نتنياهو يواجه ضغوطاً متزايدة وسط تهديدات بحل الكنيست

الأزمة لم تعد محصورة في الانقسام التقليدي بين المعارضة والائتلاف، بل امتدت إلى داخل الحكومة نفسها، بعد تهديد حزبي 'شاس' و'يهودية التوراة الموحدة'، بالتصويت لصالح حل الكنيست في حال تم الاصرار على قانون تجنيد الحريديم.
حل الكنيست وتهديد تماسك الحكومة سيؤدي الى ارباك خطط نتنياهو في غزة

القدس - تتزايد الضغوط السياسية على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع تصاعد الخلافات داخل ائتلافه الحاكم، في وقت تمر فيه إسرائيل بواحدة من أكثر مراحلها حساسية، في ظل استمرار الحرب في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، والاحتقان الداخلي المتنامي حول قضايا التجنيد والخدمة العسكرية.
وأعلن قادة المعارضة في الكنيست الإسرائيلي، الأربعاء، عن تقديم اقتراح قانون لحل البرلمان، في خطوة اعتبرها مراقبون تحديًا مباشراً لحكومة نتنياهو، قد تفتح الطريق أمام انتخابات مبكرة. وقال زعماء المعارضة في بيان مشترك إنهم "قرروا عرض اقتراح قانون لحل الكنيست على التصويت، بعد توافق جميع أحزاب المعارضة على المضي في هذه الخطوة".
لكن اللافت هذه المرة أن الأزمة لم تعد محصورة في الانقسام التقليدي بين المعارضة والائتلاف، بل امتدت إلى داخل الحكومة نفسها، بعد تهديد حزبي "شاس" و"يهودية التوراة الموحدة"، وهما من الأحزاب الدينية المتشددة التي تشكل العمود الفقري للائتلاف، بالتصويت لصالح حل الكنيست، في حال تمرير قانون التجنيد الجديد الذي يدفع باتجاه تجنيد المتشددين اليهود وإلغاء إعفاءاتهم التاريخية من الخدمة العسكرية.
ويمثل هذا الانقسام تحدياً غير مسبوق لنتنياهو، الذي يعتمد على هذا التحالف الهش بين أطياف اليمين السياسي والديني، للبقاء في السلطة وسط حرب مفتوحة في غزة، وضغوط دولية متصاعدة، وغليان داخلي بسبب الوضع الأمني والمعيشي.
ويبدو أن رئيس الوزراء يجد نفسه محاصراً بين مطرقة الشارع الإسرائيلي، الذي يطالب بقدر أكبر من المساواة في تحمل أعباء الدفاع والخدمة العسكرية، وسندان الأحزاب المتشددة التي ترفض المساس بمكانة طلاب المعاهد الدينية وتعتبر أي مساس بإعفائهم "اعتداءً على الهوية اليهودية للدولة". هذا التباين يهدد بإسقاط التحالف الحكومي، أو على الأقل تفجير أزمة سياسية قد تؤدي إلى انتخابات مبكرة.
ويحذر البعض من أن سقوط الحكومة الحالية في خضم الحرب في غزة لن يمثل فقط نكسة لنتنياهو، بل أيضاً لعدد من أحزاب اليمين الديني والقومي التي تؤيد استمرار العمليات العسكرية، وتعتبر أن أي تغيير في الحكومة قد يفتح الباب أمام تسويات أو ضغوط لإنهاء الحرب قبل تحقيق أهدافها.
وإذا ما حصل اقتراح حل الكنيست على أغلبية في القراءة الأولى، فسيحتاج لاحقاً إلى تمريره في ثلاث قراءات إضافية داخل البرلمان. لكن مجرد تمرير القراءة الأولى من شأنه أن يعمّق الإرباك داخل الحكومة، ويحدّ من قدرة نتنياهو على اتخاذ قرارات حاسمة في ظل تفكك سياسي محتمل.
وتعود جذور الأزمة الحالية إلى تصاعد الغضب الشعبي من استمرار إعفاء الحريديم (اليهود المتشددين) من الخدمة العسكرية، في وقت تخوض فيه إسرائيل حرباً دامية في قطاع غزة، أودت بحياة مئات الجنود وأثقلت كاهل المجتمع. وقد زاد هذا الغضب مع انكشاف تفاوت التضحيات بين فئات المجتمع المختلفة، ما جعل قضية التجنيد من بين أكثر الملفات حساسية في المشهد السياسي.
وبينما يسعى بعض أعضاء الليكود إلى تبني قانون يفرض الخدمة الإلزامية على جميع المواطنين دون استثناءات دينية، تصر الأحزاب المتشددة على الحفاظ على الوضع القائم، بل وتطالب بضمانات قانونية تمنع أي تغيير مستقبلي في هذا الملف.
وسط هذه التعقيدات، يجد نتنياهو نفسه في وضع لا يُحسد عليه: فإما التنازل للحريديم وخسارة جزء من قاعدته الانتخابية، أو المضي في قانون التجنيد والمخاطرة بانسحاب الحلفاء الدينيين من الحكومة. وفي كلا الحالتين، يبدو أن الانتخابات المبكرة تلوح في الأفق كخيار أكثر ترجيحًا من أي وقت مضى.
في ظل استمرار الحرب في غزة والانقسامات الداخلية، فإن أي انهيار حكومي سيحمل تداعيات أمنية وسياسية خطيرة، وربما يغيّر من شكل الخارطة السياسية الإسرائيلية، ليس فقط على مستوى الائتلافات، بل على مستوى الرؤية العامة لإدارة الصراع وموقع إسرائيل الإقليمي والدولي في المرحلة المقبلة.