مهرجان عجلون الخامس للشعر العربي يحتفي بمحمد البريكي

المهرجان يكرم الشعراء المشاركين في فعاليات يومه الأول.

انطلق مهرجان عجلون الخامس للشعر العربي في كلية عجلون الجامعية محتفيا بشخصية المهرجان لهذا العام الشاعر العربي محمد البريكي والذي نظمته رابطة الكتاب الأردنيين فرع عجلون بالتعاون مع مديرية ثقافة عجلون، بمشاركة كوكبة من الشعراء الأردنيين والنقاد.

واشتمل حفل الافتتاح الذي أداره الباحث علي العبدي على كلمة الشاعر والناقد الدكتور سلطان الزغول مدير ثقافة أربد ورئيس فرع رابطة الكتاب في عجلون، حيث أكد في كلمته حين قال: إن مهرجان عجلون للشعر العربي بدأ عام 2013 مع الاحتفال باختيار عجلون مدينة الثقافة الأردنية، وأن المهرجان هذا العام  يأتي بالتزامن مع احتفالات المملكة باليوبيل الفضي لعيد الجلوس الملكي.

وذكر الدكتور الزغول إننا نختار شخصية للمهرجان شاعرا عربيا قدم خدمات جليلة للثقافة العربية، وقدم مشروعا شعريا ناضجا، حيث تم اختيار الشاعر العربي محمد البريكي ضيف الأردن هذا العام، مبينا أن مهرجان عجلون للشعر العربي يتميز برشاقته فهو يتضمن جلسة نقدية صباحية تتناول أحد المواضيع المتعلقة بالشعر العربي وثلاث جلسات شعرية يشارك في كل منها أربعة شعراء، لإتاحة المجال لجمهور المهرجان أن يطلعوا بوضوح على نماذج شعرية متنوعة ومكثفة تمثل تجارب شعرية لها احترامها ومكانتها.

وألقى رئيس الرابطة الدكتور موفق محادين كلمة أشاد ببطولات غزة ونضال الشعب الفلسطيني ومن قرأ بعض النصوص الشعرية التي اتسمت بالنفس الصوفي وتجلياته.

ومما قرأ من نص بعنوان: "مبارحة" نختار منه حيث يقول: "امتلأت/ من نفسي/ وصرت/ لا الوجود/يكفيني/ ولا الموت/فلا غبت في جبتي/ ولا تبددت/ فأسر لي خاطري: أقم الصلاة وفم الليل/ إلا قليلا/ فأقمت/ وقمت/ وزدت/ازدلفت/ فازدلفت".

أما الجلسة الثانية ترأسها الشاعر محمد سراج الزغول واشتملت على  تكريم شخصية المهرجان الشاعر العربي محمد البريكي واستهلها الشاعر المحتفى به البريكي بقراءات شعرية تجلّت روحه الشعرية فقرأ قصائد امتازت بالحس الوطني والإنساني معرجا على جراحات غزة ومستذكرا المدن وأثر المكان داخله، وكما من الشعر النبطي الذي لامس شغاف قلوب الحاضرين، ومما قرأ نختار من قصيدة له بعنوان "مَأدُبة على أَنْقاض الدَّمْع" يقول فيها:

"مُعلَّقاً في جُذوعِ الرّيحِ مُنْتَظِرا/كَحِنْطَةٍ جاءَها الفلّاحُ مُنْكَسِرا/لأنَّ غَيْمَتَهُ خانَتْ مَواسِمَهُ/وأَمْطَرَتْ شَرَراً قَدْ ظنَّهُ مَطَرا/وظَلَّ يَبْحثُ لِلزَّيْتونِ عَنْ مَدَر/لَكنْ شَواظَ سَماها أَحْرَقَ المَدَرا/فأيْنَ يَهْرُبُ؟ لا بابٌ سَيُخْرِجُهُ/ولا ضِفافٌ تُناجي أَنْهُراً وقُرى/إلّا أَغانيهِ.. هَذي الأَرْضُ تَمْنَحُهُ/لَحْناً حَزيناً يُناجي العَزْفَ والوَتَرا/يُسائلُ القاذِفَ السِّجّيلَ حينَ أَتى:قُلْ: ما الّذي حَلَّ كَيْ تَسْتَنْهِضَ الشَّرَرا؟/وكَيْفَ جِئتَ إلى مَنْ كانَ مُتَّخِذاً/فَضاءَ غَزَّةَ عُكّازًا لِمَن صَبَرا/غِلافُها صارَ أَسْلاكاً مُكَهْرَبَةً/وعُمْقُها صارَ كالتَّنّورِ مُسْتَعِرا".

مهرجان عجلون الخامس للشعر العربي
مشاركة كوكبة من الشعراء الأردنيين والنقاد

ومن جانبه الشاعر والناقد الدكتور راشد عيسى قدم "إطلالة نقدية على شعر البريكي"، أشار فيها أن الشاعر البريكي انتبه إلى تجربته الشعرية، فقد كانت بداياته حتى يوم تسلّمه إدارة بيت الشعر مكثفة في الشعر النبطي وله في هذا المجال منجز معروف على الصعيد المحلي في دولة الإمارات وفي دول الخليج العربي.

وقال: أما على صعيد الشعر العربي الفصيح فقد توالت إصداراته الشعرية منذ عام 2012 في ديوانه "بيت آيل للسقوط، وبدأت مع البحر، وعكاز الريح، والليل سيترك باب المقهى، ومدن في مرايا الغمام"، ثم ديوان المختارات "متأهبًا للعزف" عام 2023 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.... وهذه المجموعات السّت كافية للكشف عن شعريته وأساليبها الفنية، حيث قرأت قصيدة له تتمثل فيها غربة الجغرافيا وغربة الروح الشاعرية معًا في تماس شفيف مع عذابات الترحال والتوقف بين الحدود والاتجاه بالرؤيا الشعرية نحو سيدة الوجود الحرّية. وسرّني في تلك القصيدة تماوج الحنين فيها بين الشكوى المحمّلة بالكبرياء، وكشف الأغطية السميكة عن أخلاق الاغتراب الذاتي حين يتلاقى مع الاغتراب المكاني، وكانت القصيدة مبنية وفق نظام التفعيلة مع أن شاعرنا كان منغمسًا بشعر الشطرين ومستندًا إليه في بث شعريته. فكانت تلك القصيدة علامة أساسية دالّة على اجتهاده في التجاوز والخروج من نمطية شعر الشطرين التقليدي في خطابته وحماسته وتكرار تراكيبه.

فيما قدم الشاعر والناقد الدكتور سلطان الزغول قراءة نقدية حملت عنوان "محمد البريكي ومدن العرب" ذكر بأن الشاعر البريكي في مجموعته الشعرية "مدن في مرايا الغمام" يجول شعرا عبر مكة والقيروان والقاهرة وبيروت ودمشق وعمّان وطنجة وشنقيط ومسقط، ومدن عربية أخرى، فنتلمس في جولاته لهيب المحبة الزاخر بالجمال. ولا نملك إلا أن نغتبط بهذا النفس العروبي الذي يهدي العاشقين في تقصيه تفاصيل المدن وتتبعه روائحها.

وأضاف: يمضي الشاعر عبر مدن العرب، فيجوب مسقط المدينة الغنية عبر قصيدة تحمل عنوان "مسقط"، ثم يعود إلى النيل من بوابة السودان هذه المرة بقصيدتين تخرج إحداهما عن خط الديوان العمودي للمرة الثالثة. ويختم في القصائد الثلاث الأخيرة بمناجاة وطنه الإمارات، قبل أن يخصّ الباحة وقرطاج بفيض محبته.

وبيّن الزغول بأن الديون يحتضن الأمكنة، ويجول الشاعر فيها بخطى القلب، تقوده روح غنية تتوهّج جمالا. ولا نملك أمامها إلا أن ننحي تحية للشاعر محمد البريكي عاشق مدن العرب الذي يوزّع قلبه في الأنهار والأشجار والحارات والأزقة وهو يحلم بنهار قريب لا بدّ أن يشرق.

الجلسة الثالثة اشتملت على قراءات شعرية للشعراء: مهدي نصير، عمر أبوالهيجاء، وسمير القضاة، وترأس الجلسة الباحث محمود الشريدة، كما تم  تكريم المشاركين قصائد انتصرت لغزة هاشم وجراحات فلسطين وتغنت بطولات الإنسان وأمعن الذات الشاعرة وتأملاتها تجاه الحياة.

واختتمت فعاليات اليوم الأول بتكريم شخصية المهرجان الشاعر محمد البريكي بدرع الرابطة، وكما تم تكريم الشعراء المشاركين في اليوم الأول.