة غير قانونية بحثا عن مستقبل أفضل وهروبا من بطالة وأزمة اقتصادية في بلدهم.

وتنشط محاولات الهجرة من السواحل التونسية في اتجاه أوروبا عبر "قوارب الموت" ويتم توقيف مهاجرين بصورة شبه يومية.

وتبين إحصاءات وزارة الداخلية التونسية أنه منذ مطلع العام الحالي وحتى أواسط سبتمبر/أيلول، حاول 8581 شخصا عبور المياه التونسية في اتجاه السواحل الأوروبية بينهم 2104 من جنسيات أجنبية.

واثر ثورة 2011، تنامت ظاهرة التشدد الديني في تونس وقامت جماعات بهجمات مسلحة في البلاد استهدفت فيها قوات الشرطة والجيش والسياح الأجانب، وأحكمت السلطات منذ ذلك الحين الرقابة على دور العبادة.

كما التحق آلاف المتشددين بتنظيمات متطرفة في بؤر التوتر في سوريا والعراق وليبيا وشاركوا في القتال في صفوف تلك التنظيمات.

وتقدر مصادر أممية عدد الجهاديين الذين انضموا لتنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة فيي بؤر التوتر بنحو 5 آلاف متطرف.