مهرجانات بيت الدين تعود إلى جمهورها ببرنامج غني ومتنوع

المهرجان يجمع بين كبار الفنانين اللبنانيين والعالميين في قصر الأمير بشير الثاني الشهابي الأثري.

بيروت ـ تعود مهرجانات بيت الدين اللبنانية ببرنامج "غني ومتنوع" لدورتها المقررة إقامتها خلال الصيف بعدما غابت قسريا العام الماضي، حيث سيحتضنها قصر الأمير بشير الثاني الشهابي الأثري الذي أكد وزير الثقافة أنه حصل "على دعم خارجي لترميمه".

وأوضحت رئيسة مهرجانات بيت الدين نورا جنبلاط في مؤتمر صحافي أقيم في وزارة السياحة أن البرنامج "يجمع بين كبار الفنانين اللبنانيين والعالميين"، ويشمل "أعمالا أُعدت خصيصا لمهرجانات بيت الدين".

ويتوالى بين الثالث من يوليو/تموز والسابع والعشرين منه، عدد من الفنانين على مسرح قصر الأمير بشير الثاني الذي شيد في القرن الثامن عشر، من أبرزهم الميتزو سوبرانو الأميركية دجي ناي بريدجيز، وثلاث مغنيات طرب من لبنان ومصر وسوريا هنّ جاهدة وهبه وريهام عبدالحكيم ولبانة القنطار، وعازف العود العراقي نصير شمّه، والممثلة والمغنية كارول سماحة في مسرحية "كلو مسموح".

ولفتت إلى أن الهدف الأساسي يبقى هو التأكيد على أهمية الفن والثقافة والموسيقى، لاسيما في لحظات الحروب التي لا تنتهي، والمآسي التي لا تتوقف، متابعة أن "مهرجانات بيت الدين، نجحت على مر السنين بجذب مئات الآلاف من الزوار، مما ساهم في الحفاظ على الإرث الثقافي وهوية لبنان المنفتح الحضاري، وتعزيز الاقتصاد والتنمية".

وكان المهرجان غاب العام الماضي بسبب المواجهات بين إسرائيل وحزب الله على خلفية الحرب في قطاع غزة عقب هجوم غير مسبوق على إسرائيل شنّته حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وتأثرت كذلك بدرجات متفاوتة المهرجانات المماثلة التي تشكّل عنصرا أساسيا في المشهد الثقافي اللبناني، ومن أبرزها مهرجانات بعلبك الدولية، إلاّ أن تستعيد نشاطها هذه السنة بعد هدوء نسبي تتخلله بعض الاختراقات منذ التوصل إلى وقف لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بعد شهرين من الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.

ويرى وزير الثقافة غسان سلامة أن الثقافة لا تجري راكضة وراء السياسة، بل هي تسير بموازاتها. مستقلة عنها، مؤكدة على مسافة محترمة بين السياسي والثقافي، لأن رؤية السياسة شيء، ورؤية الثقافة شيء أخرى"، مضيفا "لذلك، فإن مهرجانات بيت الدين، التي بدأت بإنشاء الوفاق الوطني، قبل أن نقوم بالتوافق عليه بعد ذلك بسنوات، أعطت نموذجا عن تلك المسافة الضرورية بين السياسة والثقافة، مشددا على أنه "لا يجب علينا أن نقبل يوما، بأن تطغى السياسة على الثقافة، ولا يجب علينا في الاتجاه الآخر، أن نجد تفسيرات ومبررات ثقافوية لكل أمر سياسي".

ويُفتتح المهرجان في الثالث من يوليو/تموز المقبل بحفلة أوبرالية مع "بيونسيه الأوبرا" دجي ناي بريدجيز الحائزة جائزتي غرامي والتي وصفتها جنبلاط بأنها "واحدة من أبرز المواهب الصوتية في جيلها".

ويتحول ميدان قصر بيت الدين التاريخي ليلة العاشر من الشهر نفسه إلى قصيدة غنائية ومجلس طربي مبتكر، يُجسد العراقة والرقي، وفق جنبلاط . وتطل كل من جاهدة وهبه وريهام عبدالحكيم ولبانة القنطار، ترافقهن أوركسترا تضم 25 عازفا، في حفلة عنونها ديوانية حب".

وقالت وهبه عن هذا العمل أنه "دعوة إلى الانتماء والى الفرح (…) حيث يكون الجمهور جزءا حيا من المشهد". ويتضمن البرنامج موشحات ومقامات وأغنيات و"لحظات ارتجال من المغنين والعازفين".

وسيكون جمهور المهرجان على موعد في الثامن عشر من يوليو/تموز المقبل مع أمسية موسيقية شرقية عنوانها "مدن النرجس" يحييها الفنان العراقي نصير شمه، بمشاركة عدد من الفنانين العالميين.

وتُعرض على مدى ليليتين المسرحية الغنائية "كلو مسموح" للمسرحي روي الخوري والمقتبسة من "انيثينغ غوز" لكول بورتر التي عرضت للمرة الأولى في برودواي عام 1934 وتضم إلى جانب كارول سماحة، مجموعة من الممثلين والراقصين المحترفين.

ويختتم المهرجان بحفلة موسيقية بعنوان "رَقَصات من حول العالم" تقدمها اوركسترا "لوبام". وتتخلل الحفلة لوحات راقصة يؤديها مازن كيوان وسحر أبوخليل.

ويقام على هامش المهرجان معرضان، أولهما بعنوان "مناظر متحركة" ينظمه متحف بيروت للفن، والثاني نسّقه الخبير في الفن التشكيلي صالح بركات وعنوانه "لا شيء إلا الأزهار" تحية إلى الفنانين اللبنانيين الذين رسموا الأزهار والورود على غرار بيبي زغبي وعمر الأنسي وسواهم.

وبحسب جنبلاط، فإن المهرجانات تولت "مَدى أعوام عدة، ووحيدة، مسؤولية الاهتمام" بهذا القصر الذي يُعدّ من أهم المعالم التاريخية في لبنان، و"ترميم بعض أجزائه وإنارته وإضاءة أقسامه، وساحاته المختلفة خلال فترة المهرجانات".

وكشفت أن "القصر خارج أوقات المهرجانات يفتقر إلى الإضاءة، علما أنه واحد من أبرز المعالم التاريخية والأثرية في لبنان والشرق"، داعية "الجهات المعنية، خصوصا في ظل هذا العهد الجديد للالتفات إلى تحسين أوضاع هذا القصر".

ويرى وزير الثقافة أن قصر بيت الدين "يحتاج إلى اهتمام"، قائلا "رئيس الجمهورية جوزاف عون حدثني اليوم عن هذا الموضوع، أن القصر بحاجة إلى صيانة ورعاية، ويسعدني (…) أن أقول إننا سنبدأ الثلاثاء المقبل دراسة ما هو مطلوب لترميم هذا القصر وإنني حصلت على الدعم الخارجي".

وإذ أثنت جنبلاط على هذه الخطوة، ذكّرت في تصريح لوكالة فرانس برس بأن المهرجان، رغم كل الظروف، "لم يتراجع مرة عن مهمته التي تعكس صورة لبنان ووجهه الثقافي والحضاري والسياحي".

وأضافت أن الحدث الذي انطلق "قبل 42 عاما خلال الحرب اللبنانية (1975-1990) واجه تحديات عدة على مر السنين، لكنه في المقابل استقطب مئات الآلاف من المشاهدين والزوار"، مساهما بذلك "في تعزيز الحركة الاقتصادية والتنمية في المنطقة".